"مولد أمة" أول مهرجان غنائي أقيم في افتتاح الجنادرية، في هذا الاوبريت أمتزج اللحن والأداء لثلاثة نجوم قدمت تحفة من الفن الراقي بقيت وستبقى في التاريخ، الموسيقي محمد شفيق تفوق دائما في صناعة الاوبريتات والألحان الاستثنائية التي تغنى بها كبار مطربي الخليج تقدمهم صوت الأرض طلال مداح (رحمه الله) والفنان عبدالكريم عبدالقادر ومحمد عبده وغيرهم من النجوم، شفيق التهم الموسيقى صغيرا فنضج وأصبح كبيرا بعطائه وقيمته اللحنية. في هذا الحوار كان لمساحة زمنية لقاء مميز مع الملحن محمد شفيق الذي تحدث عن مشواره الطويل بكل عفوية فإلى اللقاء. حدثني عن طفولتك وكيف تعرفت إلى الفن؟ - محمد شفيق من مواليد جدة 1367ه درست في مدارس الثغر النموذجية المرحلة الإعداديةوالتي كانت بداية تعلقي بالفن وقد توفي والدي وعمري عشر سنوات. كان الأول إعدادي بدايتي مع الفن والتلحين وكان السبب في ذلك وجود نشاط يهتم بالموسيقى في المدرسة كباقي النشاطات الرياضية والفن التشكيلي وغيرها من النشاطات وكان هناك أستاذ أردني اسمه صالح العسلي والأستاذ عاطف الجعار وكانوا يدرسون الموسيقى وتعلمت على آلة الكمنجة وبعد ذلك تطورت الأمور وتعلقت بهذه الآلة ومن حبي للغناء كنت أغني المحفوظات وألحنها وهذا جعلني أحفظها بسهولة ولم يؤثر حبي للموسيقى على مستواي الدراسي وحصلت على شهادة الثانوية عام(1967م). @ بعد الدراسة كيف واصلت مشوارك الفني؟ - استمررت في الاهتمام بالموسيقى على يد الأستاذ عبدالسلام سفر في إذاعة جدة بعد افتتاحها والتي كانت آنذاك في شارع المطار وكان حينها قائد فرقة موسيقية أخذت منه مبادئ النوتة وشاركت مع فرقة تعزف موشحات مع حسن فواز ومحمد صالح نوار بعد ذلك درست الكمنجة مع الأستاذ مهران وانضممت إلى فرقة تعزف للأساتذة محمد عبدالله وطلال مداح وفوزي محسون. @ ما قصة فرقة النجوم؟ - فرقة النجوم هي فرقة موسيقية كونتها أنا وسراج عمر وسامي إحسان وعدد من الزملاء سميناها فرقة النجوم في(1971م)وكنا نتجمع مساء للعزف وطبعا تضايق الجيران من أصوات الآلات الموسيقية وجاءنا الفرج على يد الشيخ جميل الحجيلان وزير الإعلام في ذلك الوقت وأعطانا مقراً في الإذاعة وصرفت لنا بطاقات دخول الإذاعة وسمح لنا بالتعاون مع الفنان محمد علي سندي رحمه الله وشاركنا في فرقة مسرح التلفزيون والمطربين الآخرين وتم صرف مكافآت لنا ومن هذه الفرقة تخرج عدد من الملحنين كسامي إحسان وسراج عمر وأنا منهم. @ كيف كان مشوارك مع طلال مداح؟ - تعرفت إلى الأستاذ طلال مداح رحمه الله في الستينات الميلادية عن طريق عازف الكمان عبدالله الماجد وكان طلال فنانا وإنسانا رائعا حيث شجعني وأعطاني فرصة أعدها من الفرص الجميلة حيث أعطاني إحدى أغانيه لألحنها له وكانت هذه بالنسبة إلي البداية القوية التي كانت تحديا لي لأنها ستغنى من أستاذ كبير وهرم فني وهو طلال مداح وكانت هذه الأغنية من كلمات ثريا قابل وقبلها كنت ألحن ولكن ليس لفنانين كبار بعد هذه الفرصة من طلال جاءتني الفرصة الأخرى والمهمة في مشواري مع التلحين وهي للأستاذ الفنان الكبير محمد عبده وكان ذلك في مسلسل "أغاني في بحر الأماني" حيث غنى لي فيها أول أغنية وهي من كلمات محمد طلعت رحمه الله. @ كيف كان لقاؤك مع الأمير محمد عبدالله الفيصل؟ - كنت أعمل في بترومين وأردت أن انتقل لوزارة المعارف فقابلت الأمير محمد عبدالله الفيصل وكان حينها وكيل وزارة المعارف وبدل أن ينقلني للوزارة أشار علي بأن يرسلني في للقاهرة لدراسة الموسيقى وبحمدالله توفقت وتخرجت في معهد الموسيقى. @ وجودك بالقاهرة للدراسة ماذا أضاف لك؟ - كان لوجودي بالقاهرة دوركبير في مواصلة مشواري مع التلحين حيث التقيت مع الفنان محمد السراج والفنانة عتاب ولحنت لحنين للأستاذ محمد عبده من كلمات إبراهيم خفاجي الذي كنت التقي به في القاهرة حيث كان أبناؤه هناك للدراسة ومحمد عبده كان موجوداً في القاهرة لإحياء حفلات وكنا نلتقي هناك، كذلك لا أنسى الأستاذ أبوبكر سالم بلفقيه الذي أعطاني كلمات لألحنها وهذه أعدها دعما كبيرا من أبي أصيل لأن الجميع يعرف أن أبوبكر لايحتاج أن ألحن له لأنه كاتب أغنية وملحن ومغن وأهم من ذلك تواضعه وتعامله الجميل مع زملائه في الوسط الفني. @ ما قصة بروزك في الجنادرية؟ - من أهم المحطات في حياتي تلحين أوبريت مهرجان الجنادرية "مولد أمة" في عامه الأول والمشاركة في هذا المهرجان تلحينا أوكتابة أوأداء يعد وساما لكل مشارك لأنه من الأعمال الوطنية وقصته أنه كنا في القاهرة مع سمو الأمير بدر بن عبدالعزيز وجاءته حينها فكرة جميلة وهي أن الفرق الشعبية تعرض وتشارك بتراثها وأغانيها الخاصة بمناطقها وكان ذلك بوجود الفنان طلال مداح والفنان محمد عبده وقال لماذا لايقدم طلال ومحمد الأوبريت وكل منطقة تشارك بلونها الشعبي وتم الاتفاق على ذلك وتشريفي بتلحين الأوبريت وهذا أعده رداً على كثيرين الذين قالوا لم تأخذ وساماً فقلت هذا أكبر وسام أخذته. والحمد الله حاولنا في هذا الأوبريت جمع أكثر الإيقاعات الشعبية من كل مناطق المملكة. @ حدثني عن الحانك الوطنية، حيث قيل إنك الأكثر تقديماً لها؟ - بعد الجنادرية لحنت عمل "وقفة حق" من كلمات الأمير بدر بن عبدالمحسن وذلك بعد تحرير الكويت وعمل آخر عن الإرهاب كرمني لأجله الأمير خالد الفيصل عندما كان أميرا لعسير، ومن الألحان التي مازلت أذكرها أغنية "هبت هبوب الجنة"(1991م) وهي كلمات الأمير محمد عبدالله الفيصل حيث أعطاني محمد عبده الكلمات لأضع اللحن، ولكن في البداية لم اعرف كيف الحنها عندما أفكر في فكرة لا تتوفق مع الكلمات ولم أقتنع بها وعدت إلى جدة وكلمني الأمير محمد العبدالله وقال لماذا تأخر اللحن قلت له هناك شيء لم أفهمه قال تعال للبيت وذهبت إليه وقلت لم أفهم المطلع وسألته من كان يقول هذه الكلمات فقال كان يقولها القدماء بصوت معين أعطاني فكرة وأخذت المطلع من نفس الإلقاء وركبت عليه اللحن والحمدالله نجحت. ومن الألحان التي أفتخر بها الألحان الخاصة بالعمل الوطني التي تتحدث عن الوطن لأنك عندما تلحن للوطن فأنت تحس اللحن وتعايشه لأن حب الوطن مزروع في داخلك بعكس تلحينك أغنية عاطفية فربما لا تستطيع أن تعطيها حقها لأنك ربما لا تكون قد عايشت التجربة فقط تتخيل. @ من دعم محمد شفيق في ظهوره كملحن بارز في الساحة الخليجية؟ - هناك عدد من الفنانين خدموا ألحاني من أبرزهم طلال مداح ومحمد عبده وعبدالكريم عبدالقادر وكان آخر عمل مع الفنان طلال مداح رحمه الله ألبوم(أسبوع) ومن الذين استفدت منهم الأستاذ إبراهيم خفاجي الذي كان يساعدنا في التلحين وكيف نستخدم الكلمة وكيف نستخدم الفلكلور ونسخره لخدمة اللحن. @ (من خرج من داره قل مقداره)، سمعتك تردد هذه المقولة.. ماذا تعني بها؟ - أقصد بها أننا ضيعنا جمال المسرح وأصبح تركيزنا في التلفزيون وأصبح الاسمتاع بالنظر قبل السمع فالمسرح عندما تستمع لمغن فإنك تطرب لكلماته وتتفاعل مع لحنه وأدائه أذكر في تلك الأيام (1968م)كان كل مؤد له تخصصه الراقص يرقص والمغني يغني والشاعر يكتب الكلمة كل له مجاله في المسرح عند بدئه في الإذاعة، لكن اليوم للأسف تشاهد هذه الصور في صورة واحدة أي: هناك شخص واحد يقوم بكل هذه الأدوار فأصبح الفن للأسف مهنة من لا مهنة له، أيضا التقنية خدمت كثيراً من ناحية تجميل الصوت لكن ينكشف ذلك على المسرح وأمام الجمهور فأتمنى أن يعطى الخبز لخبازه. @ حدثني عن ابرز محطات حياتك؟ - الحياة كلها محطات هناك أشياء تخطط لها وترسمها ودائما الشيء الذي ياتي من الله هو الشيء الأفضل، واعطيك مثلا: موضوع البعثة الدراسية في القاهرة لم يكن تخطر ببالي وكنت فقط أريد أن أنقل من بترومين إلى المعارف علشان موضوع الدوام والاستفادة من إجازة الخميس والجمعة وكلمت الأمير محمد العبدالله حفظه الله فاقترح علي أن أدرس موسيقى وأذهب بعثة ووافقت ولم تكن على بالي وفتحت لي دراستي في القاهرة آفاق واسعة في مجال التلحين والتقيت مع أساتذة سواء ملحنين أومطربين أو كتاب كلمة منهم محمد الموجي وبليغ حمدي ومحمد حمزة والفنانة وردة الجزائرية وفايزة احمد وغيرهم من النجوم، والمحطة الأخرى في حياتي التي لم يشأ الله أن تتم وهو إكمال دراستي بعد البكالوريوس خارج المملكة حيث أشار علي بذلك صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد رحمه الله ولكن وزارة الإعلام لم توافق بحجة ان سني كبير وكان وزير الإعلام حينها فؤاد فارسي وعندما علم الأمير فيصل بذلك قرر أن يرسلني على حسابه ولكن توفاه الله وبعدها مازلت على أمل في اتمام دراستي. @ الفلكلورات الشعبية والايقاعات المتناثرة في السعودية لم نعد، نسمع عنها شيئاً، ما السبب وراء ذلك؟ @ أن بلدنا غنية بفلكلورها الشعبي وكل منطقة لها لونها ولها أهازيجها ورقصتها فأتمنى الاهتمام بهذه الثقافات المختلفة وجمعها فهي لها مردود كبير على بلدنا وتوصيل ثقافتنا للآخرين وخاصة خارج المملكة فأتمنى أن يتم توثيق هذا التراث، حتى ان برامج الأطفال التي تأسس الطفل على حب التراث، التي أراها افضل من مشاهدة أفلام الكرتون وغيرها من الأعمال التي لا تفيده بقدر ما تضره وتولد لديه العنف بدل الحب.