ما إن وضع الموسيقي العراقي نشأت مجيد الذي يبدو سعيداً بلقب «حارس النغم الجميل» في بغداد، على صفحته في «فايسبوك» صورة فريق الروك اللبناني الشهير «ذا نيوز»، حتى راح العشرات ممن عاشوا بغداد أيام كانت مدينة مفتوحة ومنفتحة، يستذكرون حضور الفريق في مدينتهم أوائل سبعينات القرن الماضي، حين قدّم حفلات عدّة في مكان أنيق اسمه «مطعم المطعم». وتألف «ذا نيوز» من أرمن لبنانيين هم مايك بوستانيان المقيم في فرنسا، والراحل جاك، وآرا هاجيان الذي يملك فرقة موسيقية في أميركا حالياً، وجون عازف الاورغ. وكان الفريق حقق حضوراً لافتاً قبل نحو 40 سنة في أكثر من عاصمة أوروبية وتحديداً في لندن، وزار مدناً عدة منها بغداد. وتميّزت أعمال بمزيج من المشاعر العميقة والموسيقى الاصيلة (الحان ليست مستعارة من آخرين بل نتاج شخصي لأعضاء الفريق)، ما جعل عشاق اللحن الغربي من العراقيين الى التعلق بنمط نغمي نادر. وتكاد أغنية «تير دروبس»، رابط الأغنية على «يوتيوب»(http://www.youtube.com/watch?v=cWD_8AyWkUE)، تلخص الفكر الموسيقي لهذه الفرقة بنجاح لافت، فمع عذوبة لحنها وقربها الشديد من ذائقة البغداديين الشرقية وسلاسة كلماتها، ولدت علاقه بين الفريق والجمهور عمادها المشاعر الرقيقة. ويقول آرمين نيكول بيدروسيان الذي حضر حفلات الفرقة سابقاً في بغداد: «التقيناهم في مطعم المطعم في سبعينات القرن الماضي، كانوا يعزفون ويغنون بشكل جميل يتناسب مع ذوق الشباب السائد». ويقول آخر عن تأثير الفريق على ذائقته الموسيقية: «أضعت شريطهم وحزنت، كأنني أضعت جوهرة... كان شريطهم يرافقني في خنادق الحرب، وكان تعويذتي للحياة فهو كان رمزاً لبغداد ايام بهجتها ومدنيتها». أما بيرج نزارتيان فيحمل تفاصيل دقيقة عن حضوره استعراض «ذا نيوز»، ويقول: «أنا أول الأشخاص الذين حمّلوا أغنيات الفريق على فايسبوك من خلال تواصلي مع مدير أعمال الفرقة السابق وعازف الدرامز آرا يرفانت هاجيان الذي هو صديقي الحميم، وتعلمون جيداً ان كل أعضاء الفرقة كانوا من الأرمن، ما سهّل التواصل معهم والتحدث عن الماضي». ويضيف: «خلال تواصلي مع عازف الدرامز، عرفت أن الفرقة قدمت العديد من الحفلات في لندن، كما شاركت في حفلة لفرقتي «بينك فلويد» و «يوفو»، وبعدما تدهورت الأحوال في لبنان قصدت الفرقة بغداد حيث فوجئت بفرقة روك عراقية اسمها 99 في المئة، وكان قائدها آرمين بيدروسيان، وتقدم موسيقى رائعة». بدا النقاش بين الأصدقاء كأنه عرض لجزء مهم من ذاكرة بغداد التي آوت فريقاً مبدعاً مثل «ذا نيوز» الهارب من أتون الحرب في لبنان، وكان في استطاعة بغداد استيعاب الكثير من الفرق التي لاقت رواجاً لدى المستمعين العراقيين في تلك الأيام. ويقول صاحب فكرة استعادة أغنيات الفرقة اللبنانية نشأت مجيد: «كنا نستمتع بوقتنا كثيراً، ونتنقل من مكان الى آخر لعزف الموسيقى، خصوصاً أن بغداد كانت قادرة على استيعاب تجارب موسيقية جديدة». ويضيف: «اقترحت مرة على أعضاء فرقة توب 20 التي كنت أنتمي اليها، تنظيم حفلة في الهواء الطلق انطلاقاً من حبنا للمغامرة وتجريب كل ما هو جديد وعصري، الا أننا عانينا كثيراً لتسجيل ألبومنا الأول، ولم تتح لنا الفرصة الا عام 1989، بعدما غرقت السوق بإصدارات تجارية. وكانت بعض الأغاني تقلد أعمال مطربي الاذاعة والتلفزيون، فلم ينل عملنا الأول اهتماماً كبيراً من قبل شركات الانتاج التي كان همها الربح المادي، فضاع العمل في زحمة انشغالنا في ترتيب أوضاعنا خلال الحرب وبعدها الحصار القاسي».