142 ألف ثري يبحثون عن وجهة جديدة    "المتاحف" تحتضن معرض العبقري "هوكوساي" للفن المعاصر    عام التأثير.. الأثر الذي لا ينتهي    إستراتيجية لتعزيز السياحة البيئية بمحمية الملك عبدالعزيز    تشديد العقوبات الأميركية يحد إمدادات النفط الروسية للصين والهند    جسم بشري بعقل إلكتروني!    برعاية خادم الحرمين.. مدارس الرياض تحتفي بذكرى تأسيسها    اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.. والإفراج عن الرهائن على مراحل    ثلاثة قتلى في سورية بضربة إسرائيلية استهدفت قوات السلطة الجديدة    رابطة العالم الإسلامي ترحّب باتفاق وقف إطلاق النار في غزّة    لاعبو الخلود: لعبنا بثقة أمام الأهلي    العدالة والعربي في قمة ملتهبة.. الزلفي يلاقي نيوم    مجلس شراكة سعودي - سنغافوري    مقتل سعودي في محافظة الكرك بالأردن    تسخير التقنية والذكاء الاصطناعي في أعمال الدفاع المدني    متحدث الداخلية يؤكد أهمية تكامل الجهود الإعلامية بمنظومة الحج    مدير الأمن العام: أمن وسلامة ضيوف الرحمن ركيزة أساسية    الغامدي يصدر قراره بتمديد تكليف العتيبي مديراً لإدارة الخدمات المشتركة    ارفع رأسك فوق.. أنت سعودي    سعود بن بندر يطلع على جهود الأمر بالمعروف بالشرقية    الدارة جسر حضاري    «إثراء» يطلق أضخم ماراثون للقراءة بمشاركة 19 مكتبة عربية    فليم فلام    المعتدي على الآخرين    ندوة (الإرجاف وسبل مواجهته)، في نسختها الثالثة    إنجاز طبي سعودي.. تطوير دعامة لفقرات الرقبة    قافلة تجمع الرياض الطبية تنطلق السبت إلى الخرج    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يجري استبدال مفصل ركبة بتقنية الروبوت الجراحي    وزير الخارجية يصل تايلند في زيارة رسمية    مركز الملك سلمان يواصل إغاثته للشعب السوري    آل باعبدالله وآل باجميل يحتفلون بعقد قران عبدالرحمن    الفنان عبدالله رشاد يحتفل بزفاف أسرار وإياد    تدشين جمعية التنمية الزراعية بالمدينة المنورة    إتاحة خدمة الدفع Google Pay    السيولة في الاقتصاد السعودي تنمو خلال عام ب 275 مليار ريال    «البلاد» ترصد أسرع 20 هدفًا في تاريخ الدوري السعودي    3000 موقع جديد في سجل التراث العمراني    الإعلامي إبراهيم موسى يحصل على دبلوم إدارة الأعمال    أمير الشرقية يرأس اجتماع مجلس أمناء «قبس»    أنشيلوتي.. المدرب الذي كسر القاعدة    رئيس وزراء سنغافورة يستقبل سمو وزير الخارجية    تعزيز مكانة محمية الملك عبدالعزيز البيئية والسياحية    محمية الملك عبدالعزيز تطلق إستراتيجية لتعزيز مكانتها البيئية والسياحية    أمير القصيم يؤكد على السلامة المرورية    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال11 لمساعدة الشعب السوري    الشتاء.. نكهة خاصة    الذكاء الاصطناعي يتنبأ بمكونات الوجبة المثالية    وللشامتين الحجر!    ابتكاراً لضيوف الرحمن    أيام قبل وصول ترمب!    إنطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين"    صلاح للأهلي    لا تنمية دون تصنيع!    كشف الحساب السعودي من أجل فلسطين... والحقيقة    السعودية ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتثمن الجهود المبذولة من قطر ومصر وأمريكا    رئيس الوزراء القطري يعلن موعد تنفيذ «صفقة غزة»    الامير سعود بن نهار يلتقي وزير التنمية الاجتماعية لجمهورية سنغافورة    دوري روشن: الخلود يسقط الاهلي بهدف دون رد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليست تلك هي السبيل!
نشر في الحياة يوم 02 - 10 - 2012

لا يستقيم عقلاً أن تكون إيران طرفاً في اللجنة الرباعية التي تشكلت باقتراح من الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، للبحث عن مخرج للأزمة الطاحنة التي تفتك بالشعب السوري، وتقوّض الدولة السورية من الأساس، وتدمّر ما لها من كيان وإنسان. إن إيران طرف أصيل وفاعل ومؤثر ومشارك في صنع الأزمة في سورية. فكيف تكون هي عضواً في لجنة مهمتها إيجاد حل لهذه الأزمة؟
هناك خلل ما في المعادلة التي انبنى عليها تشكيل اللجنة الرباعية من مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا وإيران، يؤشر إلى اهتزاز في الرؤية إلى طبيعة ما يجري على الأرض، وإلى الخلط بين ما هو واقعي وما هو نظري. لأن المرحلة الخطيرة التي تمر بها سورية قد تجاوزت مثل هذه الطروحات. كما تجاوزت هذه المر حلة إيفاد المبعوث الدولي السيد الأخضر الإبراهيمي إلى المنطقة. فلن يفلح هذا المبعوث في اختراق جدار الأزمة للوصول إلى تسوية ما مهما تكن براعته الديبلوماسية. ولقد كان صادقاً مع نفسه حينما صرح أياماً قبل وصوله إلى القاهرة ثم دمشق، بأن مهمته شبه مستحيلة، بما يعني أنها مهمة فاشلة ابتداءً. ومع ذلك أقدم على تنفيذها، وكأنه يسوق نفسه إلى الفشل، أو يلقي بنفسه إلى التهلكة. وهو أمر غريب من ديبلوماسي عرك الحياة وعاركته، وتقلّب في مناصب عدة، بدأت من سفير لبلاده الجزائر في القاهرة بعد الاستقلال، ثم سفير بلاده في كل من الخرطوم ولندن، ثم أميناً عاماً مساعداً لجامعة الدول العربية، فوزيراً للخارجية، قبل أن يعيّن مبعوثاً دولياً في مناطق ساخنة شتى من العالم، منها لبنان وأفغانستان والصومال والعراق. وإذا كان قد أحرز نجاحاً في بعض من تلك المهمات الدولية، فلأن الظروف في تلك الفترة كانت تساعد على إحراز قدر من النجاح، وهي تختلف كلياً عنها اليوم، من وجوه عدة، منها أن الأمر يتعلق الآن بالنظام السوري الذي لا نظير له إطلاقاً في الجرائم التي يرتكبها، وفي تعقيداته الغامضة، وفي ارتباطاته المشبوهة، وفي امتداداته عبر الإقليم.
إن هناك قدراً من الارتجال يلف المبادرة التي طرحتها مصر للخروج من الأزمة السورية، وإن كان هذا لا يطعن في صدق النيات. ولكن النيات الحسنة لا تقود دائماً إلى السلامة. ربما يعود ذلك الارتجال إلى نقص في الخبرة السياسية وإلى حداثة التجربة في العلاقات الدولية. وفي كل الأحوال، فإن الوضع في المنطقة يسير في الاتجاه المتصاعد نحو المزيد من التدهور والتأزم، مما يقتضي المصارحة المطلقة والمكاشفة التامة ومواجهة الحقائق على الأرض بمنتهى الشجاعة الأدبية. إن التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية الإيراني السيد علي أكبر صالحي باللغة العربية من القاهرة، بأن الأزمة السورية لا سبيل لحلها إلا من خلال السوريين أنفسهم ومن دون تدخل أجنبي، له دلالة واحدة، وهي إعلان فشل اللجنة الرباعية من جهة، والدفع في اتجاه استمرار الأزمة لإطالة عمر النظام القمعي الطائفي الذي أوشك على الانهيار فعلاً، وهو ما يحقق هدفاً من الأهداف التي تخدم مصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة انطلاقاً من سورية ولبنان. فكلما طال عمر نظام عائلة الأسد وعصابتهم في سورية، كان ذلك في مصلحة إيران. وكلما تعثرت الجهود الديبلوماسية التي تبذل لحل الأزمة، توافرت لطهران الفرصة لاستمرار وجودها في المنطقة للهيمنة على شعوبها وللانطلاق منها إلى الدول العربية الأخرى لنشر المذهب الطائفي، وللترويج لمبادئ الثورة الإيرانية، مما يؤدي إلى السقوط في مستنقع الطائفية التي تؤدي إلى خراب الديار وفساد العقول وضياع فرص التنمية. ولذلك، فإن كل اقتراح يرمي إلى إطالة أمد الأزمة المشتعلة في سورية، أياً كان مصدر هذا الاقتراح، يخدم في الأساس مصلحة إيران ومصلحة النظام الطائفي الاستبدادي الذي يقتل شعبه المُطالب بالحرية والكرامة والعدالة.
هنا يُطرح سؤال نرى أنه من الأسئلة الملحّة في هذا الوقت: ما البديل وقد انسد الأفق وأُغلقت الأبواب في وجه الحل الديبلوماسي؟ البديل هو الدعم الفوري غير المحدود وعلى كل المستويات، للمعارضة السورية، والوقوف إلى جانب الشعب السوري الذي يقتل يومياً، وذلك عبر مسارات كثيرة مفتوحة أمام من أراد مساندة هذا الشعب المنكوب، ومساعدة اللاجئين السوريين في دول الجوار بشتى الطرق، ومواصلة الضغط على القوى العظمى المترددة حتى تتخذ موقفاً صريحاً وحاسماً يعجل في إسقاط النظام، مع بذل المساعي لإقناع المعارضة المسلحة بضرورة اليقظة حتى لا يفسح في المجال أمام الجماعات المتشددة ذات التوجهات المتطرفة لفرض وجودها على الثورة السورية، مع السعي من أجل جمع صفوف المعارضة في الداخل والخارج. وجمع الصفوف ليس هو التوحيد الجامع الشامل الذي ليس في الإمكان، لاعتبارات كثيرة منها ما يعود إلى طبيعة النظام السوري الذي ألغى السياسة في البلاد منذ 1963 حين احتكر السلطة وتمسك بها بيد من فولاذ، وعطّل التفكير السياسي، ومنع النشاط السياسي إلا في إطار الحزب الحاكم، فأفسد البلاد والعباد. وإنما المطلوب في هذه المرحلة، هو التوافق حول الأهداف الاستراتيجية، وهي إسقاط النظام وعدم القبول بالتفاوض معه، وإقامة الدولة السورية الديموقراطية المدنية التعددية التي تستوعب جميع أطياف الشعب السوري من دون استثناء ويسود فيها القانون.
لا بد من أن يسقط النظام الطائفي في دمشق. ولا بد من أن يعاقب المجرمون قتلة الشعب السوري. ولا بد من لجم طموحات إيران التوسعية مذهبياً وعسكرياً في المنطقة. وتلك هي السبيل إلى إنقاذ الشعب السوري من القتل الهمجي اليومي، وإنقاذ الدولة السورية من الانهيار التام، وإنقاذ المنطقة من مزيد من التوتر والتأزم وانسداد آفاق الوئام والتصالح والتنمية.
* أكاديمي سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.