سعى خطباء الجمعة في ليبيا أمس إلى ثني المواطنين عن المشاركة في تظاهرات كان منظموها يريدونها للاحتجاج على انتشار الميليشيات المسلحة الخارجية عن سلطة الدولة، في تكرار لما حصل في بنغازي قبل أيام عندما هاجم محتجون مقرات ميليشيات إسلامية وطردوها خارج عاصمة شرق البلاد. وجاءت دعوة مشايخ المساجد إلى التهدئة أمس خشية وقوع مواجهات بين المحتجين ومقاتلي جماعات الثوار في العاصمة طرابلس. وتزامن ذلك مع تأكيد رئيس المؤتمر الوطني العام الدكتور محمد المقريف أمام الأممالمتحدة أول من أمس الخميس أن ليبيا ستكون «أرض سلام وأمن وقوة داعمة من أجل السلام في العالم». وذكّر المقريف في كلمته أمام الجمعية العامة في نيويورك بالموقف الذي قام به العقيد الراحل معمر القذافي من على منبر الجمعية نفسه حين مزّقه نسخة من ميثاقها قائلاً: «إنه لا يعترف بسلطة الوثيقة». وأضاف المقريف في كلمته التي نقلتها وكالة الأنباء الليبية أنه اليوم يقف على المنصة ذاتها ليؤكد تأييد ليبيا لميثاق الأممالمتحدة واحترامها له. وقدّم إعتذاره أمام العالم لما سببه القذافي «من أذى وإجرام في حق الكثير من الأبرياء وما مارسه من ابتزاز وإرهاب في كثير من الدول». وتابع: «أن الشعب الليبي عازم على بناء دولة تُحسن الجوار، وتحترم التزاماتها الدولية، وحقوق الإنسان، وتؤمن بأن السلام الحقيقي لا يستتب في العالم ما لم يكن ضمير كل فرد فيه مفعماً بالسلام»، مؤكداً «أن ليبيا ستكون أرض سلام وأمن وقوة داعمة من أجل السلام». وأفادت وكالة «رويترز» من طرابلس أن خطباء المساجد دعوا إلى التخلي عن مسيرات كانت مقررة أمس ضد الميليشيات المسلحة خشية أن تؤدي إلى تجدد سفك الدماء. ويتوافق هذا الموقف مع بيان أصدره مفتي ليبيا الشيخ صادق الغرياني واعتبر فيه أنه يجب وقف مسيرات الجمعة لأنها لن تكون مؤمنة. وقال الغرياني: «إني أدعو الناس إلى عدم المشاركة في هذه المسيرة كي لا يُسفك الدم». وأضاف: «هناك بعض الناس الذين يريدون أن يستخدموا هؤلاء المحتجين للتسبب في عنف». وفي مسجد شارع الزاوية في وسط طرابلس دعا خطيب الجمعة المصلين إلى الالتزام ببيان المفتي وتجنّب الاحتجاجات لأنه لا يمكن ضمان أن تبقى سلمية. وذكرت «رويترز» أن خطباً مماثلة ألقيت في مساجد طرابلس وبنغازي. وأعلنت وزارة الداخلية الليبية وضع قواتها في حال تأهب قصوى بدءاً من الخميس لمنع وقوع أعمال عنف. وأطلق الداعون إلى الاحتجاجات إسم «جمعة إنقاذ طرابلس» على غرار «جمعة إنقاذ بنغازي» للتخلص من الميليشيات المسلحة فيها. لكن جماعات الثوار هددت بأنها ستحشد مناصريها في مسيرات مقابلة إذا حاول المحتجون اقتحام مقراتها، كما حصل في بنغازي ضد جماعة «أنصار الشريعة» وضد كتيبتين أخريين منضويتين في إطار القوات الحكومية لكن عناصرهما من المقاتلين الإسلاميين (كتيبة رأف الله السحاتي وكتيبة 17 فبراير). واستباقاً لمسيرات الجمعة، شدد رئيس الوزراء الليبي المنتخب الدكتور مصطفى أبو شاقور ليلة الخميس على «أهمية حل التشكيلات العسكرية التي لا تحظى بشرعية الدولة». وأوضح «أن ثوار ليبيا هم حل لا مشكلة»، وأن الحكومة لديها «برامج مبتكرة لاستيعابهم وتأهيلهم». وقال: «نحن في ليبيا مسلمون وسطيون نحترم قيم الاسلام ونقدسها ونحترم ونجل علماءنا وشيوخنا الكرام وهم لهم دور اساسي في بناء الدولة الحديثة التي نطمح لبنائها بسواعد ابنائنا الشباب». وقال: «أنا واثق بإذن الله أننا سنقوم بمعجزة بناء الدولة في وقت قياسي». وأكد نيته «تشكيل حكومة وفاق وطني تلبي تطلعات الشعب الليبي»، وأنها سيعرضها أمام المؤتمر الوطني العام قبل انتهاء المدة التي حددت بتاريخ الثامن من تشرين الأول (اكتوبر) المقبل. في غضون ذلك (رويترز)، قال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الخميس إن الهجوم الذي قُتل فيه السفير الأميركي لدى ليبيا كريس ستيفنز نفذه إرهابيون لكن تحقيقاً يجري في الحادث يتعين أن يحدد أي جماعة ضالعة فيه وما إذا كانت متصلة بتنظيم «القاعدة». وقال بانيتا في مؤتمر صحافي بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي كان «هجوماً إرهابياً». وأضاف: «من الواضح أن مجموعة من الإرهابيين نفذت ذلك الهجوم على القنصلية وأفرادنا. أعتقد أن التحقيق لم يحدد بعد هوية الإرهابيين الضالعين» في الهجوم. وجاءت تصريحات بانيتا بعد يوم من تصريحات لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ربطت فيها على ما يبدو بين هجوم بنغازي ومتشددين على صلة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.