«إن كنت خسرت قدمي فقد عوضني ربي بأخرى، فحمداً لله على قضائه وقدره»، بهذه الكلمات وبنبرة حزينة يبدأ المسن علي ناصر مناع عشي 75 عاماً، الذي يسكن في محافظة صبيا في جازان، سرد مأساته. ويقول علي: «بترت قدمي اليسرى بسبب داء الغرغرينا، فقد تسلل فجأة إلى قدمي، وبسبب مضاعفات السكري وعدم تنبهي لخطورة الوضع، تجاوزت إلى الساق، ما اضطر الأطباء إلى بترها، خوفاً من ازدياد الوضع سوءاً». ولا يخفي عشي أن الألم كان نفسياً بالدرجة الأولى، قبل أن يكون جسدياً، «لا شك تأثرت نفسيتي، إلا أن الدعاء والقرب من الله سبحانه وتعالى كان له دور إيجابي في تجاوز المحنة»، موضحاً: «بعد أن فقدت قدمي اليسرى زادت الهموم علي، فكيف لي بتأمين قوت أبنائي الثمانية؟ خصوصاً أنني عاجز ولا أملك أية وظيفة أو دخل ثابت، ولا توجد شركة أو قطاع خاص أو عام يمكن أن يستقبل شخصاً بقدم واحدة». ويستدرك: «مع كل هذه الأوجاع النفسية التي أكابدها وهبت نفسي مساحات شاسعة للتفاؤل وفسحة للأمل، وتيقنت أن الاستسلام هو بداية الفشل، فقررت التحرك عملياً، فاشتريت دراجة نارية أذهب بها إلى السوق لممارسة التجارة، وأوفر بعض طلبات أبنائي». تجاوز عشي أزمته النفسية وتحول إلى شخص إيجابي تملأ محياه الابتسامة ويلهج لسانه بذكر مولاه عز وجل، ولكن لا يعني ذلك أنه أو أفراد أسرته لا يعانون، فالمعاناة حاضرة، «مهما فعلت فلا يمكن لتجارة بسيطة يقوم عليها مسن عاجز أن تعول ثمانية أبناء تختلف مطالبهم ويحتاجون إلى مصاريف دراسية وحياتية تعد من أولى الضروريات»، مؤكداً بأن ما يجنيه من تجارته البسيطة لا يفي سوى بسد جوع بطونهم. ويشير عشي إلى أن تجربته المريرة مع العجز والعوز لا يريد أن تتكرر على أي من أبنائه أو بناته، «تأمين مستقبلهم التعليمي والوظيفي هو أهم شيء بالنسبة إليّ، ولذلك فأنا أتعب حتى لا يتركوا دراستهم، وأدعو الله أن يوفقني لذلك»، موضحاً بأن ظروف الحياة أرهقته والديون تحبطه وتعود به أرضاً كلما حاول النهوض. ولكن ما أجمعه لا يكاد يكفي متطلبات الحياة اليومية المرهقة للموظفين فما بالكم بمثل حالتي. ويتمنى عشي من الميسورين وفاعلي الخير مساعدته ومد يد العون وتخفيف معاناة أسرته وأبنائه، وذلك بتأمين مستقبلهم حتى يحصلوا على شهادات يتسلحوا بها لحياتهم الصعبة.