اختفت العملة السورية (الليرة) أخيراً من السوق السعودية، بعد فترة رواج شهدتها خلال الأشهر الماضية، وقام عاملو محال مجوهرات في الرياض بالمتاجرة بها، فيما حذّر مصرفيون واقتصاديون من مخاطر الاستثمار في العملة السورية وشرائها حالياً بهدف الربح مستقبلاً، واصفين هذا السلوك بأنه «انتحار استثماري». وأكّد هؤلاء في حديثهم ل«الحياة» أن بعض المصارف السعودية ما زالت تبيع وتشتري العملة السورية لتحقيق أرباح كبيرة منها والتخلص مما هو موجود لديها، موضحين أن التجار السوريين اتجهوا إلى التخلص منها وتحويلها إلى الدولار. وحذّر الخبير الاقتصادي المصرفي فضل سعد البوعينين «من مخاطرة كبيرة، وشبهه بالانتحار الاقتصادي لمن يريد المتاجرة في الليرة السورية، خصوصاً أن الاقتصاد السوري منهك، كما أن الوضع الحالي في سورية يُشير إلى أن العملة ستتغير». وأوضح أن الكثير من التجار السوريين اتجهوا إلى التخلص مما بحوزتهم من الليرة السورية وتحويلها إلى دولار، لمعرفتهم أنها باتت منتهية في ظل عدم الاستقرار وتدمير البنية التحتية والاقتصادية لبلدهم، الذي يحتاج إلى أكثر من 10 سنوات لبنائها مرة أخرى. واستغرب البوعينين من بعض المصارف السعودية التي ما زالت تتعامل بهذه العملة، بهدف تحقيق أرباح كبيرة من ذلك، والتخلص مما هو موجود لديها، مستغلين سذاجة بعض الأشخاص الذين لا يقدرون المخاطر والخسائر التي سيتكبدونها جراء ذلك، مثلما حدث للعملة العراقية مطلع التسعينات من القرن الماضي، إذ مُني كثير من المستثمرين بخسائر كبيرة. ولفت إلى أن الاستثمار في مجال العملات يتبع نظرية القطيع، إذ نجد كثيرين يوصون باستغلال الظروف الحالية التي انخفضت فيها الليرة وسعر شرائها ومن ثم بيعها في ما بعد، وهذا للأسف لن يحدث، خصوصاً أن المؤشرات في سورية تؤكد أن الأوضاع فيها متجهة إلى الانهيار الكامل في جميع مناحي الحياة سواء كانت سياسياً أم اقتصادياً أم غير ذلك. وعن وجود محال مجوهرات تقوم بنشاط الصرافة وتبيع الليرة السورية، أكّد أن ذلك مخالف للأنظمة، وهم يقومون باستغلال الأوضاع الحالية والمتاجرة بمختلف العملات لتحقيق أرباح من جراء ذلك، مطالباً الجهات المختصة بمراقبة ذلك وإيقاف هذا الاستغلال، ووضع تشريعات تمنع مثل تلك الممارسات. من جهته، قال أستاذ المحاسبة بجامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة، إن شراء الليرة السورية أو الاستثمار بها يعتبر استثماراً عالي المخاطر، مُشيراً إلى أن الكثير من المستثمرين في بلاد الشام اتجهوا إلى تحويل الليرة إلى الدولار، ما يؤكد عدم جدوى الاستثمار فيها، وقد يتكبد من يشتريها خسائر كبيرة في حال تغيير العملة. وذكر باعجاجة أن بعض المصارف المحلية مستمرة في بيع وشراء الليرة السورية، إلا أنه لا يتوافر في السوق منها إلا كميات محدودة، يستفيد منها القادمون أو الذاهبون إلى بلاد الشام، محذراً من شرائها في الوقت الحاضر، خصوصاً أن الاقتصاد السوري شبه منتهٍ، وهناك استنزاف كامل لجميع مقومات البلد. من ناحيته، قال أحد العاملين في محل مخصص للصرافة عرّف نفسه باسم عبدالله، إن أسعار الليرة السورية وصلت خلال الأشهر الماضية إلى 25 ليرة في مقابل الريال السعودي الواحد، لافتاً إلى عدم توافرها لديهم في الوقت الحاضر. وحول من يطلبون الليرة السورية، قال عبدالله: «الطلب على الليرة كان من الجنسية السورية والذاهبين إلى بلاد الشام، ولا ندري هل ذلك بهدف الاستثمار أم بهدف إنفاقها في شراء حاجاته اليومية، كما أن هناك بعض السوريين لديهم ليرة يريدون تحويلها إلى الريال». وأوضح عبدالله إلى أن الطلب على الليرة السورية شبه متوقف حالياً، ونحن نتجه إلى عدم شرائها بسبب انخفاض الطلب عليها وهبوط سعرها، وارتفاع الطلب على الدولار بسبب الأحداث التي تشهدها المنطقة. أما أحد العاملين في فرع أحد المصارف الكبرى المتخصصة في الصرافة والحوالات (رفض ذكر اسمه)، فأوضح أن مصرفه «يبيع الليرة السورية، وليس هناك ما يمنع ذلك»، إلا أنه أشار إلى عدم توافرها في الوقت الحاضر، وذلك خلافاً لما كان يحدث قبل أكثر من خمسة أشهر، إذ كانت متوافرة ووصل سعرها في مقابل الريال السعودي إلى 23 ليرة. وأشار إلى أنه لا يوجد مانع في تحويل الليرة إلى الريال في حال طلب ذلك، مُشيراً إلى أن هناك من يطلب الليرة سواء بهدف الاستثمار أم لإرسالها إلى سورية أم الأردن أم لبنان.