تتجه البورصة المغربية نحو تسجيل خسائر كبيرة للعام الثاني على التوالي، متأثرة بتباطؤ النمو الاقتصادي وإحجام المستثمرين عن شراء مزيد من الأسهم، وخروج شركات كبرى بحجم مجموعة «أونا» وفروعها الاستثمارية، من دون ان يتبعها دخول شركات جديدة الى البورصة، بسبب حالة الانتظار التي يشهدها الاقتصاد المغربي المتضرر من تداعيات «الربيع العربي» والأزمة الأوروبية، وأسعار المواد الأولية، والتغيرات المناخية. وأفادت تقارير مالية بأن البورصة المغربية (الثالثة عربياً) خسرت نحو سبعة بلايين دولار من قيمتها السوقية في تسعة اشهر، اذ تراجع مؤشر «مازي»، 12 في المئة إلى ما دون عشرة آلاف نقطة، وهوت غالبية المؤشرات باستثناء المصارف وقطاعات التوزيع والطاقة والتمويل والعقار والتأمينات والسيارات. وتراجع حجم البورصة من 516 بليون درهم نهاية العام الماضي إلى 450 بليوناً السبت، بخسارة 66 بليون درهم وهي اكبر الخسائر منذ العام 2008. وتراهن البورصة على أداء بعض القطاعات ومنها المصارف والتجارة وإنتاج الطاقة لتقليص الخسائر المالية، وتشجيع شركات أخرى على إدراج أسهمها لدفع صغار المدخرين إلى استثمار فوائضهم في سوق الأسهم. وأفادت مصادر بأن «عودة محتملة للاقتصاد المحلي إلى نموه السابق، وتجاوز مشكلة عجز الموازنة، والثقة بين الحكومة ورجال الأعمال، قد تضاعف عدد الشركات المدرجة إلى 150 شركة في السنوات الثلاث المقبلة». وكان رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران دعا رجال الأعمال إلى بذل مزيد من الجهد وضخ استثمارات إضافية لتنشيط النمو الاقتصادي، وقال في لقاء جمعه نهاية الأسبوع مع «الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب» (سي جي ام): «المرحلة تقتضي تضافر جهود جميع الأطراف، لتجاوز الصعوبات الاقتصادية والمالية وخلق مزيد من الثروات وفرص العمل للشباب». وطالب رجال الأعمال بمزيد من الشفافية والحوكمة في إسناد عقود المشاريع، ومحاربة الاقتصاد غير المهيكل، وتسريع وتيرة التسديد وتبسيط الإجراءات، وتقنين الإضراب، وحماية الاستثمار المحلي وتفضيل الشركات المغربية على منافستها الأوروبية في تنفيذ المشاريع الكبرى. وتقدر الاستثمارات العامة بنحو 188 بليون درهم في العام الجاري، لكن اتحاد رجال الأعمال ينتقد طريقة اختيار إسناد العقود وتفشي الرشوة في الإدارة المغربية، ما لا ينعكس إيجاباً على ثروات الشركات وقدرتها على توفير مزيد من فرص العمل، في بلد تُعتبر البطالة أكبر تحدياته الاقتصادية والاجتماعية، التي تهدد الاستقرار السياسي. وأظهرت دراسة أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، أن 64 في المئة من أصحاب الأعمال أكدوا تراجع أنشطتهم خلال الأشهر التسعة من السنة، بخاصة في قطاعات الصناعة والعقار والتجارة والإنتاج والخدمات. وأبدى 55 في المئة عدم ارتياحهم إلى الوضعية الاقتصادية وتخوفهم من استمرار الأزمة بعد نهاية العام المقبل. وتراجعت الثقة في الحكومة من 82 إلى 53 في المئة فقط في أوساط رجال الأعمال، وهي أدنى نسبة منذ تولي «حزب العدالة والتنمية» رئاسة الحكومة المغربية مطلع السنة. المصارف الإسلامية وكحل بديل أو رد على التيار الليبرالي المتحكم برجال الأعمال، أعلنت الحكومة نيتها الترخيص لمصارف إسلامية بفتح فروع لها تعتمد الشريعة الإسلامية، وهو أول إجراء من نوعه منذ العام 1911 تاريخ فتح أول مصرف تجاري في الدارالبيضاء. وينص «القانون الجديد لشركات الائتمان والمصارف»، والذي سيعرض على البرلمان للموافقة المبدئية، على إمكان تلقي الودائع ومنح القروض تحت رقابة المصرف المركزي ولجنة تكلف متابعة تطبيق تلك المصارف للشريعة الإسلامية في التعاطي مع الزبائن، الذين تتوقع المصادر أن يزيد عددهم بسبب ثقافتهم الدينية التي كانت تمنع عليهم التعامل بالربا. وأشارت المصادر الى ان المصارف الإسلامية أو ما يسمى بالاقتصاد البديل، ستحل مجموعة من المشاكل المالية، بتوفير سيولة أكبر ووقت أطول من أجل إرجاع القروض بسعر فائدة أقل، ما سيعزز السيولة. وتتخوف المصارف التقليدية التي تتبع في جزء منها إلى مصارف أوروبية، من تراجع أرباحها بسبب المضاربة الإسلامية، وكانت الأرباح تجاوزت بليون دولار نهاية العام الماضي بزيادة 19 في المئة، وتتوقع أن تنمو بنسبة 7 في المئة خلال العام الجاري نتيجة الأزمة. وحقق كل من «التجاري وفا بنك» و «البنك الشعبي المغربي»، وهما اكبر المصارف، أرباحاً مشتركة بلغت 3.3 بليون درهم في النصف الأول من السنة، وتقدر ودائعهما ب434 بليون درهم.