خيّمت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها السلطة الفلسطينية على مؤتمر الدول المانحة الذي عقد أول من أمس في نيويورك، في وقت عرضت اسرائيل أمام المؤتمر رزمة تسهيلات محدودة اتخذتها بهدف مساعدة السلطة، وإن كان نائب وزير خارجيتها داني أيالون دعا الدول المانحة الى التوقف عن نقل مساعدات مالية الى السلطة على أساس أنها تنقل جزءاً من هذه الاموال الى حكومة «حماس» في غزة التي قال انها تمول بدورها «ارهابيين» وعائلاتهم، محذراً من ان استعداد اسرائيل لمد يد العون للاقتصاد الفلسطيني سيتراجع في حال استمرت السلطة في دعم الارهاب واتخاذ خطوات احادية الجانب في الحلبة الدولية. رزمة التسهيلات الاسرائيلية في هذه الاثناء، كتبت صحيفة «هآرتس» أن إسرائيل زادت في شكل ملموس من نطاق التسهيلات الاقتصادية للسلطة على خلفية عدم الاستقرار في الضفة الغربية بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الاسعار، ما يعرض السلطة للخطر. ولفتت إلى أنه في مؤتمر الدول المانحة، عرض مسؤولون إسرائيليون رزمة الخطوات التي تهدف إلى مساعدة السلطة. وأوضحت أن إسرائيل تخشى من تفاقم الأوضاع وتحول التظاهرات إلى مواجهات عنيفة توجه في نهاية المطاف ضد الجيش الاسرائيلي. وأضافت أن إسرائيل قلقة من التوتر القائم بين الرئيس محمود عباس وبين رئيس حكومته سلام فياض، ومن إمكان أن يستقيل أحدهما، إضافة إلى حال الإحباط المتصاعدة وسط عناصر الأمن الفلسطينية. وتابعت أنه قبل شهور كانت عملية تحويل أموال الضرائب من إسرائيل إلى السلطة محط خلاف عميق في حكومة بنيامين نتانياهو، غير أن إسرائيل سارعت اخيراًَ إلى تحويل الأموال قبل موعدها بشهر، وفي الشهرين الأخير قامت بتحويل نحو 380 مليون شيكل. وأشارت إلى أن هذه الإجراءات قررتها الأجهزة الأمنية وبتوجيهات من وزير الدفاع إيهود باراك، وصادق عليها نتانياهو. وبحسب «هآرتس»، فإن «الدول العربية المختلفة التي تعهدت اخيراً بتحويل 300 مليون دولار إلى السلطة لم تف بالتزاماتها، وأن إسرائيل تعمل الآن على مساعدة السلطة في الحصول على مساعدات من دول أوروبية». ونقلت عن مصدر أمني إسرائيلي كبير قوله إن «السلطة اليوم ليست ما كانت عليه. الأزمة الاقتصادية، إلى جانب الجمود السياسي، من الممكن أن يؤديا إلى انفجار في النهاية، وأن إسرائيل تدرط ذلك، ولهذا تقرر مساعدة السلطة أينما أمكن ذلك من أجل تعزيز مكانتها». وكتبت «هآرتس» أنه في مؤتمر الدول المانحة عرض أيالون وما يسمى «منسق العمليات في المناطق» الجنرال إيتان دنغوط، الخطوات التي قامت بها إسرائيل اخيراً للتخفيف من الأزمة الاقتصادية، وبضمنها المصادقة على 14 مشروعاً في مجال التعليم والصحة في مناطق «ج» التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، وإعطاء تصاريح عمل في اسرائيل لنحو 5 آلاف عامل فلسطيني، ومنح ألفي تصريح مبيت للعاملين في مجال البناء والزراعة، مع الإشارة إلى أن عدد العمال الفلسطينيين الحاصلين على تصريح مبيت داخل اسرائيل لا يزيد على 9 آلاف عامل. وبحسب الصحيفة، فإنه بعد التسهيلات الأخيرة، سيعمل في إسرائيل نحو 48 ألف عامل يحملون تصاريح عمل، في حين أن نحو 26 ألف عامل يعملون في المناطق الصناعية في المستوطنات، ونحو 30 ألف عامل يعملون داخل اسرائيل من دون تصاريح عمل. وقال المسؤولون الإسرائيليون في المؤتمر أن «عملية إزالة الحواجز العسكرية في الضفة تتواصل، إلى جانب خطوات أخرى لتسهيل الحركة أمام الجمهور الفلسطيني». وأضاف دنغوط أن إسرائيل ستسمح تدريجاً بتصدير الأثاث والمنسوجات من غزة إلى الضفة للمرة الأولى منذ عام 2007، وأن إسرائيل سمحت بإدخال مواد بناء تتيح بناء 16 مشروعاً في قطاع غزة بتمويل دولي ذات صلة بالتعليم والسكن والبنى التحتية، كما سمحت بتحويل 100 مليون شيكل من بنك في الضفة إلى غزة لدفع رواتب «غزيين» يعتبرون موظفي سلطة. تصعيد محتمل الى ذلك، نقلت وكالة «سما» عن ما يسمى بقائد «المنطقة الوسطى» في الجيش الإسرائيلي اللواء نيتسان آلون قوله خلال حفلة لمناسبة السنة اليهودية الجديدة، وبحضور رؤساء البلديات وقادة المجتمعات المحلية في المنطقة، ان الوضع الأمني الراهن في الضفة «مستقر عموماً، لكن لا بد من الاستعداد لتصعيد محتمل». وأشار إلى أن التصعيد الأخير يشكل تحدياً للجيش الإسرائيلي في الضفة، وقال ان الوضع الحالي يتطلب تحقيق هدفيْن مهميْن: «الحفاظ على الاستقرار القائم، ومنع أي تصاعد آخر». وخلُص الى أن «علينا أن نعد أنفسنا ووحداتنا لسيناريوات أكثر صعوبة، والتحقق من مخازن الطوارئ لدينا، وتحسين خططنا التشغيلية».