عمد الرئيس الأميركي باراك اوباما إلى شن هجوم على منافسه الجمهوري ميت رومني، غداة مناظرة تلفزيونية بينهما، وذلك في محاولة من الرئيس للتعويض عن أدائه الفاتر في المناظرة ومنع خصمه من تسجيل تقدم في استطلاعات الرأي. في المقابل، اعترف المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية ليل الخميس - الجمعة بأن تصريحاته التي صورت سراً واتهم فيها 47 في المئة من الأميركيين بالاعتماد على الحكومة، كانت «خاطئة بالكامل»، وذلك في محاولة منه لكسب مزيد من النقاط بعدما أتت المناظرة مع اوباما لمصلحته. وفي وقت ترددت تكهنات عما إذا كانت مناظرة الأربعاء أضرت بحظوظ اوباما في الفوز في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بادر اوباما إلى اعتماد تكتيك الهجوم، منتقداً خصمه خلال مهرجانات انتخابية في كولورادو وويسكونسن. وكان أسلوب اوباما دينامياً وقتالياً وموجزاً، على عكس أدائه في المناظرة حيث بدا مرشحاً منهكاً تغلب عليه رومني بوضوح. وناشد الرئيس الناخبين ألا ينخدعوا بمحاوره في المناظرة التي تابعها 67 مليون مشاهد والتركيز على «ميت رومني الحقيقي» الذي وعد بخفض الضرائب على الأغنياء. وقال اوباما بحماسة: «إذا أردت أن تكون رئيساً فإنك مدين للشعب الأميركي بالحقيقة»، وذلك أمام حشد من أنصاره الذين يخشون تراجع نسبة التأييد له في استطلاعات الرأي التي كانت تعكس تقدمه قبل خمسة أسابيع من الانتخابات. لكن مساعدي اوباما اقروا بالحاجة إلى «مراجعة جدية» لاستراتيجيتهم قبل المناظرة المقبلة في 16 الشهر الجاري، بعد استغلال رومني أولى المناظرات الثلاث لنفح بعض الأمل في حملته المتداعية. واحتفل رومني بإنجازه في المناظرة بقيامه بزيارة مفاجئة إلى مؤتمر للمحافظين في دنفر في ولاية كولورادو، وحذر من أن سياسات اوباما الاقتصادية ستأخذ الولاياتالمتحدة إلى مصير يشبه مصير أوروبا المثقلة بالديون. وقال رومني: «اعتبرت أن رؤية الرئيس تتمثل بحكومة تساعد الشركات، ولا اعتقد أن هذا ما تؤمن به أميركا». وأضاف: «بدلاً عن ذلك، إنني أرى ازدهاراً ينبثق من الحرية». وتابع رومني جولته في ولاية فرجينيا، وهي من الولايات الأساسية التي لم تحسم خيارها، برفقة مرشحه لمنصب نائب الرئيس بول راين. دعم مؤيدي حمل السلاح وحصل المرشحان لاحقاً على دعم «الجمعية الوطنية للبنادق» وهي أقوى مجموعة ضغط من اجل الحق بحمل سلاح في الولاياتالمتحدة وسبق أن تواجهت مع اوباما مرات عدة. غير أن الرئيس سعى إلى البناء على ردود غفل عن استخدامها ضد حجج رومني الذي استعد جيداً للمناظرة، بما فيها حول تأكيده وقف المساعدات الحكومية لقناة «بي بي أس» التي أطلقت خصوصاً شخصية الطير الكبير الشهير في برنامج «شارع سمسم» للأطفال الذي حقق انتشاراً كبيراً. وقال اوباما في بلدة ماديسون الجامعية في ويسكونسن: «سيتخلص (رومني) من الضوابط على شارع الأعمال وول ستريت لكنه سيلاحق شارع سمسم. لحسن الحظ نجد أخيراً من يلاحق الطير الكبير». كما علق الرئيس على تصريح رومني الأربعاء بأنه لم يسمع أبداً بإعفاءات ضريبية لشركات تنقل الوظائف إلى الخارج وإنه سيحتاج إلى محاسب جديد إن صح الأمر. وقال أوباما: «يبدو انه على ما يرام مع محاسبه الحالي» في إشارة متهكمة إلى الترتيبات الضريبية المعقدة التي يعتمدها رومني في حسابات خارج البلاد والتي يركز عليها الديموقراطيون للإشارة إلى انه لا يعبأ بمتاعب الطبقة الوسطى. ووعد كبير مساعدي أوباما ديفيد اكسلرود بمراجعة تكتيكات الحملة قبل المناظرة المقبلة في جامعة هوفسترا في نيويورك، وقال إن نفي المرشح الجمهوري الحقائق جعل التعامل معه صعباً في مناظرة. وقلل مستشار أوباما ديفيد بلوف من احتمال إعادة رومني خلط الأوراق بعد أدائه البارز في الحملة التي كان اوباما يتصدرها في الاستطلاعات الشاملة وفي ساحات المعركة الحاسمة. واتفق المراقبون المستقلون على أن التحويرات الأفدح للوقائع في مناظرة دنفر بدرت عن رومني. وقال الخبير في شؤون الكونغرس في مؤسسة «بروكينغز» للأبحاث في واشنطن توماس مان إن «مدققي الوقائع سينهمكون في تناول كلام رومني». وتابع: «لقد كذب بوقاحة مرات عدة وهذا قد يغير الأمور في الأيام التالية».