استوقفتني القصة الصحافية التي نشرتها «الحياة» الأربعاء، حول مديرات المدارس في المنطقة الشرقية، اللاتي وافقن على استقبال المعلمات وتجهيز «أماكن موقتة»، لاحتضان أبناء المعلمات، في الوقت الذي تترقب فيه المعلمات صدور موافقة رسمية على إنشاء حضانات في المدارس، كما جاء في القصة. وزارة التربية والتعليم وعدت بتكوين لجنة لدرس إنشاء حضانات في فروع التربية في المناطق. ووصفت المعلمات هذا الوعد بأنه «محاولة لامتصاص الحال النفسية التي تسود بين المعلمات»، مشيرات إلى أن إنشاء اللجنة «يتطلب وقتاً طويلاً، وربما يستغرق ذلك أكثر من عامين»، بحسب معلمات في مدارس الشرقية. حسناً، الموضوع له أوجه كثيرة، فلو تحدثنا بهدوء وحياد، هل يمكننا التساؤل عن الإطار الذي تضع فيه الأسرة السعودية علاقتها بالعمالة المنزلية سواءً السائقين أم العاملات داخل المنزل؟ هل يتضمن هذا الإطار علاقة واضحة لمهارات العاملات تحديداً والمطلوب منهن؟ فأنا أفترض أن من تترك فلذة كبدها بين يدي امرأة، ستكون أولاً واثقة من عقلية ومهارات هذه المرأة، ثم يجب أن تكون واثقة من وتيرة علاقتها بهذه العاملة ثابتة، فلا يمكن أن تطلب منها أن تكون جليسة طفل لنصف نهار طوال سنوات من عمره، وأن تكون حنونة رؤومة، وهي لا تتعامل معها على أساس أنها «المرأة التي أترك عندها طفلي أو أطفالي كل يوم». حادثة الطفلة تالا الشهري شنيعة ومؤلمة، وكل قلب فيه ذرة من إنسانية تألّم من أجل العائلة المكلومة، لكن بما أنها فتحت الباب مشرعاً أمام نقاش تمحور حول العاملات ودور الحضانة، فلا بد أن نناقش علاقة البعض مع بعض العاملات، التي تتسم بغموض يتكئ على نمطية الممارسة، فبعض السيدات يتركن أطفالهن عند هذه الغريبة المتعاقد معها على أعمال منزلية بعد أيام أو أسابيع من قدومها، ويدخل في ذلك حسن النية من جهة، والجهل بثقافة الآخر من جهة أخرى، ولم يكن الحل عند البعض تقييم أعصاب ومهارات العاملة، بل كان استهلاكياً غريباً بأن باتت الأمهات يضعن كاميرات مراقبة سرية، ورأينا مقاطع مؤلمة سربت منها. في أماكن أخرى من العالم لا يترك الوالدان أطفالهما إلا لدى من يعرفون، أو لدى من تحصل على أكثر من توصية ممن يثقون فيهم، وهما يتركونهم لساعتين أو ثلاث لحضور مناسبة أو شيء من هذا القبيل، وأصبح لديهما ما يشبه العرف في تقييم من يتقدم لهذه المهمة. لا يمكن أن تكون العاملة مربية، فهذه مهنة أخرى تماماً، ولأن الغالبية لا يستطيعون تحمل تكاليف الاثنتين تم دمجهما على طريقة «اثنين في واحد»، أما قضية الحضانة فللحديث صلة. [email protected] @mohamdalyami