تبدو فكرة إنجاب طفل هذه الأيام «حذرة» لدى البعض في ظل ازدياد حجم الأخطاء الطبية التي يشهدها بعض المستشفيات في السعودية وراحت ضحيتها مشاعل التي أرادت تحقيق حلم الأمومة، لكن خطأ يد الطبيب جعلت من مولودها فاقداً للبصر. ولم يخطر ببال مشاعل أن الزيادة السكانية ستكون سبباً في أن يحيا طفلها من دون أن يبصر، وخصوصاً بعد تصريحات الناطق الإعلامي للشؤون الصحية في الرياض سعد القحطاني ل «الحياة»، بأن ازدياد الأخطاء الطبية يعود إلى الزيادة السكنية. وحمّل القحطاني وسائل الإعلام دوراً مهماً وحيوياً لزيادة «وعي المواطن» بالمسببات المؤدية لحدوث الأخطاء الطبية. ولكن مشاعل تعتبر تبرير المسؤول الإعلامي للشؤون الصحية في الرياض «غير منطقي»، كونها انجبت طفلها معافى، إلى أن أفقده خطأ الطبيب المعالج حاسة النظر. وتقول: «كنت أقرأ كثيراً عن تأثير الأوكسجين على عيني الطفل في الحضانة التي من المفترض أن تكون مغطاة أثناء وجوده فيها كي لا تؤثر على الشبكية لكن الطبيب كان يرفض ذلك بحجة أنه أعلم مني بنسبة الأوكسجين وتأثيره على الطفل». وبعد شهر من وجوده في الحضانة تحقق خوف الأم «الواعية» وفقد طفلها البصر، وبعد 4 سنوات من ولادته ما زالت مشاعل بين المحاكم واللجان الشرعية الطبية التي أثبتت جميعها أنه «خطأ طبي» لكن المستشفى الذي ولدت فيه يرفض تسليم التقرير الطبي. وأوضحت نائبة مديرة مركز التأهيل الشامل للإناث في جدة بتول باعشن أن كثيراً من حالات الإعاقة في المركز تُصنف تحت بند «الإعاقات منذ الولادة»، مضيفة ان ذلك «ليس قلة وعي في المجتمع بدليل الإقبال على الفحص قبل الزواج إنما يعود لأخطاء طبية تحدث أثناء الولادة». وبينت باعشن أن خلال سنة واحدة بعد الانتقال من المبنى القديم لمركز التأهيل الشامل إلى المبنى الجديد استقبل المركز ما يقارب 56 حالة إعاقة جديدة، وقائمة الانتظار طويلة على رغم أن المركز لا يستوعب أكثر من 350 حالة إعاقة. وشهدت الأعوام الخمسة الأخيرة في السعودية تزايد أعداد حوادث الأخطاء الطبية المنظورة من قبل الهيئات الصحية الشرعية، والتي يطالب المختصون القانونيون بأن تكون مستقلة إدارياً عن وزارة الصحة. وقال المستشار القانوني كاتب الشمري: «إن عملية المرافعة القانونية ضد الأخطاء الطبية تعتمد على ما حدده نظام مزاولة المهن الصحية ولائحته التنفيذية الصادر بالمرسوم الملكي عام 2005، والمستندة الى التطويل في إجراءات التحقيق والمحاكمة في الخطأ الطبي». وعزا الشمري سبب الإطالة في إجراءات التحقيق إلى أن العملية تعتمد على رفع الشكوى إلى لجنة مبدئية في الهيئة الصحية الشرعية يجري تشكيلها بأمر من مدير الشؤون الصحية للمستشفى الذي ارتكب الخطأ الطبي. ورأى الشمري أن من الواجب أن تكون الهيئة الصحية الشرعية مستقلة عن الإدارات التابعة للشؤون الصحية حتى تكون قراراتها محايدة. وشدد على ضرورة وجود محاكم تعنى بالقضايا الطبية مكونة من قضاة وأطباء محايدين ومؤهلين تأهيلاً مهنياً مناسباً كل في مجال اختصاصه للفصل في كل ما يتعلق بالأخطاء الطبية التي ترتكبها المستشفيات والمستوصفات الحكومية منها والخاصة.