ساد الجمود المفاوضات بين دولتي السودان وجنوب السودان بعد وصول الطرفين إلى طريق مسدود في شأن الخريطة الافريقية لتحديد المنطقة العازلة بين الدولتين، بينما اتهمت الخرطوم الجيش الجنوبي بحشد قوات قبالة مناطق متنازع عليها في دارفور، وهددت بطرد القوات الجنوبية من منطقة خلافية أخرى تسيطر عليها. وجدد سفير السودان في أديس أبابا عضو الوفد السوداني المفاوض عبدالرحمن سر الختم رفض الخرطوم الخريطة الافريقية في شأن المنطقة العازلة، موضحاً أن اللجنة العسكرية - السياسية - الأمنية بين الخرطوموجوبا ستستأنف اجتماعاتها عقب توقفها بعد إجراء مشاورات بين وفدي التفاوض مع قيادتيهما السياسية. وتحدث عن مقترحات جديدة قال إن الوساطة الأفريقية طرحتها في شأن الخلاف على منطقة «الميل 14». إلا أن رئيس الوفد الجنوبي دينق ألور قال إن مواقف الطرفين تراوح مكانها، كما أن الوساطة لم تقدم حتى الآن أي مقترحات جديدة. وقال الناطق باسم وفد دولة الجنوب، عاطف كير، إن التعقيدات ما زالت تحيط بملف الحدود، مؤكداً عدم وجود تقدم فيه، وموضحاً أن الاجتماعات حول الترتيبات الأمنية متوقفة بسبب تمسك وفد السودان بموقفه ازاء الخريطة الافريقية، مشيراً إلى أن التفاوض الجاري حالياً يتناول فقط ملفي النفط والحدود. وجدد رفضهم أي إتفاق جزئي في بعض الملفات بمعزل عن الملفات الأخرى، وطالب باتفاق شامل حول كافة القضايا العالقة حزمة واحدة. إلى ذلك، فشلت الوساطة الافريقية في اقناع وفد المتمردين الشماليين في «الحركة الشعبية - قطاع الشمال» بالدخول في مفاوضات مباشرة مع وفد الحكومة السودانية لمناقشة المسارات السياسية والأمنية. وغادر وفد الحركة بقيادة رئيسها مالك عقار مقر المفاوضات في أديس أبابا إلى واشنطن فجأة. وأكدت مصادر قريبة من المفاوضات ل «الحياة» أن وفد «الحركة الشعبية» المؤلف من مالك عقار وعبدالعزيز الحلو وياسر عرمان توجه أمس إلى واشنطن بدعوة منها لإجراء محادثات مع مسؤولين في الخارجية ومبعوث الرئيس الأميركي الى السودان برينستون ليمان، في مسعى لممارسة ضغوط على أطراف النزاع لتسريع عملية السلام. وقال الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان تعليقاً على مغادرتهم مقر المفاوضات: «تركنا في أديس أبابا من يمثلنا وسنعود إن حدث أي جديد». وفي تعليق له على مغادرة وفد المتمردين، أكد رئيس الوفد الحكومي كمال عبيد استمرارهم في التفاوض. وقال إن سفر عقار والحلو وعرمان أمر يخصهم، لافتاً إلى أن الوفد الحكومي سيظل موجوداً في أديس أبابا رغبة منه في الوصول إلى حل للقضايا المطروحة. إلى ذلك، حذّر حاكم ولاية شرق دارفور اللواء محمد حامد فضل الله من حرب قبلية مفتوحة على حدود ولايته مع جنوب السودان، ودعا حكومة الجنوب إلى سحب قواتها من منطقة سماحة وتجنب مزالق الدخول في حرب قبلية «لا تبقي ولا تذر». وكشف فضل في تصريحات أمس عن حشود من جيش جنوب السودان قبالة منطقة كفن دبي وكفي كنجي وحفرة النحاس في دارفور، وهي مناطق حدودية تزعم جوبا تبعيتها إلى الجنوب. كما لفت إلى وجود تجهيزات واستعدادات بمنطقة شرق دارفور لاسترداد منطقة سماحة من قوات الجنوب. ورأى فضل الله أن الحرب المحتملة خطورتها تكمن في أنها ستأتي مفتوحة ومختلفة عن الحرب بين الشمال والجنوب، لأنها ستأخذ الطابع القبلي. وبعدما دعا إلى الجنوح إلى السلم، قال: «إنهم يحضّرون للحرب ونحن أيضاً سنحضر لمواجهتهم». واعتبر محاولة استرداد سماحة والمناطق الشمالية المحتلة من قبل الجنوب حقاً مشروعاً ودفاعاً عن الوطن. ورأى أن احتلالها له تأثير اجتماعي وسياسي واقتصادي كبير على ولاية شرق دارفور كونها تمثّل مصدر الماء لأكثر من 15 مليوناً من الماشية في المنطقة. وفي تطور آخر، هاجمت القوات المسلحة السودانية أمس مواقع المتمردين الشماليين في ولاية جنوب كردفان قرب منطقة جبال دلوكة جنوب مدينة كادوقلي عاصمة الولاية. وقال الناطق باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد في تصريح نشر على موقع وزارة الدفاع إن القوات السودانية طهرت نطاقاً واسعاً امتد حتى منطقة جبال كلولو جنوباً وكبدت المتمردين 18 قتيلاً وعدداً كبيراً من الجرحى واستولت على كميات من الأسلحة والذخائر، مشيراً إلى أن الجيش السوداني فقد ايضاً عدداً من جنوده كما أصيب آخرون. وقال متمردو «حركة العدل والمساواة» في بيان إن قواتهم دمرت قوة متحركة للجيش في منطقة الكيلو 50 في جنوب كردفان الواقعة بين منطقتي الدبيب والمجلد. كما استولوا على 11 سيارة ودمروا 17 سيارة أخرى بالإضافة إلى عشرات القتلى والأسرى من القوات الحكومية.