ظهر رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران منتشياً يرقص على إيقاع أغنية حماسية تشيد ب «المصباح» رمز حزبه الإسلامي «العدالة والتنمية» في الانتخابات التشريعية الماضية. واختار أن يبدأ الموسم السياسي من مدينة طنجة التي استضافت ملتقى شباب حزبه بعد رفض السلطات الترخيص لتظاهرة في ساحة عامة. وربط مراقبون اختيار المدينة بقرار المجلس الدستوري إلغاء نتائج ثلاثة مقاعد حصل عليها قياديون بارزون في الحزب الإسلامي هناك، بسبب استخدام صورة مسجد في المدينة خلفية لملصقات انتخابية بينما تحظر القوانين التنظيمية استخدام الدين في المنافسات الانتخابية. الظاهر أن بن كيران العائد من زيارة خاصة للملكة العربية السعودية توجت بأداء العمرة، أراد بترؤسه مهرجان شباب حزبه الإيحاء بأن ما يصدر عن قواعد الحزب وتنظيماته المختلفة يعكس التزاماً حزبياً مشتركاً مع القيادة، وإن كان دعا مرات عدة نواب حزبه إلى عدم التسرع في إطلاق الأحكام والتصريحات ما لم يكن ذلك معززاً بأدلة قاطعة في كشف الفساد في الإدارة والمؤسسات العامة. وقال زعيم «العدالة والتنمية» موجهاً كلامه إلى شباب حزبه إن «إرادتنا قوية في بناء نهضة البلاد ما يتعارض والفساد والاستبداد»، مشدداً على ضرورة مواصلة الإصلاح و «عدم التخلي عن المسؤولية». وانتقد خصوم حزبه من دون تسميتهم بالقول: «لا تتركوا الفرصة للمشوشين يفسدون عليكم فرحتكم، وعليكم تحمل المسؤولية بقوة وأمانة». بيد أن رئيس الحكومة لم يعرض لقرار السلطات المحلية منع شباب حزبه من تنظيم حفل في ساحة الأممالمتحدة. وفسر مراقبون التزام الصمت برغبة بن كيران في عدم تفجير الائتلاف الحكومي الراهن، خصوصاً أنه كان انتقد بعض مواقف وزير الداخلية محند العنصر زعيم «الحركة الشعبية» الذي يتعرض لوابل من الانتقادات من طرف بعض قياديي الحزب الإسلامي. لكن وزير الحوكمة والشؤون العامة المنتسب إلى «العدالة والتنمية» نائب طنجة الذي أطاحه قرار المجلس الدستوري نجيب بوليف صرح بأن قرار منع حفل شباب الحزب «يستحق الشكر». وبرر ذلك بالقول إنه «يعني أن لا شيء تغير في البلاد»، فيما وصف النائب عبدالله بوانو قرار الحظر بأنه «ذو طابع سياسي». ورجحت مصادر قريبة من الحزب الإسلامي تفاعل القضية وتحديداً على صعيد العلاقة بين مكونات الائتلاف الحكومي الذي يضم إلى «العدالة والتنمية» أحزاب «الاستقلال» و «التقدم والاشتراكية» و «الحركة الشعبية»، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي يصدر عن الحزب الحاكم ما يفيد بقلقه حيال تصرفات وزير الداخلية. ولوح النائب بوانو بإمكان النزول إلى الشارع لمواجهة ما يعتبر «مؤشرات مقلقة». وكان لافتاً أن شباب «العدالة والتنمية» صعدوا لهجتهم في مواجهة ما يصفونه ب «التراجعات» التي طاولت قضايا عدة. والتأم الملتقى تحت شعار «شباب مع الإصلاح ضد الفساد» للدلالة على التزام مواقف راديكالية إلى حد ما، لم تسلم قطاعات حكومية من انتقادها، إلى درجة طرح السؤال عمن يحكم البلاد ودور الحكومة. لكن ثمة من يذهب إلى أن هذه المواقف تعزز الوضع التفاوضي للحزب الحاكم الذي بات يواجه النيران من كل الاتجاهات. وقال الأمين العام لشباب الحزب مصطفى بابا: «لن نتراجع عن مبادئنا»، مؤكداً أن الحزب «لن ينحني أمام العاصفة». وانتقد أعضاء «لوبيات الفساد» الذين قال إنهم «اختبأوا كالفئران والجرذان في جحورهم» عقب انتفاضة الشارع المغربي، في إشارة إلى «حركة 20 فبراير» التي لم يشارك فيها الحزب الإسلامي. ثم أردف أن بعد انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 التي حاز فيها «العدالة والتنمية» صدارة الترتيب وتشكيل الحكومة التي يقودها عبد الإله بن كيران «عادت الجرذان لتتحدث عن الإخفاق والفشل».