أسر تبحث عن حلول بديلة ل « سلاسل العلاج النفسي» في قرية «القلية» من الجهة الشمالية لوادي الصباب في الصهاليل بجازان يعيش المواطن «علي مفرح الصهلولي» (50 عاماً) مكبلاً في أصفاد من الحديد، وسلاسل تحبس حركته، وتقيد حريته، ولم تفارق ذراعيه وقدميه منذ (35 عاماً)، وذلك بعد مرض نفسي ألم به سنوات طويلة كابدها «الصهلولي» يعاني المرض والالم، وشبّ وشاب على مسافة متر من السلاسل ذهاباً واياباً، ولا يبارح مكانه، حيث يؤنس وحشة نهاره قبل ليله جرس صوت السلاسل. «علي» مقيد منذ 35 عاماً و«جابر» 17 سنة وآخرون على القائمة ينتظرون المساعدة الفقر والجهل و»قلة الحيلة»، وتخلي وتجاهل الجهات المعنية عوامل حالت دون حصول «الصهلولي» ومثله آخرون على فرص علاج ورعاية مناسبة تخرجهم من أصفاد الحديد، وسجن المرض إلى رحابة الحياة، وتخفف عنهم وطأة المعاناة من هذا المرض. مكبل 35 عاماً إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل مأساة استمرت أكثر من ثلاثة عقود من عمر «علي الصهلولي» قضاها في كنف ورعاية شقيقه الأكبر «أحمد مفرح الصهلولي» الذي يعول والدته المريضة، وأسرة من خمسة أفراد دونما أي مصدر دخل، أو ضمان اجتماعي، أو مساعدة من أي جهة خيرية. يقول «أحمد» لا استطيع مغادرة منزلي؛ بسبب حالة شقيقي الذي لا يتلقى أي رعايةٍ صحية، وهو محبوس في هذه الغرفةٍ منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، ولا يستطيع أي أحد الاقتراب منه؛ بسبب عدوانيته على خلفية حالته النفسية التي حولته إلى مريض يبطش بكل من يقترب منه؛ لأنه ليس له أحد بعد الله غيري؛ فقد نذرت نفسي ووقتي لخدمته ورعايته واطعامه وتغيير ملابسه يومياً. وأضاف:»لقد اضطررت الى تكبيل شقيقي في هذه الغرفة بهذه الطريقة خوفاً منه وعليه؛ فحالته المرضية في تدهور مستمر يوما بعد يوم؛ رغم أني لم أدخر جهداً في البحث له عن علاج؛ لكني لم أوفق في التوصل لعلاج ينهي معاناته الإنسانية حتى اليوم»، مشيراً إلى أن حالة أخي خطيرة، ولا يمكن تركه بدون هذه القيود التي تضمن سلامته وسلامة الجميع منه، فقد سبق أن أحرق منزلنا مرتين، وقد نجا وأسرته من الحريق بفضل الله، فيما أتى الحريق على كامل المنزل، واتلف كل محتوياته. د.رشاد السنوسي وناشد «الصهلولي» المسؤولين في الشؤون الاجتماعية والصحية وكل الجهات ذات العلاقة، والمحسنين من أهل الخير بتولي علاج ورعاية ومتابعة حالة شقيقه، والاهتمام به، ووضعه تحت الملاحظة الطبية، ومساعدته حتى يشفى من هذا المرض. قيود المرض وفي الصهاليل يتم علاج المرضى النفسيين بالسلاسل، حيث تنتشر حالات أخرى من المرضى يكابدون الحياة في ظل ظروف معيشية صعبة، وقرية تغيب عنها كل الخدمات؛ ففي الصهاليل حالة الشاب «جابر علي سالم» (27 عاماً) المكبل بالقيود والسلاسل ليست أحسن حالاً من سابقتها؛ فقد أُصيب حسب شقيقه «مفرح» بمرض نفسي منذ صغره عندما كان طالبا في الصف الثالث الابتدائي؛ مما اضطر أسرته إلى تقييده في إحدى الغرف، والقيام على خدمته بعد سوء حالته وتواصل اعتدائه على أفراد أسرته والجيران. إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل اما عن حالة شقيقه «جبار ويحيى» المصابين بنفس المرض النفسي -حسب التقارير الطبية الموجودة لديهما- فيقول شقيقهما «مفرح علي سالم» إن حالتهما أخف، وهما يستجيبان لتناول الأدوية ولا يعتديان على أحد، موضحاً أنه لم يكمل دراسته بسبب حالة اخوته الصحية، واكتفى بالشهادة الابتدائية، واضطر للبقاء في البيت لرعاية والديه الطاعنين في السن، واخوته، وباقي أفراد الأسرة الثمانية. وقال:»نحن نعيش ظروفا معيشية صعبة في هذه المنطقة، فلا وظائف، ولا دخل مادي سوى 2500 ريال لا تكفي لتأمين أدويه لأشقائي»!. إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل الغرفة التي يقبع فيها علي منذ 35 عاماً عدد من المواطنين في الصهاليل طالبوا بتشكيل لجنة من كل الجهات المعنية لدراسة حالة هؤلاء المرضى، وإيجاد الحلول المناسبة؛ لإنهاء معاناتهم وأسرهم ونقلهم إلى أماكن أفضل يحظون فيها بالرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية التي قد تساعدهم في العودة لممارسة حياتهم الطبيعية. معاناة مستمرة من جانب آخر قال «د.رشاد بن محمد السنوسي» -استشاري الطب النفسي ومدير مركز الأبحاث بجامعة جازان- أن هذا الموضوع الانساني الهام يمس شريحة من اخواننا الذين قدر الله عليهم الاصابة بأمراض عقلية عاشوا معها سنوات مؤلمة وهم مقيدون بالسلاسل، متأسفاً على وجود مثل هذه الحالات في مجتمعنا بالرغم من تحسن الرعاية الصحية عموماً والنفسية خصوصاً، إلى جانب الخدمات الاجتماعية التي وصلت إلى معظم فئات المجتمع من ذوي الظروف الاجتماعية أو الصحية الخاصة. وأضاف: «إن هذه الحالات مصابة بأمراض عقلية شديدة، وهي أمراض معروفة لدى الاطباء النفسيين، وتنتشر بنسبة تصل إلى 1% من السكان، وأسبابها تعود إلى خلل في الوظائف العقلية العليا (الادراك، الذاكرة، سلامة التفكير، القدرة على الحكم والتقدير)؛ مما يجعل المريض غير قادر على رعاية نفسه، والقيام باحتياجاته الشخصية، ووظائفه الاجتماعية، أو التواصل مع الآخرين بطريقة صحيحة، وعادة ما تكون الاصابة بذلك في سن مبكر في العشرينات من العمر، أما التخلف العقلي فيظهر منذ الطفولة المبكرة». شقيقا جابر المريضان يجلسان إلى جانبه وأشار إلى أن الاعتقاد أن هؤلاء مصابون بالجن أو السحر منتشر في البيئات الفقيرة والبسيطة؛ مما يجعل أسرة المريض لا تقوم بالدور اللازم من العرض على المختصين لتقييم كل حالة، ومعرفة طرق العلاج والأدوية التي قد تؤدي إلى شفاء أو تحسن كثير من هذه الحالات في الغالب، وهي أدوية متوفرة بحمد الله، وقد استفاد منها آلاف المرضى بدرجات متفاوتة. إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل الرعاية المنزلية وقال «د.السنوسي» يجب القيام بالواجب الشرعي والإنساني تجاه هذه الفئة من المرضى من عدة جهات؛ فالأسرة مطالبة بالمبادرة بطلب العلاج عن طريق العيادات والمستشفيات النفسية المتخصصة للتعرف على التشخيص وطرق الرعاية والتعامل والعلاج، والجهات الصحية مطالبة بدورها في إيجاد الوسائل المناسبة للوصول إلى هؤلاء المرضى، بل ورعايتهم في بيوتهم إذا اقتضى الأمر عن طريق نظام الرعاية المنزلية الصحية الذي تم تدشينه قريباً من قبل وزارة الصحة، مشيراً إلى أن بعض المناطق بالمملكة كانت سباقة للقيام بمثل هذه الرعاية النفسية، ومنها مستشفى الصحة النفسية بجازان، وإن كانت الخدمة لا تغطي إلاّ قطاعاً جغرافياً محدوداً لقصور الامكانات المتاحة من الاطباء، واخصائيي الخدمة الاجتماعية وغير ذلك. إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل ولمزيد من الاستفسار عن الحالات جوال مفرح الصهلولي (0551737030)، وماطر الشراحيلي (0504744138). 8 الرياض