أثار قرار إنهاء مهمات عبدالعزيز بلخادم وزير الدولة الجزائري المستشار الخاص للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة علامات استفهام كثيرة داخل أحزاب الموالاة والمعارضة معاً، خصوصاً لما رافق القرار من لهجة «عنيفة». وتركزت التساؤلات عما اذا كان السبب، تصرفات لبلخادم تشير إلى رغبته في خلافة بوتفليقة، أو أن للأمر علاقة بمواقف اتخذها «الرجل الوفيّ» سابقاً للرئيس، تتناقض وتوجهات الأخير. ولم يسبق لبوتفليقة أن استخدم لهجة «عنيفة» في قرارات إنهاء المهمات حتى بالنسبة الى خصومه، فكيف بالأحرى لبلخادم الذي قاد غالبية المعارك السياسية باسم بوتفليقة في السنوات العشر الأخير. فقرار بوتفليقة أتى اقرب الى العزل، شمل نشاطات بلخادم في هياكل الدولة كافة، مرفقاً بأمر رئاسي الى قيادة جبهة التحرير (حزب الغالبية) بإقصائه من كل المسؤوليات الحزبية التي يشغلها، أي عضوية اللجنة المركزية. والنقطة الأخيرة، أثارت تساؤلات عن مغزى إقحام الرئيس في خلاف حزبي داخلي، وما اذا كان المقصود «عقاب» بلخادم الى حد «التشهير»، ما يوحي بأنه ارتكب خطأ سياسياً جسيماً. ولم يذكر بيان الرئاسة أسباب الإقالة، إلا أن من الواضح أن للقرار صلة بالوضع الداخلي ل «جبهة التحرير الوطني»، وأن الرئيس حسم قراره لمصلحة أمينها العام الحالي عمار سعداني الذي نال، إلى جانب ذلك، اعترافاً صريحاً وعلنياً من الرئاسة بشرعيته. ومعلوم أن بلخادم يقود معركة داخلية منذ شهور من أجل إطاحة سعداني الذي خلفه في رئاسة الحزب الحاكم. لكن آخر خطوات بلخادم أحرجت الرئاسة كما قال مصدر مطلع ل «الحياة»، مشيراً الى ان الرئيس أُبلغ باتصالات جمعت بلخادم بنائب رئيس «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة علي بن حاج، من دون أن يحدد طبيعة هذه الاتصالات. ومجرد التلميح الى هذه الرواية يعني أن مؤسسة الرئاسة ما زالت تنظر إلى بلخادم على أنه «إسلامي»، وهو مأخذ نافذين في السلطة عليه لقربه من التيار الإسلامي ولقاءاته المتكررة بقادته وآخرهم عبدالرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» (الإخوان المسلمون) والذي رافق وفداً من حركة «حماس» الفلسطينية إلى مكتب بلخادم في مقر الرئاسة. ويبدو أن هذا الاستقبال أحرج الحكومة الجزائرية التي باتت ترفض أن تتهم بالاقتراب من «حماس» خصوصاً في ضوء تقارب جزائري - مصري غير مسبوق.