طرابلس، بنغازي، واشنطن - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - حمّل رئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد المقريف مجدداً الجمعة تنظيم «القاعدة» مسؤولية الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي (شرق) الذي أودى مساء الثلثاء بحياة أربعة أميركيين من بينهم السفير كريس ستيفنز. وخلال وقوفه الجمعة أمام القنصلية الأميركية في بنغازي قال المقريف إن «الفيلم (المسيء للإسلام) بُث قبل ستة أشهر، فكيف تفسرون هذا الحادث الذي تزامن مع 11 ايلول (سبتمبر) 2001؟ فلا نكذب على أنفسنا». ووقع الهجوم في ذكرى اعتداءات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 التي نفذها تنظيم «القاعدة». واعتبر مسؤول أميركي أن الهجوم على القنصلية الذي قيل في مرحلة أولى انه من فعل متظاهرين غاضبين على شريط فيديو يهين الإسلام بُث على الانترنت، ناجم عن عملية منسقة. وأكد المصدر أن المتطرفين اتخذوا من التظاهرة «ذريعة» للهجوم على القنصلية بأسلحة من عيار صغير وقاذفات صواريخ. وفي اليوم التالي للهجوم، اتهم المقريف «القاعدة» وكذلك أنصار نظام معمر القذافي. وقال من دون أن يذكر «القاعدة» إن «ما جرى بالأمس يتزامن مع الحادي عشر من أيلول وله معنى واضح». وأضاف: «إننا نرفض قطعاً أن تستعمل أرضنا ميداناً لعمليات انتقام جبانة». وأكد البيت الأبيض الجمعة انه لم يكن في حوزة الولاياتالمتحدة أي معلومات استخباراتية حول خطر يهدد القنصلية الاميركية في بنغازي قبل الهجوم الذي أدى إلى مقتل الأميركيين الأربعة. وقال جاي كارني المتحدث باسم الرئيس باراك اوباما «لم نكن على علم بأي معلومة استخباراتية يمكن الركون اليها»، واصفاً المعلومات التي نشرتها صحيفة بريطانية في هذا الصدد بأنها خاطئة. وانتقل الرئيس باراك أوباما بعد ظهر أمس إلى قاعدة أندروز الجوية قرب واشنطن حيث أقيم احتفال بوصول جثامين الأميركيين الأربعة الذين قُتلوا في بنغازي. في غضون ذلك، أكد مسؤولون أميركيون أن اثنين من القتلى الأميركيين الأربعة في الهجوم على القنصلية في بنغازي كانا عنصرين سابقين في قوات النخبة (نيفي سيلز) التابعة للبحرية الأميركية. وحددت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون هوية العنصرين وهما تايرون وودز وغلين دوهيرتي واشادت بهما كجنديين سابقين يحملان الأوسمة «خدما بلدنا بشرف وتميز». وأودى هجوم الثلثاء على القنصلية الأميركية في بنغازي أيضا بحياة السفير كريس ستيفنز وشون سميث المسؤول في إدارة المعلومات. وقالت كلينتون في بيان إن «سفاراتنا لم يكن بامكانها أداء عملها الدقيق حول العالم من دون خدمات وتضحيات أناس شجعان مثل تايرون وغلين». وذكرت محطة «ايه بي سي» الأميركية ان دوهيرتي كان في مهمة لتعقب صواريخ ارض جو محمولة في ليبيا. وكان مسؤولون في الجيش والاستخبارات الأميركية حذروا من فقدان الآلاف من اسلحة ال «مانبادس» (انظمة الدفاعات الجوية المحمولة) بعد سقوط نظام معمر القذافي. وذكرت «ايه بي سي» أيضاً أن جندي قوات النخبة السابق وصف عمله في مقابلة معها الشهر الماضي بالقول إنه كان يتجول في أنحاء ليبيا بحثاً عن دلائل تقود إلى هذه الأسلحة التي يعمد فريقه الى تدميرها في مكانها في حال رصدها. أما تايرون وودز فقد عمل على تأمين الحماية في مراكز ديبلوماسية متعددة في أميركا الوسطى والشرق الأوسط وقام أيضاً بزيارات متعددة إلى العراق وأفغانستان. ووصفت كلينتون وودز بأنه امتلك «يدين شافيتين إضافة الى ذراع محارب» في اشارة الى انه كان مجازاً كممرض ايضاً، وحيّت زوجته دوروثي وأولاده الثلاثة بمن فيهم ابنه كاي الذي ولد قبل عدة اشهر. وقالت كلينتون إن دوهيرتي اعتاد أن يضع حياته على المحك وهو يخدم في الاماكن الساخنة في أنحاء العالم و «مات كما عاش بشرف التضحية والشجاعة غير المحدودة». ودوهيرتي تدرّب كقناص ومسعف في سنواته السبع مع قوات النخبة، قبل أن يذهب للعمل في شركة أمنية خاصة. وبحسب تقييم مسؤولين رسميين للحادثة، قضى دوهيرتي مع شخص آخر بعد اخلاء موظفي القنصلية إلى مبنى اضافي يقع قرب المبنى الرئيسي للقنصلية. وعندما طوقت النيران المبنى الرئيسي، بدأ المبنى المحاذي يتعرض لاطلاق الرصاص إلى أن تمكنت قوات الأمن الليبية من استعادة الأمن مع طلوع النهار. ونعى المرشح الرئاسي ميت رومني في بيان صباح الخميس دوهيرتي الذي يتحدر من ماساشوستس حيث خدم رومني كحاكم للولاية. وقال رومني: «انا وزوجتي آن نقدم عزاءنا العميق لعائلة واصدقاء غلين دوهيرتي، وهو مواطن من ونشستر في ماساشوستس، كان من بين الذين قتلوا في هجوم الثلثاء على قنصليتنا في ليبيا» ودافعت وزارة الدفاع الأميركية عن اجراءاتها الامنية في القنصلية في بنغازي، رغم تمكن الكثير من المسلحين من اختراق المجمع الذي تقع فيه مباني القنصلية وفرض حصار على الفرق الأمنية فيه لساعات. واستؤنفت حركة الملاحة الجوية في مطار بنغازي بعد تعليقها ليل الخميس - الجمعة ل «أسباب أمنية». وقال مصدر ملاحي إن «مكتب الطيران المدني أمر باعادة فتح المطار بعد ضمان الشروط الأمنية». وكان مصدر ملاحي اعلن تعليق حركة الملاحة الجوية من دون سابق انذار ليل الخميس - الجمعة في مطار بنغازي «لاسباب امنية» بعد الهجوم الذي استهدف مساء الثلثاء القنصلية الاميركية. وأكد المصدر أن «تهديدات باحتمال وجود صواريخ ارض جو محمولة ادت على ما يبدو الى هذا القرار لكن ليس لدينا أي تأكيد عن السبب الدقيق». من جهة أخرى، قال شهود في بنغازي إن «طائرات من دون طيار» حلقت فوق المدينة لساعات ليل الخميس - الجمعة. وقال صحافي من وكالة «فرانس برس» إن طائرة واحدة على الأقل حلقت فوق المدينة من دون أن يتمكن من تأكيد انها طائرة بدون طيار. الضرب بيد من حديد في غضون ذلك، أعلن رئيس الحكومة الجديد الدكتور مصطفى أبو شاقور أن من أولويات برنامج حكومته الجديدة العمل جاهداً لتعزيز الأمن في البلاد وسحب كافة الأسلحة الثقيلة من الشوارع وتسليمها للحكومة. وقال أبو شاقور في مقابلة مع وكالة «رويترز» إنه سيضرب بيد من حديد على من وصفهم بالمتشددين الذين رفضوا إلقاء أسلحتهم واقتصوا بأنفسهم من خصومهم خارج ساحات القضاء. وأضاف أن ليبيا ستسعى بهمة عالية لبناء قوات الجيش والشرطة الوطنية وستتاح الفرصة للشبان الليبيين لا سيما الثوار منهم كي يصبحوا رسمياً أعضاء في قوات الأمن، موضحا أن بلاده تعد برنامجاً فعالاً لاستعادة الأسلحة التي لا تزال في أيدي البعض في ليبيا. وقال أبو شاقور في المقابلة التي نقلت نصها وكالة الأنباء الليبية «إن طرابلس ستعرض بعض الحوافز وستقر عدداً من الضوابط وستجري ترخيصاً لبعض الأسلحة الخفيفة لمن يريد حملها، إلا أنه سيتم سحب الأسلحة الثقيلة وتسليمها للحكومة ولن يسمح بوجودها في الشوارع». وفي رده على سؤال للوكالة عن الكيفية التي سيجري من خلالها تحسين أداء الحكومة السابقة في مجال تعزيز الأمن، قال رئيس الحكومة الجديد: «عندما تولت الحكومة السابقة مقاليد الأمور لم تجد المؤسسات التي يمكن البناء عليها إلا انه توجد الآن بعض القواعد لانجاز ذلك مما سيمنح الحكومة الجديدة مجالاً أوسع للحركة في المستقبل». وجدد أبو شاقور التعبير «عن الأسف لما حدث في القنصلية الأميركية» في بنغازي، مؤكداً أن حكومته «ستعمل على دعم قوة الشرطة في هذا المدينة مهد الانتفاضة الليبية». وعما إذا كانت حكومته ستضم أعضاء من الحكومة السابقة، قال «إنها ستضم القليل منهم»، معبّراً عن الأمل في أن تضم حكومته أعضاء من أحزاب سياسية أخرى.