المعارضة السورية أفضل دعاية للنظام السوري، فهي تضم معارضين وطنيين شرفاء ثاروا لأسباب مشروعة، ثم تضم ارهابيين مستوردين وعصابات جريمة محلية، مع ثقل دم هائل، أو «غلاظة» باللهجة السورية. إذا كان من كلمة واحدة أصف بها جريدتنا «الحياة» فهي الصدقية، أو المصداقية، وان كان من كلمة أخرى، فهي الموضوعية. لا أحد في العالم يستطيع ان يفرض عليها ما تنشر أو لا تنشر، وأعرف يقيناً ان الناشر الأمير خالد بن سلطان سيغلقها غداً اذا غابت الصدقية أو الموضوعية. أرمي هذا الكلام في وجه بعض المعارضين السوريين، ومرة أخرى أستثني المعارضة الوطنية الشريفة. في مطلع هذا الشهر كتبت مقالاً عن الوضع السوري، بعض المادة فيه من معارضين، احدهم منشق، وتحدثت عن جدار عالٍ اصطدمت به الثورة، بعكس ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن، فهذه الثورات نجحت والثورة السورية لم تنجح بعد. قلت في المقال (أو أنقل حرفياً): - لا حسم سريعاً في سورية وكل حديث آخر تمنيات أو أحلام يقظة. - كل معارض مسلح قتلته قوات الحكومة قتلت معه عشرة مدنيين على الاقل ودَمرت احياء ومبانيَ. - المعارضة منقسمة على نفسها، والصراع داخلها في حدة الصراع مع النظام. - واذا كانت الحكومة ارتكبت فظائع مسجلة فإن المعارضة لم تكن بريئة أبداً (واستشهدت بتقريرين لمنظمة مراقبة حقوق الانسان). - هناك نصف مليون سوري هُجِّروا داخل بلادهم، ونصف مليون آخر في دول الجوار. واختتمت المقال بالقول: أدين الجميع وأطلب من رب رحيم ان يرحم الشعب السوري فهو يستاهل الخير. اكتب باسمي، وعنواني معروف، ثم هناك معارض جبان، راسلني في السابق، لا ينشر اسمه، وانما يستعمل «شام شام» كإسم حركي، وقد اختار من مقالي كله قولي: هناك معارضة وطنية بالتأكيد ثارت لاسباب مشروعة، غير ان هناك ارهابيين من اسوأ الانواع، وهناك عصابات سرقة تحاول السيطرة على شارع في حلب مثلاً، وتقيم حاجزاً توقف عليه المواطنين وتسرقهم. ما سبق صحيح، ككل ما سجلت، ولي في حلب اصدقاء هم بمثابة الاهل، ومعلوماتي منهم، كما انها موجودة في الصحافة الغربية. ثم يأتي معارض يفيض «غلاظة» ليتحدث عن صداقتي مع النظام وأنا أدينه كل سطر. بعض المعارضة السورية ومنها القارئ «شام شام» مجبولة بالجهل والحقد والمرض. وهي اكبر اساءة للمعارضة الوطنية الشريفة التي لم أغفل ذكرها يوماً. وأتحدى المعارضين السوريين جميعا ان يأتوا لي بمديح للرئيس السوري منذ 1994، وليس منذ اصبح رئيساً، اتحداهم جميعاً، فكل ما بيني وبينه سؤال وجواب ولا مجال للمديح بينهما. وأزيد ان بعض القراء المصريين ليسوا افضل فبعضهم اسلامي وهذا حقه، الا انه يرفض أن أكلم عمر سليمان أو أحمد شفيق، ولا يفهم ان امثالهما يصنعون الاخبار، لا أنا، ولم اقل يوماً ان كلامهما وحي منزل. ربما صُدم المعارض الجبان وأمثاله ان يجدوني اقول انني منذ آذار (مارس) 2011 وحتى اليوم لم اتصل بالنظام السوري بأي شكل، مباشر او غير مباشر، فقد علّقت العلاقة معه الى حين وقف القتل، ولن احدث أحداً في النظام ما استمر القتل اليومي. سورية بلدي، مثل كل بلد عربي وأعرفها قبل ثلاثة أرباع أهلها، ولا أذكر سنة مضت من دون ان ازورها مرة او اثنتين او اكثر، والآن أجلس منتظراً وقف القتل والقتال لأعود. وأمامي مقالات عدة تبرر قتال المعارضة في أحياء من مدن سورية مكتظة بالسكان فيرد النظام بالسلاح الثقيل، «لأن الثورات العظيمة تتطلب تضحيات عظيمة». هذا رأي لأصحابه حق إبدائه، إلا أنني أصر على أن حفظ الحياة أهم من النظام والمعارضة. [email protected]