قررت الحكومة الإسرائيلية الشروع قريباً في حملة دولية واسعة موضوعها «اللاجئون اليهود من الدول العربية» بعد توصية مجلس الأمن القومي لحكومة بنيامين نتانياهو بإدراج قضيتهم ضمن قضايا المفاوضات النهائية مع الفلسطينيين. وفيما أكد مفاوض إسرائيلي أن هدف هذا القرار هو وضع عصي في عجلة المفاوضات المجمدة أصلاً، رفض عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير صائب عريقات الربط بين قضية اللاجئين الفلسطينيين ومسألة اليهود الذين قدموا من الدول العربية لإسرائيل، كما رفضت لجنة يهود العراق في إسرائيل بشدة ربط قضية أملاكهم في العراق مع قضية اللاجئين الفلسطينيين. وكانت إسرائيل خطت خطوة أخرى في محاولاتها مقايضة قضية اللاجئين الفلسطينيين بما تسميه «قضية اللاجئين اليهود» من الدول العربية، إذ لم تعد الحملة محصورة في نائب وزير الخارجية من حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف داني أيالون، إنما تعدتها إلى «مجلس الأمن القومي» الذي أوصى الحكومة بوجوب أن تربط في أي مفاوضات سياسية مع الفلسطينيين في المستقبل بين حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وتعويض «اللاجئين اليهود من الدول العربية». وأوصى المجلس الحكومة بأنه من «اليوم فصاعداً يجب شمل قضية اللاجئين اليهود كقضية جوهرية من قضايا الصراع في المفاوضات على الحل الدائم»، مضيفاً أنه من دون حل مشكلة اللاجئين اليهود، لن توافق إسرائيل على الإعلان عن إنهاء الصراع. ولفتت صحيفة «هآرتس» إلى أن الحملة الجديدة تتعارض والرواية الإسرائيلية الرسمية على مدار عشرات السنين بأن يهود الدول العربية هاجروا إلى إسرائيل طوعاً لدوافع أيديولوجية صهيونية. وأضافت أن التغيير حصل عام 2009 وبعد «خطاب بار إيلان» لرئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي قبل فيه مبدئياً بحل الدولتين، إذ أصدر الأخير تعليماته للرئيس السابق لمجلس الأمن القومي عوزي أراد بالشروع للتحضير لمفاوضات مع الفلسطينيين، فأقام الأخير طاقماً من المؤرخين والخبراء وممثلين عن منظمات يهودية عالمية لبلورة موقف إسرائيل من «مشكلة اللاجئين اليهود من الدول العربية» وجوانبها السياسية والقضائية. ويتبين اليوم أن الطاقم قدم تلخيصاته قبل أكثر من عام لرئيس الحكومة ومسؤولين كبار آخرين وأوصى بإقحام قضية اللاجئين اليهود ضمن قضايا الصراع الجوهرية. وضمن حملة «أنا لاجئ» التي أطلقتها وزارة الخارجية الإسرائيلية أخيراً على صفحات التواصل الاجتماعي «فايسبوك» وموقع «يوتيوب» وبث أشرطة مصورة عن «اللاجئين اليهود» «ومعاناتهم» في بلادهم الأصلية، دعا أيالون ممثلي الإعلام العربي الدولي والأجنبي إلى لقاء معه الأربعاء المقبل لتقديم إيجاز عن «الاعتراف بحقوق اليهود المهاجرين من الدول العربية، كلاجئين». ويأتي هذا اللقاء استمراراً لمؤتمر دولي في هذا الشأن عقد الأسبوع الجاري في القدس، وعشية مؤتمر مماثل سيعقد في نيويورك في 21 الجاري. وفي إطار رد الفعل على التحرك الإسرائيلي، اعتبر عريقات في حديث لإذاعة «صوت فلسطين» أمس أن هذه الوثيقة «جزء من الألاعيب الإسرائيلية ومحاولة للربط بين قضيتين مختلفتين لا إمكانية للربط بينهما». ونقلت عنه وكالة «سما» أن قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين اقتلعوا من أراضيهم نصت القوانين والأعراف والمواثيق الدولية والقرارات الدولية ذات الصلة على إنصافهم وحقهم في العودة والتعويض»، مبيناً أن «الجانب الإسرائيلي يحاول أن يضرب القيمة القانونية للاجئين من خلال هذه المعادلة». وأضاف: «لسنا ضد أي يهودي يريد العودة لبلده الأصلي في المغرب والعراق وليبيا ومصر وغيرها، وباعتقادي لا ترفض أي دولة عربية حق أي يهودي في العودة لأن يكون مواطناً مغربياً يهودياً أو مصرياً يهودياً، وهذه هي الحقيقة». وتابع: «لم أسمع أن هناك دولة عربية ترفض مواطنيها من الأديان المختلفة، وأنا أعلم أن الحكومة المغربية رحبت بذلك، وأن الملك المغربي محمد الخامس أثناء الحرب العالمية الثانية وفر الحماية الكاملة لليهود». واستطرد: «إن هذه محاولة لضرب اللاجئين ومشروعية وقانونية حق العودة، وهي محاولات وادعاءات واهية واهمة لا يمكن أن تخلق حقاً أو تنشئ التزاماً، مع قولنا مرة أخرى إن أي يهودي يريد أن يعود من حيث أتى باعتقادي لا أحد يعارض ذلك، أما الربط بين الأمرين فلا مجال له وقضيتنا مصانة بالشرعية الدولية، وأنشئت منظمة خاصة هي أونروا لمعالجة قضايا اللاجئين حتى تحل القضية من كل جوانبها». من جانبها، طالبت لجنة يهود العراق في إسرائيل بتشكيل لجنة تحقيق في تفجيرات الكنيس في بغداد عام 1950 واتهمت «موساد» بهذه التفجيرات لإرغام يهود العراق على الهجرة إلى فلسطين. ونقلت وكالة «سما» عن اللجنة شكرها الحكومة الإسرائيلية على قيامها السريع بالاعتراف بهم كلاجئين بعد 60 عاماً، لكنها طالبت أيضاً بالاعتراف ب «الاشكناز» كلاجئين «لكي لا يرسلوا لنا وحدة عوز المختصة بمطاردة اللاجئين». وأضافت في بيان: «إن العراقيين سيطالبون بتعويضات من الحكومة العراقية وليس من السلطة الفلسطينية»، موضحة: «لن نقبل خصم تعويضاتنا من أملاك الفلسطينيين».