دعا عبدالباسط سيدا رئيس «المجلس الوطني السوري»، أكبر تكتلات المعارضة السورية، العرب والأوروبين إلى «مبادرة عربية سريعة» و»تدخل إسعافي يوقف القتل» في سورية. وقال سيدا في حديث إلى «الحياة» إن محادثات أجراها في الدوحة أمس مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري رئيس اللجنة العربية المعنية بالملف السوري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني تناولت المستجدات على الساحة السورية و»تداولنا في قضايا عدة تتعلق بالوضع السياسي والميداني والإغاثي». وتابع: «هناك جهود عدة تبذل الآن على مختلف الأصعدة، هناك مهمة الابراهيمي وجهود الرباعية، وهناك افكار يقدمها بعض الدول الاوروبية والعربية لكن نعتقد أننا لم نصل بعد الى المبادرة الجادة التي من شأنها معالجة الأوضاع». يأتي ذلك فيما علمت «الحياة» أن الشيخ حمد بن جاسم شدد أثناء اجتماعه مع وفد المجلس الوطني برئاسة سيدا في الدوحة أمس على «أن هناك تفاهماً قطرياً - مصرياً في شأن البعد السياسي حول سورية». وقال الناطق باسم المجلس الوطني أحمد رمضان ل»الحياة» عقب مشاركته في الاجتماع إن «وفد المجلس الوطني السوري أكد أثناء اللقاء على موضوع مشاركة قطر في اللجنة الرباعية، لكن الشيخ حمد قال إن هناك اتفاقاً بين الجانبين القطري والمصري حول الرؤية المستقبلية، وان لا مشكلة لقطر في طبيعة عمل اللجنة لكنها تريد أن تؤدي مهماتها خلال فترة محددة ثم يتم التوجه إلى مجلس الأمن»، وأضاف أن رئيس الوزراء القطري شدد أيضا على أن الدول العربية «تريد أن تضع مجلس الأمن أمام مسؤولياته خلال الفترة المقبلة». ونسب رمضان إلى الشيخ حمد قوله إن مهمة المبعوث العربي الدولي الأخضر الابراهيمي يجب ان تكون في إطار زمن محدد، وأضاف أن هناك اجتماعاً سيعقده مجلس الأمن في 28 الجاري في نيويورك، وسيتم فيه الاتفاق على مسائل اساسية، وسيحضره المجلس الوطني. من ناحيته، أكد سيدا «أن ما يبذل حتى الآن يأتي في اطار إدارة الأزمة، وحتى الآن لم يقدم الابراهيمي مبادرة واضحة، وهو ما زال في مرحلة الاستماع إلى مختلف الأطراف، وقابلناه في باريس وأوضحنا له وجهة نظرنا، وقلنا إن مبادرته اذا كانت نسخة ثانية من مبادرة كوفي أنان التي كلفتنا ثلاثة آلاف شهيد فستفسر على أنها فرصة أخرى للنظام السوري وستعطي رسالة خاطئة للعالم بأن النظام التزم بالمبادرة، في حين أنه على الأرض مستمر في قصف المدن والبلدات السورية بكل أنواع الأسلحة. وقد استمر قصف الطائرات خلال مبادرة أنان. ولن نلتزم مجدداً بمبادرة من هذا القبيل اذا لم تكن هناك آليات واضحة ومحددة تؤكد بأن القتل سيتوقف في سورية لان وقف قتل المدنيين يمثل الخطوة الأهم في أي تحرك جاد». وحول هل هناك شروط للتعامل مع الابراهيمي، قال سيدا: «هذه ليست شروطاً، نحن عندما نطلب بوقف القتل فهذه من البديهيات التي يجب أن ينطلق منها أي جهد». وسئل هل لدى المجلس الوطني «توقعات» من مبادرة للإبراهيمي، قال: «نطالب بسحب الجيش والأسلحة الثقيلة من المدن وعودة الجيش الى ثكناته، واطلاق سراح المعتقلين، والى جانب كل ذلك لا يمكن بتاتاً إجراء أي حوار مع هذه المجموعة ولا بد أن ترحل. هذا شرط أساس كي نبدأ أية عملية سياسية بعيدا من جميع أولئك الذين ساهموا في قتل السوريين على مدى عام ونصف العام، وعلى رأسهم بشار الأسد». ورأى سيدا أن «مهمة الابراهيمي خاضعة للآليات التي تتحكم في مجلس الأمن، ومجلس الأمن كما نعلم مشلول أصلاً بالفيتو الروسي المتكرر، وما لم يتجاوز الأخضر الابراهيمي هذه العقبة أعتقد بأن الآفاق أمامة محدودة جداً، وهو يدرك أن المهمة صعبة، ولذلك نقول لا بد أن يكون هناك جهد عربي أوروبي في المقام الأول، لأن أميركا يبدو أنها مشغولة بمسألة الانتخابات، للضغط على روسيا لتغيير موقفها في مجلس الأمن». وفيما لفت المعارض السوري إلى حوارات المعارضة في المانيا وفرنسا واسبانيا وقطر، تحدث عن مشاورات مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، موضحاً «قلنا إنه لا بد أن يكون هناك جهد عربي، لأن ما يجري في سورية يهدد الأمن والاستقرار الاقليميين والمنطقة، وسورية دولة اقليمية وأمنها من الأمن القومي العربي». وتابع: «ندعو العرب الى مبادرة واضحة وجادة مثل الموقف الذي اتخذوه تجاه الثورة الليبية. لا بد من مبادرة جدية للتحرك مع الأوروبيين في سبيل نزع الشرعية الكاملة أولا من النظام، وعدم السماح بالاستمرار في قتل السوريين بهذا الشكل، ولذلك لا بد من الضغط». وقال: «نحن نطالب بكل شيء يوقف قتل السوريين، وهناك الفصل السابع في مجلس الأمن وهو يضع كل الخيارات على الطاولة بما في ذلك التدخل الدولي لوقف القتل». وعن اجتماع اللجنة « الرباعية» في القاهرة، قال: « أعتقد أن العلامات بدأت تظهر، السعودية لم تحضر الاجتماع... وهناك تشكيك غربي في ما يجري، ونحن نقدر مبادرة الأخوة في مصر ونشعر بارتياح الى عودة مصر الى المبادرة الاقليمية التي كانت تعاني من خلل، لكننا نعتقد ان ايران هي جزء من المشكلة، ايران تمد النظام بالسلاح والمال والخطط، وحتى قائد الحرس الثوري اعترف أن هناك رجالا من الحرس الثوري داخل سورية». وأعرب عن «اعتقاده بأن هناك عدم ارتياح وقلق من عملية اشراك ايران، ونحن نتفهم موقف الأخوة في مصر، ربما هناك محاولة لاستيعاب الموقف الايراني، لكننا نقول إن السياسية الاستيعابية الغربية مع ايران حول الملف النووي لم تؤد حتى الآن الى نتيجة، ونعتقد بأن الوضع في سورية خطير جدا، ولا يتحمل المماحكات السياسية والنفس السياسي طويل الأمد، لا بد من تدخل اسعافي سريع لايقاف عملية القتل». وأكد «أبلغنا مساعدى الرئيس المصري محمد مرسي تحفظاتنا حول المشاركة الايرانية»، وأضاف: «نحن نشكر الأخوة في السعودية على ما يقدمونه للشعب السوري من مساندة ودعم على المستويات كافة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي نكن له كل الاحترام والتقدير، خصوصاً أنه دعا الى حملة وطنية لمساعدة الشعب السوري». ورأى «أن الوضعية تستوجب تحركاً أسرع لأن الأمور في سورية بدأت تتجه نحو المزيد من الخطر، فالتوجه الديني يزداد، وهناك خطر خروج الأمور عن نطاق السيطرة وحينئذ ستصبح المعالجات أكثر كلفة». واعتبر أن «الحكومة الموقتة (الانتقالية) استحقاق سنواجهه عاجلاً أم آجلاً، وهذه العملية تستوجب توافقاً بين قوى المعارضة بخاصة الموجودة في الميدان، حتى تكون الحكومة موضع توافق وقادرة على ادارة الأمور في مرحلة ما قبل سقوط النظام وما بعدها... وهناك اتصالات بين قوى المعارضة في هذا الشأن، وهناك دعوة لحوار وطني على مستوى الفصائل الأساسية في سبيل تكوين النواة الصلبة اذا صح التعبير في اطار الموقف المعارض». وقال سيدا إنه سيكون هناك حوار سينظم قريباً على أساس وثيقة القاهرة (العهد الوطني والمرحلة الانتقالية) «واذا وفقنا في تشكيل النواة الصعبة فان مسألة تشكيل الحكومة ستكون مهمة أسهل... إننا في المجلس الوطني مقبلون على اجتماع للهيئة العامة في الشهر المقبل في سبيل اعادة الهيكلة واشراك العديد من الفصائل ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية في اعمال المجلس الوطني، هناك قوى كثيرة ستنضم للمجلس». وأكد أنه «بعد تحول الثورة الى الاتجاه العسكري اذا صح التعبير نتيجة لقمع النظام، فان هناك حاليا عمل في سبيل ضبط العمل العسكري في الميدان، لدينا مجالس عسكرية في المحافظات كافة، ونسعى الى تنظيم العلاقة بين هذه المجالس وضبط العلاقة بينها وبين الجيش الحر وما ظهر تحت اسم الجيش الوطني، هناك حاجة لتنظيم هذا العمل، وهناك حاجة للتواصل مع القوى السياسية الأخرى للخروج بموقف يركز جميع الجهود في مواجهة النظام». وعن الموقف الروسي، قال: «التقينا الروس قبل نحو اسبوع بناء على طلبهم ولم يقدموا لنا شيئاً محدداً وواضحاً يوحي بإمكان حدوث تغيير في الموقف الروسي، لكن شعرنا أن هناك شعورا بخطورة الأوضاع وأنها تتجه نحو الاتجاه الخطر، وهناك شعور بأهمية معالجة الموضوع، لكن الحلول المطروحة حتى الآن لم ترتق الى المستوى المطلوب». وتابع: «لا حوار الآن مع بشار. ففي بداية الثورة كانت هناك دعوات للحوار، وبشار نفسه أعلن غير مرة أنه سيقدم على اصلاحات، لكن كان يترجم كلامه بمزيد من القتل والتدمير على الأرض، وتلك الدعوات تدخل في اطار محاولاته وغيره لكسب الوقت، وهناك وهم لدى بشار وآخرين بأن قتل المزيد من السوريين معناه القضاء على الثورة، هذا وهم، بعد عام ونصف العام من القتل الشعب السوري اليوم هو أكثر تصميماً من أي وقت مضى على ضرورة القطع مع سلطة الاستبداد». وقال: «النظام يفقد سيطرته على الأرض شيئاً فشيئاً... منطقة الشمال السوري حتى مدينة حلب تقريبا خرجت عن نطاق السيطرة والمناطق الشرقية أيضا، وهناك بؤر تتمركز فيها قوات الحكومة، ومن تلك البؤر يقصف المدن والبلدات بكل انواع الأسلحة ويستخدم الطائرات لترويع السوريين، ونرى أن استخدامه الطائرات يعني انه فقد السيطرة على الأرض. وهو بالقصف العشوائي يريد أن يحمل الثورة المزيد من التبعات حتى يرهقها ماديا واقتصاديا الى جانب القتل، وهو قصف المخابز والمصانع في حلب وهي ليست أهدافا عسكرية. انه يسعى لإحداث شرخ بين الثوار ورجال الأعمال».