أعرَب المكتب الإقليمي لدول شرق المتوسط في «منظمة الصحة العالمية» (اختصاراً «إمرو») عن تقديره البالغ للقرار التاريخي الذي اتخذته أستراليا وقضى برفض الطعن الذي قدّمته شركات صناعة التبغ ضد قوانين جديدة مُقيّدة لتسويق التبغ. وتضمّنت هذه القوانين فرض علبة تغليف موحّدة للسجائر المُباعة في أستراليا. وفي تصريح إلى «الحياة»، وصف الدكتور علاء الدين العلوان، المدير الإقليمي لشرق المتوسط «إمرو» هذا الحكم القضائي بأنه انتصار حقيقي للحكومة الأسترالية ولحركة مكافحة التبغ قاطبة. تغليف باهت لمقاومة سطوة الشركات قبل فترة وجيزة، أصدرت المحكمة العليا حكماً لمصلحة الحكومة الأسترالية في ما يخصّ بتطبيق سياسة التغليف البسيط الذي لا يحمل علامة تجارية على علب السجائر كافة. ويساهم هذا الحكم القضائي في إعطاء البلدان الأخرى قوة دفع للمضي في طريق تبني إجراءات أشد قوة وأكثر حزماً في مكافحة استهلاك التبغ، من دون خوف من شركات السجائر وأصحاب المصالح في صناعة التبغ كافة. وأضاف العلوان: «يبعث هذا الحكم الأمل ويمد سائر البلدان بالدافع كي تقاتل بقوة أكبر ضد استهلاك التبغ». وأضحت أستراليا أول بلد تُباع فيه السجائر معبأة في تغليف بسيط ذي لون أخضر زيتوني باهت، يخلو من العلامات التجارية لشركات التبغ. واستندت الخطوة الأسترالية إلى اتفاقية «منظمة الصحة العالمية» الإطارية لمكافحة التبغ. ومثّل هذا القرار التاريخي انتصاراً في مجال الصحة العمومية في مواجهة الأساليب التسويقية القاسية التي تتبعها شركات التبغ، كما قدّم نموذجاً يمكن سائر البلدان أن تحتذي به. وأضاف العلوان: «أوضح وزير التجارة الأسترالي، وهو رجل ذو رؤية ثاقبة، عبر هذا القرار، أن سياسة التغليف البسيط تكافح السرطان ولا تعوق التجارة». وأشار العلوان إلى وجود أدلة تثبت أن التغليف البسيط الخالي من العلامة تجارية يحدّ من جاذبية منتجات التبغ بين شرائح معينة من السكان هي موضع استهداف من قِبَل شركات التبغ، خصوصاً فئة صغار السن. وقال: «مع صدور هذا الحكم، لا عودة عن مكافحة التبغ بل تقدّم دائم إلى الأمام. لنتذكّر أن انتشار وباء التبغ يتسارع في إقليم شرق المتوسط. ثمة حاجة ملحّة لأن تتخذ بلداننا أقصى ما يمكنها تبنيه من إجراءات صارمة لمكافحة التبغ. وبينما نواصل الجدال حول التحذيرات النصيّة، تقطع بلدان أخرى خطوات حاسمة في تطبيق سياسة التغليف البسيط الخالي من العلامة التجارية. وبينما نواصل مواجهة تحديات تعوق إعلان خلو الأماكن المغلقة من التبغ، فإن بلداناً أخرى تحظر التدخين في المتنزهات العامة! إن إقليمنا يستحق الأفضل، وسيصل إليه حتماً». وعملاً ب «الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ»، و «الإعلان السياسي للأمم المتحدة حول الأمراض غير السارية»، لم تعد مكافحة التبغ اختياراً بل صارت التزاماً. وباتت مكافحة التبغ تعهّداً دولياً يتعين على الحكومات الالتزام به، مع التشديد على إيلاء إجراءات الصحة العمومية الأولوية القصوى على ما عداها من اهتمامات. وفيما احتفل العالم بالنصر الذي حقّقته الحكومة الأسترالية، دعا «المكتب الإقليمي لشرق المتوسط» بلدانه لبذل مزيد من الجهود نحو التطبيق الكامل للاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ. وحضّ المكتب هذه الدول على تبني حزمة إجراءات وقائية تشمل: وضع تحذيرات صحية مصوّرة على علب السجائر، شرط أن تشغل 50 في المئة على الأقل من مساحة العلبة. تبني سياسة الحظر الشامل لإعلانات التبغ ورعايته والترويج له. فرض حظر قسري شامل على استهلاك التبغ في الأماكن العامة. زيادة أسعار التبغ كجزء من السعي للسيطرة على حصول صغار السن عليه. مواصلة رصد الوباء وتقديم المعالجات من الاعتماد على التبغ. واختتم العلوان تصريحه قائلاً: «إن تطبيق اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة التبغ»، وكذلك الإجراءات الفعالة ذات الأساس العلمي، هما الطريق الوحيد لكبح جماح وباء التبغ. * المدير الاقليمي في منظمة الصحة العالمية