ظهرت ملامح الفرح في ثقافة السهرات الفنية التي أُحييت أخيراً في جدة التاريخية التي انضمت إلى منظمة اليونيسكو العالمية. وشدا عدد من المغنين بأغاني طرب بشكل يعكس الكم الهائل من الفولكلور والتراث الغنائي الذي تختزله أصواتهم، بعد صمت الاحتفالات الفنية في المسارح السعودية منذ سنوات. وهاجرت حناجر مطربين سعوديين إلى خارج الوطن محملة بالكلمات والألحان والأصوات الجميلة لنقل الألوان الفنية التراثية والفولكلورية، ولكن سرعان ما توظفت حناجرهم لمصلحة ثقافة بلدان أخرى، قدّرت قيمة من يحمل ثقافة وإرث في داخله بإحساس راقٍ يصل إلى قلوب وعقول الشعوب بلغة موسيقية. وشكا مطربون سعوديون من عدم تقدير مهنتهم التي تدخل الفرح إلى القلوب وتحيي ثقافة الاحتفال لدى الناس، إذ يقول المطرب عبدالرحمن الحسن: «نحن منبع الفن والفولكلور والأصوات موهبة وقامة، وسعدت كثيراً برؤية معاني العيد والبهجة في وجوه الصغار قبل الكبار في مهرجان جدة التاريخية عندما بدأت السهرات الغنائية، وما هو إلا العودة إلى الحاجة الطبيعية للنفس البشرية، في ظل ترويح مبهج تحت مظلة تنظيمية وإشراف حكومي واعٍ يحترم العادات والمشاعر لمحبي الثقافة والفن الراقي في بلادنا بأنواعه وفولكلوره، ونتمنى أن تقام مثل هذه المهرجانات وتفعل المسارح الفنية في مدننا لاحتواء مواهبنا الشابة والجمهور ليستمتع بالفنون والفكر النيّر». ويشير المطرب محمد السليمان إلى أن السعودية كانت في مقدم المناطق العربية الأكثر اقبالاً من الجماهير في الحفلات الغنائية التي تقام على مسارح أبها والباحة وجدة، «لكن توقفت المسارح، وانحلت شركات الإنتاج، وبدأ المطرب السعودي في الاندثار، وأصبحنا نسمع ألحاننا وأغنياتنا في أصوات منشدين من دون إذن أو حفظ لحقوقنا». ويضيف: «ما يحدث في جدة التاريخية من سهرات فنية هو الفن والأصل بذاته ومعلم الفرح الحقيقي الذي يحتاج إليه إنسان السعودية. للأسف أصبح المطرب السعودي يجد نفسه في دول أخرى أكثر من وطنه، ما يستوجب تحويل القضية إلى هيئة مختصة بالفن والفنون، كونه جزءاً من الحضارة والثقافة التي يجب ألا تنحل وتندثر. أصبحنا نتجاهل تراثنا عند الغناء في الخارج نزولاً عن رغبة الشعوب الأخرى». ويوضح المطرب عبدالله الفارس، أن المطرب السعودي بإمكانه تقديم عدد من الأعمال الوطنية التي تستحقها بلاده، «أصبحنا نفتقد الفن السعودي بسبب عدم الاهتمام وإهمال المطربين السعوديين، وأضحت الحفلات خارج السعودية ترفع المطرب وتهتم به أكثر من بلده، لو وجدت الحفلات على المسارح والمواقع السياحية السعودية ستجد النجاح أكثر منه في الدول الأخرى، كون المغني السعودي مبدعاً ويتعايش مع طبيعة المكان، ولكن أصبح المطرب السعودي يشعر بالخجل، كونه لا يجد فرصة في بلده». ويؤكد الملحن والمطرب أحمد الحازم أن ما حدث في سهرات جدة التاريخية يعتبر منافساً لحفلات «سوق واقف» في قطر.