دأب الشاعر عباس بيضون على كتابة النقد التشكيلي منذ أعوام وله في هذا الحقل مقالات كثيرة عن رسامين لبنانيين وعرب وعالميين. وتتميز مقاراباته النقدية بمنهجها المتعدد، تحليلاً وتأويلاً جمالياً وتشريحاً بنيوياً، علاوة على الروح الشعرية التي تسمح له كناقد، في التعمق كينونياً في اللوحة والمنحوتة. ولعل أحدث ما أنجزه بيضون في هذا المجال كتاب عن الرسام والنحات اللبناني الذي ينتمي إلى جيل الرواد حسين ماضي وعنوانه: «ماضي لاعب الأشكال» (منشورات مكتبة أنطوان - بيروت). ورافقت النص مختارات من أعمال الفنان، من لوحات ومنحوتات تمثل مراحل مختلفة من مساره الطويل. ولئن درجت الكتابة عن الفن والفنانين في لبنان باللغتين، الفرنسية والإنكليزية، فإنّ بيضون والفنان نفسه كسرا القاعدة شبه الثابتة وشاءا أن يكون الكتاب بالعربية وأن يتوجه إلى القراء بهذه اللغة القادرة، كما أثبت بعض النقاد، على احتواء المعجم النقدي التشكيلي العالمي الحديث. وحمل غلاف الكتاب التعريف الآتي: «إنّ كتابة نص عن فنان في وزن حسين ماضي بالعربية مروق عن قاعدة لا نعرف كيف استقرت في ثقافتنا وهي تقديم الفنانين العرب بغير لغتهم أي بالفرنسية والإنكليزية، تقليد كهذا ينفي الفنان إلى لغة غريبة ويبعده عن تلك التي شكلت في الغالب، جلده وعصبه. هذا الكتاب بقلم شاعر وهو لذلك قراءة لفن ماضي بحساسية مركبة وبحث عما فيه من رؤية ونص تشكيلي وأبجدية جمالية وحس بالعالم».