كان أخر ما يتوقعه نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، أن يواجهه يهود عرب، في حملته الدولية التي اطلقها، الأسبوع الماضي في اجتماع الأممالمتحدة في نيويورك، لإقناع العالم بحق يهود الدول العربية بالحصول على تعويضات من الدول التي عاشوا فيها حتى عام 48، قبل وصولهم إلى إسرائيل. فقد خرج يهود عراقيون، يسكنون بمعظمهم في وسط إسرائيل، بحملة واسعة ضد الحكومة الإسرائيلية والحملة التي يقودها أيالون، واعتبروا المعركة الدولية خديعة، تهدف بالأساس إلى تشويه تاريخ هؤلاء اليهود وطموحاتهم. وهددوا بالتوجه إلى المحكمة الدولية معلنين صراحة أن المعركة تقودها الحكومة الإسرائيلية ضد اللاجئين الفلسطينيين على حسابهم. وزارة الخارجية، التي تحاول تجاهل هذه المعركة الداخلية، وصفت انعقاد اجتماع الأممالمتحدة في نيويورك لبحث تعويض يهود الدول العربية، إنجازاً كبيراً في معركتها الدولية، وخطوة أولى نحو تحقيق هدف اعتبار اليهود الذين تركوا الدول العربية عام 48 لاجئين كما اللاجئين الفلسطينيين. العراقيون في إسرائيل شكلوا لجنة اطلقوا عليها «لجنة يهود بغداد» برئاسة الشاعر الموغ بهار، وهو ممن بادروا إلى تشكيلها في أعقاب إطلاق إسرائيل حملة تعويضات يهود الدول العربية. وبالنسبة للعراقيين، كما قال بهار، فإن داني أيالون والحكومة الإسرائيلية ووزراء من اليمين يحاولون «استغلال تاريخنا بطريقة مهينة في ألاعيبهم السياسية» كما قال بهار، وأضاف: «هذه الخطوات خطيرة جداً ونعتبرها القشة التي قصمت ظهر البعير، فهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها محو تاريخنا واستغلاله وتشويهه». وما أثار غضب واستفزاز مطلقي حملة أيالون ما اعلنه بهار عن لجنته بأنها جاءت «لتكون الخطوة الأولى في استئناف المطالبة بتاريخنا، وثقافتنا وأملاكنا أيضاً، ولا نترك للآخرين، ومن ضمنهم الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل، الاستحواذ عليها لصالحهم». موقف اللجنة طرح بشكل تهكمي على الحكومة الإسرائيلية، لكنها كانت واضحة في أنها معركة سياسية، أولاً وأخيراً، ضد اللاجئين الفلسطينيين. وفي توجههم للحكومة قال أعضاء اللجنة:» نشكر الحكومة من صميم قلوبنا على الخطوة السريعة، التي استغرقت 62 عاماً، لكي تعترف بنا كلاجئين بعد فحص كل وثائقنا». وواصلت اللجنة تقول بسخرية:» نقترح عليك الاعتراف بالأشكناز أيضاً كلاجئين لكي لا يخطر ببالهم أن يرسلوا إلينا ضباط وحدة «عوز» الأفاضل (عوز هي الوحدة التي تلاحق اللاجئين الأفارقة في إسرائيل)». وكتبت لجنة يهود بغداد تقول: «نطالب باستعادة أملاكنا من الحكومة العراقية، لا من السلطة الفلسطينية، ونحن غير مستعدين أن يتم تحصيل التعويضات عن أملاكنا مقابل أملاك الآخرين». وطالبت اللجنة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية تفحص صحة ما ذكر عن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، آنذاك، دافيد بن غوريون، أجرى مفاوضات مع رئيس حكومة العراق نوري السعيد عام 1950 أقرت انه يمكنه الاحتفاظ بأملاك يهود العراق إذا أرسلهم إلى إسرائيل؟. كما طالبت اللجنة بالكشف عن الجهة التي أصدرت الأوامر بإلقاء القنابل على كنيس «مسعودة شيمطوب» عام 1950 وإذا كان جهاز الموساد ورجاله هم من فعلوا ذلك، بهدف تخويف اليهود العراقيين حتى يهاجروا. وهددت اللجنة برفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية إذا تبين أن بن غوريون تفاوض على أملاك يهود العراق وأن الموساد هو الذي ألقى القنابل على معبد الطائفة. وقالت إنها ستطلب في الدعوى من الحكومة الإسرائيلية دفع نصف مبلغ التعويضات عن فترة لجوئهم والنصف الآخر من الحكومة العراقية». وقال كوخافي شيمش، إن «حكومة إسرائيل غبية في طرحها هذه الحملة لتحصيل حقوق اللاجئين اليهود من الدول العربية. فاللاجئ القادم من مصر وفقاً للقانون الدولي هو الذي طرد من وطنه. وكذلك الأمر مع اللاجئ العراقي والسوري. ومن يبحث عن حل منصف للاجئين، فأفضل حل هو بإعادتهم إلى أوطانهم. فيعود اللاجئون اليهود إلى الدول العربية، ويعود الفلسطينيون إلى فلسطين، أي إسرائيل اليوم. فهل هذا ما تريده إسرائيل؟ فنحن تعلمنا في المدرسة أننا كيهود عدنا إلى وطننا الأول القديم، أرض الميعاد. فكيف أصبحنا لاجئين في إسرائيل؟!». أيالون حاول تجاهل هذه اللجنة وحملتها ضده وأعلن أن المعركة هي حق لإسرائيل ولليهود. واعتبر انعقاد الاجتماع في نيويورك، على رغم الضغط العربي على الأممالمتحدة لمنعه هو «حدث تاريخي وفريد من نوعه». وذكر مسؤول في الوزارة أن «في أعقاب رفض المطلب العربي توجهت الدول العربية إلى سكرتارية الأممالمتحدة بطلب وضع طاولة على مدخل قاعة الاجتماع لتوزيع بيانات للصحافة، إلا أن هذا المطلب رفض أيضاً». وكان الاجتماع عقد بترتيب وطلب من وزارة الخارجية ووفد إسرائيلي، وصل خصيصاً إلى الأممالمتحدة. وتم بثه بشكل مباشر في قناة الأممالمتحدة تحت عنوان «الرواية التي لم ترو بعد عن الشرق الأوسط: «العدالة للاجئين اليهود من الدول العربية». وشارك فيه كبار المسؤولين في المنظمة الدولية وسفراء دول غربية. وأعلن نائب وزير الخارجية، داني أيالون، الذي يقود الحملة الإسرائيلية لتعويض اليهود انه «يعمل على تحقيق العدالة في الأممالمتحدة للاجئين اليهود الذين عذبوا وطوردوا وصودرت حقوقهم»، على حد تعبيره». وأضاف أيالون: «أن قرار مجلس الأمن 242 يتحدث عن العدالة للاجئين في الشرق الأوسط، وذلك بفضل حقيقة أن مندوب الولاياتالمتحدة في حينه أرثور غولدبيرغ رفض مطلب السوفيات إضافة «اللاجئين العرب» إلى نص القرار. وزعم أيالون أن «الحديث عن تأخير دام 64 عاماً، لكن الحديث عن العدالة والحقائق التاريخية ليس متأخراً».