هل وصلت إمبراطورية «آي فون» الى ذروتها مع هاتفها الخامس، بمعنى أنها باتت تلامس خط الجمود الذي يسبق الانحدار؟ على رغم النجاح الضخم تجارياً لظهور «آي فون 5» iPhone، وهو ما تدعمه «الفورة» الهائلة التي اجتاحت الأسواق والجمهور عند استقباله، رأى محللون تقنيون أن هذا الخليوي خالٍ من الابتكار فعلياً. ويهدّد هذا الخلو التقني مستقبل هواتف «آبل» الذكية، خصوصاً أنها تخوض معركة ضروساً مع تقنية «أندرويد» Android التي تعتمدها شركات كبرى لا تقل تألقاً عن «آبل». يشهد على ضراوة المنافسة أن ال «أندرويد» تحوز قرابة 70 في المئة من سوق الهواتف الذكيّة، على رغم صدارة «آبل» فيه. إنه رقم أول ليس في مصلحة خلفاء ستيف جوبز: الساحر الذي هزّ صناعتي الخليوي والكومبيوتر، بتنبّهه مُبكّراً الى الأهمية الضخمة للتطبيقات، «أبليكايشنز» (Applications). حينها، التقط خيط اللحظة الراهنة من الابتكار، وحقّق نجاحاً ساحقاً ل «آي فون» (وكذلك «آي باد» في أجهزة اللوح الذكي)، بالاستناد الى قوة التطبيقات المتكاثرة في مخزن «آبل آبس» Apple Apps. واشتعلت حرب هائلة. وضع محرك البحث «غوغل» يده على سرّ نجاح جوبز، فصنع نظيراً له يوازيه قوة، انه نظام «أندرويد» للتطبيقات المحمولة على الأجهزة الذكية. وبلمح البصر، ظهرت صناعة ضخمة لم تكن متوقّعة، هي صناعة التطبيقات المحمولة. ولأن «أندرويد» يعمل بنظام مفتوح، تأسست عشرات الآلاف من الشركات التي تصنع ما لا حصر له من التطبيقات المتلائمة مع «أندرويد». ليس مبالغة القول أن التطبيقات هي الآن كلمة السر في التقنية. دليل؟ هل يكفي التأمل بكلمة «واتس آب» What's Up (اسم تطبيق) وشيوعها الهائل؟ ولعل أول ما يلاحظ في «آي فون 5» أنه افتقد سر السحر الذي بلورته يدا جوبز. لا جديد على صعيد التطبيقات في «آي فون 5» الذي حاول التحايل على هذا العجز باللجوء الى حيلة قديمة في السوق، تقضي بضرورة تأقلم التطبيقات معه، ما يعني تجديد شراء التطبيقات عينها، بعد إلباسها زيّاً جديداً. بدل الابتكار الفاتن، هناك اتّكاء على ما مضى، واستطراداً، فإن التطبيقات المعتمدة على نجاح الآخرين، كتلك المتصلة بمواقع الشبكات الاجتماعية، ليست سوى شهادة لعبقرية هؤلاء الآخرين. وبصوت عالٍ، تناقلت وسائل الإعلام تغطيات عن صفوف الانتظار الطويلة، والطلبيات المليونية المسبقة، والبيع المُكثّف الذي رافق وصول «آي فون 5». وبصوت خافت، جاءت تحفّظات التقنيين لتحذّر من أن هذا الخليوي ممتلئ بغبطة الأناقة في الشكل، والرهافة في بطاقة «سيم نانو» SIM Nano (وهي مُربِكة بحد ذاتها أيضاً، لأنها ليست منتشرة على نطاق واسع)، والارتقاء بطول الشاشة، لكنه خالٍ من الابتكار تقنياً. وعلى هذه الشاكلة، جاءت آراء الخبير الأميركي روب أندرلي (لاحظ أن الابتكار يأتي أكثر من سامسونغ وأتش تي سي وحتى نوكيا)، وتوني كوستا المحلّل في شركة «فورستير» المتخصصة في أرقام المعلوماتية، ورامون بايا خبير شركة «آي دي سي» المتخصّصة في أسواق الانترنت والاتصالات المتطورة. ولم يفت أندرلي القول ان الابتكار في الهواتف الذكيّة، يأتي أساساً من شركات مثل «سامسونغ» و»آتش تي سي» وحتى «نوكيا»، وليس من «آبل» التي تكتفي بتجديدات شكلية في منتج سبق ان ضمّ تقنيات حقّقت نجاحاً ضخماً. ولاحظت «سي.أن.أن.» أن نجاح «آي فون 5» ربما لا يتكرّر، أميركياً على الأقل، لأسباب تتعلق بلوجستيات السوق. كما لاحظت أن معظم المبيعات الأولى للهاتف جاء ممن يجددون خليوياتهم الذكيّة، مشيرة الى أن أعدادهم تضاعفت أميركياً عام 2011، ثم تضاعفت مجدداً في 2012، ما يعني أن العدد يتجه الى الثبات. ولفتت مجلة «وايرد» الى أن نسبة مستخدمي الهواتف الذكيّة في الولاياتالمتحدة (140 مليوناً في بلد تعداده حوالى 350 مليوناً) تميل الى الارتفاع من 57 في المئة العام الماضي إلى 70 في المئة مطلع 2013، وهذه النسبة تعبّر عن الوصول إلى حال الثبات أيضاً.