سأبدأ موضوعي بما استفزّني شخصياً بشأن الطبقية والفوقية اللتين تحدثت بهما إحدى الإعلاميات في ملحق صحيفة «الوطن» يوم الجمعة الماضي (7-9-2012)، الخاص بتحقيق ملف جمعتنا عن موضوع الخلوة والاختلاط الذي تطرق إلى خلوة المرأة بالسائق وخلوة رجل المنزل بالخادمة. علّقت إحدى الإعلاميات - والعهدة بالكامل على صحيفة «الوطن» بالتاريخ المذكور أعلاه - «أن الخلوة لا تجوز في مكان مغلق مثل حجرة أو منزل لا يوجد به أحد، ولكنها لا ترى أن هناك خلوة بين الرجل وخادمته طالما لا توجد إثارة، والرجل يخشى الله، لأنه لن يتدنى إلى مستوى خادمة، لما يتمتع به من صفات إسلامية محافظة»! ولا تعتبر هذه الإعلامية خروجَ المرأة مع السائق خلوةً، لأنهما أمام الناس وفي الشارع، ولا تمانع أن تعمل المرأة في جو مختلَط، طالما أنها بلباسها المحتشم، سأكتفي بأهم فقرات المداخلة: هل استطعتم تخمين ما استفزني؟ ولماذا استفزني؟ ما استفزني يتهادى في الجملة (طالما لا توجد إثارة والرجل يخشى الله ولن يتدنى إلى مستوى خادمة، لما يتمتع به من صفات إسلامية محافظة). الكلام جله منصبٌّ على الطرف الأقوى، وأن مستوى الخادمة هو أحد الأسباب الرئيسية لعدم اعتبار بقائها مع الرجل في بيته، بمفردهما خلوة، وليس لأنها إنسانة ضعيفة، غادرت بلادها بحثاً عن حياة أفضل، وهي بهذا الوضع يجب أن تُحمى من الذئاب الجائعة. ثم نسمع تعليقاً من إعلاميات وإعلاميين يُرجِعون السبب إلى ترفُّع الرجل عن الخادمة، لمجرد أنها خادمة وليس لأنها لها حقوق يجب أن تراعى! وهل غير المسلم وغير المحافظ من المحتمل أو من الطبيعي أو الجائز في عرفها أن يتدنى - بحسب قولها - لمستوى الخادمة؟ العبرة في مفهومي تتحكم فيها مبادئ هذا الرجل وأخلاقه (مسلم أو غير مسلم، محافظ ظاهرياً أم محافظ داخلياً). العبرة في المبادئ التي تسيّر حياته التي تتحكم فيها إنسايته وأخلاقياته الداخلية وطريقة تربيته، وأرفض تماماً حصرها على المسلمين أو المحافظين. الأخلاق - وعلى رغم ارتباطها الوثيق بالدين - ليست محصورةً فقط في المسلمين، ومن الأخلاق أيضاً أن يترفع الرجل ويعلم داخلياً حدوده الإنسانية ليس بترفُّعه عن المساس بامرأة غريبة وحيدة، لمجرد أنها خادمة، ولكن لأنه يقدّر أنها أمانة في عنقه بجعلها أختاً له أو ابنة (يحميها هو من الآخرين) وليس العكس. التعليق الأكثر غرابةً من إحدى الإعلاميات أيضاً- والعهدة على كاتب التحقيق، فتفاعلي معه مبني على المكتوب أمامي فقط - إذ قالت فيه: «إن خروج المرأة مع السائق ليس خلوة محرمةً، أما وجود الخادمة مع الرجل فهو خلوة محرمة، والحل يكمن في إقفال ربة المنزل باباً يعزل الخادمة عن القسم الخاص بالرجال). سأكمل في المقال اللاحق بحول الله بعد أن أتناول مهدئاً وأنام نوماً هانئاً! [email protected] s_almashhady@