بعد مرور حوالى عامين على تنظيم أكبر تظاهرة مغربية في الدارالبيضاء نددت بمواقف الحزب الشعبي الإسباني في التعاطي وملفات مغربية، لم يجد رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي بديلاً من التوجه إلى الرباط برفقة أكثر من نصف أعضاء حكومته المحافظة للإعلان عن فتح صفحة جديدة. المناسبة بدء أعمال اللجنة العليا المشتركة التي استضافتها الرباط أمس والتي تعتبر الإطار السياسي للمشاورات وإبرام الاتفاقات بين البلدين الجارين المرتبطين بمعاهدة صداقة تشمل مجالات التعاون العسكري والأمني والاقتصادي والثقافي. غير أن رئيس الحكومة الإسبانية الذي حافظ على تقليد أن تكون أول زيارة له خارج بلاده إلى المغرب يزور الرباط للمرة الثانية ومدريد تعاني تداعيات أزمة اقتصادية ومالية خانقة، ما يرجّح أن يكون بحثه في دعم الاستثمارات الإسبانية في المغرب مقدمة لتطمين الشارع الإسباني بأن المخاطر التي تهدده «لم تعد آتية من الجنوب»، كما كان يردد رفاقه المتشددون في الحزب، ولكنها نتاج تفاعلات محلية ودولية لم تسلم منها أعتى البلدان الغربية. ومهّد رئيسا الحكومتين المغربية عبدالإله بن كيران والإسبانية ماريانو راخوي للاجتماع السياسي بحوار اقتصادي ضم فاعليات من رجال الأعمال في البلدين والذين التقوا بعدما تحولت مدريد إلى الشريك التجاري الأول للمغرب بعدما كانت فرنسا تحتكر الصدارة. وردد بن كيران وراخوي معاً كلاماً مشجعاً يحض على اغتنام فرص الاستثمار في البلدين. لكن راخوي يعول على انفتاح أكبر من الرباط لناحية تجديد اتفاق الصيد الساحلي المبرم بينها والاتحاد الأوروبي. وسارعت مدريد بعد اندلاع أزمة بين الرباط وبروكسيل لدى طلب الأخيرة تعليق العمل بالاتفاق لاعتبارات سياسية وبيئية، إلى الوساطة لدى شركائها الأوروبيين لمعاودة النظر في قرار البرلمان الأوروبي. وأبدى المغرب حرصاً على تجديد الاتفاق بما يكرس سيادته على كل السواحل الممتدة إلى المحافظات الصحراوية. وسيكون ملف الصحراء والوضع في منطقة المغرب العربي ومسار التحولات في بلدان الشمال الأفريقي حاضراً في المحادثات السياسية التي يعول البلدان على الارتقاء بها إلى مصاف الحوار الاستراتيجي الدائم. كذلك يُتوقع أن يناقش البلدان أزمة مالي وتنامي المخاوف من تزايد نفوذ الحركات الإسلامية المتطرفة في بلدان الساحل والصحراء. واستبعدت المصادر أن تبحث القمة المغربية - الإسبانية في أفق حل عاجل لمشكلة مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين. لكن الرباط ما زالت متمسكة بطرحها الذي يدعو إلى تشكيل خلية عمل لدرس عودة المدينتين إلى السيادة المغربية مع الحفاظ على المصالح الإسبانية.