تبدو واشنطن محرجة لتصاعد التوتر بين الصين واليابان، فهي من جهة حريصة على حليفتها طوكيو، ومن جهة أخرى، لا تريد الإضرار بعلاقتها الاقتصادية مع بكين. لذا تسعى الديبلوماسية الأميركية إلى توظيف طاقاتها السياسية والاقتصادية لإيجاد حل ديبلوماسي بين البلدين، باعتبار اليابان الحليف الأقرب للولايات المتحدة في منطقة آسيا، فيما الصين شريك ضروري وحيوي في القضايا الاقتصادية والدفاعية في المدى الأبعد. وفي وقت أرسلت الصين سفن مراقبة إلى منطقة جزر تتنازع عليها مع اليابان، لوّح وزير الدفاع الصيني ليانغ قوانغ لي أمس، باتخاذ «المزيد من الإجراءات» في حال عدم نجاح السبل السلمية في حل مشكلة الجزر. وكان الوزير يتحدث في أعقاب استقباله في بكين نظيره الأميركي ليون بانيتا الذي جدد دعوته البلدين إلى ضبط النفس في نزاعهما على السيادة على الجزر غير المأهولة في بحر الصين الشرقي. وقال بانيتا للصحافيين في بكين: «في ما يتعلق بالتوترات الراهنة ندعو إلى الهدوء وضبط النفس من جانب الطرفين ونشجعهما على فتح قنوات الاتصال لحسم هذه النزاعات ديبلوماسياً وسلمياً». وتزامنت زيارة بانيتا لبكين، مع تصاعد مظاهر التعصب القومي في الصين، الأمر الذي تجسد في حمل متظاهرين مناهضين لليابان، صوراً للزعيم الراحل ماو تسي تونغ، فيما قررت شركات يابانية عدة، وقف نشاطاتها في أنحاء الصين، حرصاً على سلامة العاملين لديها. (راجع ص 8) ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) استبعادهم «انجرار الجيش الأميركي إلى معركة في شرق الصين» و اعتقادهم بأن «الأزمة ستحل ديبلوماسياً». في الوقت ذاته، عبر المسؤولون عن مخاوف من أن «تؤدي التشنجات إلى هز استقرار المنطقة في المدى الأبعد»، مشيرين إلى أن زيارة بانيتا للمنطقة كانت للدفع بالحل التفاوضي بين الجانبين. وتقف واشنطن في موقع حساس وحرج حيال الأزمة بحيث أن ممارستها ضغوطاً كبيرة على اليابان قد يضعف حليفها الأقوى في آسيا، والتي لديها معاهدة دفاعية مع واشنطن. وفي المقابل تأتي المصالح الاقتصادية والدفاعية مع الصين في صلب الاستراتيجية الأميركية في المدى الأبعد. وحاولت واشنطن اتخاذ موقع وسط من الأزمة وعدم الانحياز إلى أي من الطرفين، غير أن مراقبين يخشون من تصعيد في التطورات الميدانية قد يرغم واشنطن على الانجرار عسكرياً للدفاع عن اليابان. وأشار وزير الدفاع الصيني لدى استقباله بانيتا إلى أن طوكيو تتحمل اللوم في إثارة قضية الجزر المتنازع عليها، بعدما قررت الحكومة اليابانية شراء الجزر. وأضاف الوزير ليانغ أن الصين تعارض بإصرار خطة الحكومة اليابانية تأميم الجزر، واصفاً الأمر بأنه «غير قانوني إطلاقاً». وإلى جانب التظاهرات العنيفة ضد اليابان في أنحاء الصين، والتي خرجت بتشجيع من السلطات المحلية، أعلنت طوكيو أن 11 سفينة صينية وصلت إلى محيط الجزر التي تسيطر عليها اليابان وتطالب بها الصين. وقال ناطق باسم خفر السواحل الياباني: «رصدت عشر سفن مراقبة على حدود المياه المحيطة بجزيرة اوتسوري»، مشيراً إلى أن سفينة أخرى لدائرة مراقبة الصيد وصلت إلى المنطقة نفسها. وأضاف الناطق أن أياً من هذه السفن لم يدخل المياه الإقليمية المحيطة بهذه الجزر التي تسيطر عليها اليابان.