تفاعلت الإساءة إلى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في فيلم «براءة المسلمين» والرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها مجلة «شارلي إبدو» الفرنسية الأسبوعية» في الشارع اللبناني أمس، إذ شهدت مناطق عدة اعتصامات ومسيرات شعبية حاشدة بعد صلاة الجمعة كان أبرزها في بعلبك، وهي المسيرة الثالثة من سلسلة مسيرات ينظمها «حزب الله» وحركة «أمل» واعتصام في قلب بيروت (ساحة الشهداء) دعا إليه إمام مسجد بلال بن رباح في عبرا الشيخ أحمد الأسير. وشدد الخطباء على «ضرورة التحرك لوقف هذه الإساءات ومعاقبة المسؤولين عنها». وتزامن ذلك مع إجراءات أمنية كثيفة نفذتها القوى الأمنية والعسكرية لحماية المؤسسات الفرنسية والأميركية والأوروبية تخوفاً من حصول تجاوزات في التظاهرات والتجمعات. واتخذ الجيش تدابير أمنية في محيط السفارة الفرنسية ومساجد في طرابلس وصيدا وبيروت. وأفادت مصادر أمنية في الجنوب بأن القوى الأمنية في صيدا والنبطية وصور اتخذت إجراءات أمنية في محيط بعض المطاعم الأميركية مثل «ماكدونالدز» و«كي أف سي» وحول المؤسسات التربوية والمصارف الفرنسية. وفي بعلبك انطلقت مسيرة شعبية حاشدة تقدمها نواب وفاعليات سياسية وحزبية واجتماعية ودينية من مختلف الطوائف، من مقام السيدة خولا، ورفع المشاركون فيها رايات «حزب الله» ولافتات منددة وأطلقت خلالها شعارات «النصرة والموت لأميركا وإسرائيل»، وجابت السوق التجارية وصولاً إلى مرجة رأس العين حيث ألقى رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك كلمة لفت فيها إلى «أننا اجتمعنا لنجدد العهد مع قائد مسيرتنا ومع كل الشرفاء في العالم في تصدينا للانتهاكات التي لم يكن آخرها الفيلم المسيء والتعدي على كرامة رسول الله». وأضاف: «هذا هو لبنان يجتمع من أجل تلبية النداء»، معتبراً «أنهم حمقى لأنهم أرادوا من خلالها زرع الفتنة بين المسيحيين والمسلمين وما قاموا به هو جمعهم». اعتصام الأسير ولبى انصار الشيخ الاسير دعوته الى اعتصام في ساحة الشهداء في بيروت، شارك فيه بضع مئات من اللبنانيين وفلسطينيين وسوريين، ورفعت خلاله اعلام الثورة السورية وفلسطين وتركيا، الى جانب رايات اسلامية. وسط اجراءات امنية مشددة اتخذتها الاجهزة الامنية كافة. وخاطب الاسير المعتصمين قائلاً: «ان شرذمة متطرفة ربما تقاطعت مصالحها مع الصهيونية ارادت تشويه صورة النبي والاسلام»، معتبراً ان «كل من سمح لمثل هؤلاء المتطرفين التطاول على الاسلام هي دول متطرفة وتصنع التطرف في العالم»، منتقداً الرئيس الفرنسي لوصفه ما حصل بحرية التعبير فيما هو يمنع حرية التعبير للمحجبات». وقال ان «لا علاقة للمسيحيين الاحرار بهذه الاساءة وهم ارقى». واشاد الاسير بكل من رفض الاساءة وفي مقدمهم الرئيس اللبناني ميشال سليمان والبطريرك الماروني بشارة الراعي، وهاجم «زعماء اميركا وادارتها ومشروعهم الاميركي- الايراني الذي جربناه في العراق وافغانستان والان نجربه في ذبحنا في سورية ولم تتدخل اميركا لمنع المجرم الاسد من الذبح فكفى كذباً». ودعا المسلمين «الى المسارعة الى التوبة من كل اساءة تصدر منهم وتسيء الى الرسول ممن استباحوا دماء الشيخ عبد الواحد ورفيقه، ومن يستغل هذه المناسبة ويرفع صورة بشار الاسد في مناسبة الاساءة الى الرسول ذلك ان هذا المجرم تعدى على احباب الرسول في سورية». ونظمت تجمعات شبابية تحركات للمناسبة ومنها اعتصام ل«حزب شبيبة لبنان العربي» أمام مسجد «ذي النورين» في محلة رأس النبع في بيروت، وتجمع ل«هيئة العمل التوحيدي» في بيروت. ونظمت «جمعية قولنا والعمل» اعتصاما أمام مسجد عمر بن الخطاب، في بر الياس (البقاع) أحرقت خلاله أعلام إسرائيلية وأميركية والفرنسية. ودعت جمعية «المشاريع الخيرية الإسلامية» (الاحباش) في بيان الى «وضع الحلول لعدم تكرار الإساءة للرسول. المخيمات الفلسطينية وشهد مخيم الرشيديةجنوب صور مسيرة انطلقت عقب الصلاة تقدمها حشد من رجال الدين وممثلي الفصائل الفلسطينية وقوى التحالف، ورفع المشاركون لافتات تندد بالغرب وتدعو إلى الاقتصاص من المتطاولين على الرسول. وأقامت حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، وقفة احتجاجية في مخيم البص تخللتها مسيرة حاشدة جابت شوارع المخيم، وحرق العلمين الأميركي والإسرائيلي. وعمت موجة من الغضب المساجد استنكاراً للإساءة كما أقدم عدد من الفلسطينيين الغاضبين في مخيم عين الحلوة على إحراق مجسم للرئيس الأميركي باراك أوباما والعلمين الأميركي والإسرائيلي. وفي المواقف، شدد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني على أنه «واجب علينا أن نهب لنصرة الإسلام ورسالته وألا نكتفي بالإدانة فقط بل ينبغي علينا السعي الدؤوب لحمل الأممالمتحدة والمؤسسات الدولية في العالم على أن تسن قانوناً دولياً يمنع إهانة الدين والمعتقدات الدينية أو الاستهزاء بها أو بالرسل». وأكد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، «رفضه التطاول على الرسول»، مطالباً الدول الحاضنة والداعمة لأصحاب أصوات النشاز، بمحاسبة هؤلاء ومعاقبتهم. ودعت مشيخة العقل في طائفة الموحدين الدروز في بيان إلى «مواجهة عقلانية ومعالجات مسؤولة جدية تبدأ بمطالبة المجتمع الدولي بوضع حد لهذه الممارسات من خلال مراجعة القوانين الخاصة وحق التعبير وحرية الرأي». ودعت سفيرة «يونسكو» للنيات الحسنة النائب بهية الحريري من باريس بعد زيارة التقت خلالها المديرة العامة ل«يونسكو» إيرينا بوكوفا، إلى «ضرورة تأكيد الاحترام الكامل لحقوق الإنسان في ضوء الموجة الحالية من الاحتجاجات والعنف»، معتبرة أن الفيلم «مدبر لضرب الربيع العربي»، فيما عبرت بوكوفا عن قلقها «العميق إزاء الموجة الحالية من العنف الشديد والاحتجاجات التي يغذيها عدم احترام الثقافات والأديان». ولفت العلامة السيّد علي فضل الله إلى أن «الإساءة للنبي تحتاج خطة استراتيجية للمواجهة على كل المستويات»، وقال: «لم نرَ في الإساءة إلا فتنة إسلامية مسيحية، استطاع الواعون من المسلمين والمسيحيين أن يجهضوها». ونوّه رئيس أساقفة صور للموارنة المطران شكر الله نبيل الحاج، خلال ندوة في دار الإفتاء الجعفري في صور ب «المواقف العاقلة التي صدرت عن المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية المستنكرة لما تعرض له الرسول»، معتبراً «أن الإساءة أتت لخلق فتنة بين المسلمين والمسيحيين».