بدأت فرنسا تقديم مساعدة إنسانية إلى مناطق سورية أضحت تحت سيطرة المعارضة المسلحة التي تزودها بتجهيزات لا تشمل السلاح. وتبقي باريس بذلك على حالة من الغموض بشأن التطورات القادمة، خصوصاً احتمال انخراطها عسكرياً في النزاع. وسلكت فرنسا هذا الاتجاه بسبب عدم التوصل إلى حلحلة المأزق الديبلوماسي في مجلس الأمن بشأن سورية بسبب معارضة روسيا والصين أي قرار ملزم للنظام السوري يتضمن عقوبات. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «في هذه اللحظة، يتعين التحرك». وتم رفع المساعدة الإنسانية الفرنسية إلى ثمانية ملايين يورو وتم إحصاء خمس مناطق «محررة» في شمال سورية وشرقها للإفادة منها أولاً. ويعيش في هذه المناطق نحو 700 ألف نسمة من نحو 21 مليون سوري وهي لا تزال عرضة لمخاطر قصف الجيش السوري. والسؤال المطروح هو هل يمكن أن تتطور هذه المساعدة الفرنسية إلى تزويد المعارضة المسلحة بأسلحة دفاعية؟ ويجيب ديبلوماسي فرنسي أن باريس «تعمل بجدية كبيرة» بهذا الشأن. ويضيف «هذه ليست من المواضيع التي نهملها. لكن الإجابة بالغة التعقيد (...) ولاتخاذ قرار محتمل بهذا الخصوص الأمر يستدعي وقتاً». ويؤكد الديبلوماسي «أن المساعدة الفرنسية هي محض مدنية» قبل أن يضيف «في هذه المرحلة». ويذكر فيليب لاليو المتحدث باسم الخارجية الفرنسية «لا يمكننا تزويد الأسلحة. هناك حظر على الأسلحة». ويخضع تزويد سورية بالسلاح منذ أيار (مايو) 2011 إلى حظر فرضه الاتحاد الأوروبي تم تعزيزه في تموز (يوليو) 2012. وعلاوة على ذلك فإن الحذر يفرض نفسه في ضوء التجربة الليبية حيث وصلت الأسلحة التي زودت بها الدول الغربية معارضي نظام معمر القذافي، إلى مجموعات مسلحة في منطقة الساحل الأفريقي. ويشير الأكاديمي اللبناني جوزف باحوط الأستاذ في معهد الدراسات السياسية بباريس إلى «خطر التورط» في سورية من خلال ما يصفه بأنه «تدرج في العمل السياسي العسكري السري» دعماً للتمرد السوري. ويقول «الأمر ليس حكراً على فرنسا. فمنذ بضعة أسابيع بدا مجمل الغربيين يدرك أن السلاح سيحسم نهاية أو أمد الأزمة». ويضيف باحوط أن «واشنطن ولندن وباريس وأنقرة قررت أن تنخرط بصورة كبيرة» وذلك خصوصاً خشية وجود مجموعات إسلامية متطرفة بين المقاتلين ضد نظام الرئيس بشار الأسد. ويشير باحوط مثلاً إلى إقامة «مركز قيادة مشترك» في أضنة جنوب تركيا في الآونة الأخيرة ويضم المركز اضافة إلى تركيا الولاياتالمتحدةوفرنسا والسعودية وقطر. ويقول باحوط إن «جهود توحيد كتائب الجيش السوري الحر، هي مبادرة غربية». وتشارك فرنسا في المناطق «المحررة» في بناء مستشفيات سرية ومخابز التي أضحت أهدافاً للجيش النظامي، وتقدم مساعدة غذائية ودوائية ومعدات طبية، وتقدم مساعدة مالية لتنفيذ مشاريع خدمات أساسية في هذه البلدات مع متابعة مشاريع البناء للتأكد من عدم صرف المال في غير موضعه. كما تقدم فرنسا للمعارضين المسلحين وسائل اتصال ومناظير ليلية «وهي ليست الدولة الوحيدة التي تفعل ذلك» بحسب ديبلوماسي. وقال مقرب من وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس «لكن لا يوجد قرار بتقديم أسلحة قاتلة». ويضيف المصدر ذاته أن «فرنسا لا تنوي المضي في هذا الاتجاه» حتى وإن «كان تغيير هذه السياسة وارداً». ويرى الكاتب اللبناني زياد ماجد الأستاذ في الجامعة الأميركية في باريس أن المساعدة الغربية للمعارضين السوريين «تبقى رمزية حتى الآن حتى وإن كان صحيحاً انه اصبح هناك المزيد من الدعم اللوجستي وربما بالمستشارين».