حسمت المحكمة الإدارية العليا مصير البرلمان، وأيدت حكماً كانت أصدرته المحكمة الدستورية العليا في حزيران (يونيو) الماضي بحلِّ مجلس الشعب. ومن شأن الحكم إجراء انتخابات جديدة لمجلس شعب يُتوقع أن تتم مطلع العام المقبل بعد الاستفتاء على الدستور، ما يعطي الفرصة للقوى المدنية للمنافسة على مقاعد البرلمان الذي كان يسيطر عليه الإسلاميون. وفجَّرت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة مفاجأة كبيرة، حيث أصدرت حكماً قضائياً أكدت فيه أن مجلس الشعب الذي تم انتخابه عقب ثورة «25 يناير»، قد زال وجوده بقوة القانون، وذلك في ضوء الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في 14 حزيران (يونيو) الماضي، والقاضي بعدم دستورية بعض مواد قانون مجلس الشعب الذي تكوَّن هذا المجلس على أساس منها. وصدر الحكم برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة المستشار مجدي العجاتي، وعضوية نائبي رئيس مجلس الدولة المستشارين منير عبدالقدوس وحسين بركات. وقالت المحكمة الإدارية العليا في حيثيات حكمها إنه متى كانت الانتخابات التي أسفرت عن تكوين مجلس الشعب، قد أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها، فإن مؤدى ذلك ولازمه أن تكوين المجلس بكامله يكون باطلاً منذ انتخابه، بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون اعتباراً من تاريخ انتخابه من دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر. وأشارت المحكمة إلى أن المحكمة الدستورية العليا تقوم وحدها بتحديد الآثار التي تترتب على الحكم بعدم دستورية نصٍّ في قانون أو لائحة لقيام موجب تحديدها، ومن ثم فلا اختصاص لأي جهة في هذه الحالة في تحديد الآثار مرة أخرى، على اعتبار أن هذه المحكمة (الدستورية العليا) تكون قد أعملت سلطتها في هذا الشأن، بحسبانها صاحبة الاختصاص الأصيل في تحديد مثل هذه الآثار سواء كانت آثاراً مباشرة أو غير مباشرة. وذكرت المحكمة الإدارية العليا أن المحكمة الدستورية بيّنت الآثار المترتبة على حكمها بعدم دستورية النصوص التي تكون على أساس منها مجلس الشعب، بأن المجلس قد زال وجوده بقوة القانون نظراً إلى بطلان تشكيله منذ انتخابه، وبالتالي لا يكون للمحكمة الإدارية العليا أي اختصاص في النظر في ما حددته المحكمة الدستورية العليا كآثار لحكمها، لما في القول بغير ذلك من تسليط لرقابة هيئة قضائية ذات استقلال وهي مجلس الدولة، على هيئة قضائية أخرى مستقلة هي المحكمة الدستورية العليا بالمخالفة للأحكام الدستورية وأحكام قانون المحكمة الدستورية، التي جعلت لأحكام هذه المحكمة حجية مطلقة في مواجهة كافة سلطات الدولة. وجدير بالذكر أن الطعن الذي صدر فيه هذا الحكم كان محجوزاً للنطق بالحكم بجلسة أمس منذ جلسة سابقة في 2 تموز (يوليو) الماضي، وأنه لا شأن له بالطعن الذي نظرته المحكمة الإدارية العليا في جلسة أمس أيضاً، وأجَّلت نظره إلى جلسة في 15 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. واوضحت المحكمة الإدارية العليا (دائرة فحص طعون) انها ارجأت النظر في الدعوى المرتبطة بحلِّ مجلس الشعب إلى 15 تشرين الأول للاطلاع وتقديم المستندات. ونظرت المحكمة في جلسة أمس موضوع القضية المعلق أمام المحكمة وطلبات مقيم الدعوى الأصلية والفصل فيها، وذلك بعد الفصل في الجانب المتعلق بعدم دستورية بعض نصوص قانون مجلس الشعب، وهو الأمر الذي ترتب عليه حلّ مجلس الشعب برمته. وسبق للمحكمة الإدارية العليا في شباط (فبراير) الماضي أن أوقفت النظر في الطعن إلى حين بتِّ المحكمة الدستورية في الدفوع بعدم دستورية بعض النصوص التي تضمنها قانون مجلس الشعب التي أثارها مقيم الدعوى في أثناء نظر طعنه أمام المحكمة الإدارية العليا. وكان المهندس أنور صبح درويش مصطفى قد أقام الدعوى، مطالباً في موضوعها بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اللجنة العليا للانتخابات (البرلمانية) بإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشعب بالدائرة الثالثة فردي بالقليوبية وما تضمنته من إعادة الاقتراع بين مرشح حزب «الحرية والعدالة» ومرشح حزب «النور» على مقعد الفئات، واستبعادهما، وكذلك مرشح حزب «الحرية والعدالة» لمقعد العمال بهذه الدائرة من بين مرشحي النظام الفردي، وما يترتب على ذلك من آثار. وأوضح مقيم الدعوى أنه كان ضمن مرشحي النظام الفردي (فئات مستقل) في الدائرة الثالثة بالقليوبية، وقد أجريت الانتخابات وأعلنت اللجنة العليا النتيجة متضمنة عدم فوزه، وإجراء الإعادة بين مرشحي «الحرية والعدالة» و «النور»، معتبراً أن قرار اللجنة يخالف أحكام القانون بسبب بطلان عملية الاقتراع وفرز الأصوات.