شهدت مدريد أضخم تظاهرة شارك فيها الآلاف من الأسبان المستائين، احتجاجاً على إجراءات تقشف فرضتها الحكومة، التي تحاول تصحيح حساباتها لتجنب خطة إنقاذ شاملة. ورفع المتظاهرون، الذي وفدوا إلى ساحة كولون في العاصمة من كاتالونيا والاندلس ومناطق في الشمال، في حافلات قدّرت البلدية عددها بما بين ألف و1500، شعار «إنهم يدمرون البلاد، يجب أن يدفعوا الثمن ... علينا منع ذلك»، فضلاً عن شعارات اكبر نقابتين تنظّمان تظاهرة الاحتجاج هما «الاتحاد العام للعمل» و «اللجان العمالية» بالتعاون مع 150 منظمة التقت في «قمة اجتماعية». وتنوّعت ألوان مجموعات المتظاهرين، التي اجتاحت العاصمة من موكب يغلب عليه الأخضر للمدرسين وأهالي الطلاب والتلاميذ للدفاع عن التعليم، إلى تجمع ابيض لموظفي القطاع الصحي، وثالث برتقالي للمسنين وذوي الحاجات الخاصة، وأسود لموظفي الإدارات العامة. ويُعدّ هذا اليوم الاحتجاجي الأكبر منذ تظاهرات التاسع عشر من تموز (يوليو) الماضي، عندما تجمع مئات الآلاف من الأسبان للتعبير عن غضبهم من الاقتطاعات التي تطاول تحديداً قطاعي التعليم والصحة في بلد، يوجد فيه شخص عاطل من العمل من بين كل أربعة في القوى العاملة. وأعلن رئيس الحكومة اليميني ماريانو راخوي، العالق بين الاستياء الشعبي والتزامه خفض الدين العام من 8.9 في المئة عام 2011 إلى 6.3 في المئة هذه السنة، الاستمرار في «الجهود لتوفير 102 بليون يورو قبل نهاية عام 2014». واعتبر منظمو التظاهرة أن «جهود خفض العجز التي تشمل خصوصاً زيادة رسم القيمة المضافة، تتركز ظلماً على الطبقات الشعبية»، مطالبين ب «استفتاء حول هذه السياسة». وقال روبرتو سالدانا رجل الإطفاء البالغ 44 عاماً والقادم من الأندلس، إنهم «يخفضون الأجور ويرفعون الضرائب، لكننا نعود عشرين أو ثلاثين سنة إلى الوراء». وسافر الرجل مع عدد من زملائه طوال الليل في الحافلة، قبل التوجه مشياً إلى ساحة كولون وسط مدريد. واعتبر رافايل نافاس (52 سنة) عامل الاستقبال في فندق والذي وصل إلى العاصمة في حافلة من قرطبة جنوباسبانيا، أن هذه التظاهرة التي «يشارك فيها أناس من أنحاء إسبانيا، تؤثر أكثر من تظاهرات المقاطعات». وأمل في أن «تُسمع الأندلس صوتها، خصوصاً ان ثلث سكانها يعانون من البطالة، بعدما فقدت 195 ألف وظيفة في القطاع التجاري، وأكثر من 200 ألف في السياحة خلال ثلاث سنوات». ووسط ضجيج مكبرات الصوت والصفارات، رفعت متظاهرة لافتة صغيرة كتب عليها «ماريانو ماريانو لن تنهي الصيف». ورأت ريان دي لوس ريوس (55 سنة)، التي تعيش في مدريد وهي في طريقها مع زوجها ومجموعة من الأصدقاء إلى ساحة كولون، أن «المستقبل أسود جداً». وأضافت بابتسامة حزينة على وجهها، أن «راتبي يقل يوماً بعد آخر وساعات العمل تزداد»، مشيرة إلى ابنتيها البالغتين 26 و28 عاماً، التحقتا بالشبان الأسبان المهاجرين، لأنهما «لم تجدا عملاً». ويُذكر أن الحكومة ألغت تعويض عيد الميلاد للموظفين، وزادت الضرائب وخفضت المساعدات للعاطلين من العمل. وعلى رغم ذلك، ربما لا تكون هذه الإجراءات كافية ويمكن أن تطلب اسبانيا من شركائها خطة إنقاذ شاملة لاقتصادها، ستكون مرادفاً لمزيد من التقشف.