حول قصف القوات النظامية والاشتباكات بين هذه القوات والمقاتلين المناهضين للنظام تفتناز الواقعة في ريف ادلب شمال غربي سورية الى مدينة اشباح لا سيادة فيها الا للمروحيات العسكرية. وتعيش تفتناز الواقعة وسط حقول زيتون منذ اسابيع تحت رحمة هذه المروحيات المتمركزة في مطار عسكري قريب حيث تجوب سماءها بلا كلل مهددة كل حركة فيها. وغادر آخر المدنيين البلدة في نسيان (ابريل) عقب توغل للجيش فيها نتج منه عشرات القتلى، ولم يتبق فيها اليوم سوى مقاتلي القوى المعارضة المسلحة الذي حملوا السلاح بعدما قمعت القوات الحكومية التظاهرات المناهضة للرئيس السوري بشار الاسد فيها. ويتنقل المقاتلون وحدهم او مع شخص آخر في شوارع تفتناز الترابية، خفية ومن دون سلاح خوفاً من اثارة انتباه المروحيات، فيما تدور اشتباكات عشوائية في شكل متقطع، تأخذ المروحيات كامل وقتها قبيل اختيار هدفها. وتحلق هذه المروحيات في معظم الاوقات على علو متوسط بعيداً من متناول اسلحة المقاتلين، قبل ان تنقض فجأة على اهدافها مستعينة بالرصاص والصواريخ والقنابل التي تملك القدرة على تدمير منزل كامل، بحسب ما يقول المقاتل في الجيش السوري الحر راغب غزال. ومن دون اسلحة دفاع جوي، يعجز المقاتلون عن التصدي لهذه المروحيات، ويقول احدهم «نثبت احياناً اسلحة ثقيلة في حقل للزيتون حتى نحاول استهدافها، لكن الامر يحمل مخاطرة كبيرة». وتبرز آثار القصف والرصاص على معالم تفتناز، وبينها الابنية المنهارة والواجهات المدمرة، بينما يتمركز المقاتلون في مداخل المنازل الكبيرة. وعلى بعد ثلاثة كيلومترات من البلدة يقع مطار تفتناز العسكري الذي يفصل بينها وبين مدينة ادلب، ومن موقع قريب للمقاتلين يمكن رؤية 15 مروحية من نوعي «ام اي - 17» و «ام اي - 24». وحاول المقاتلون الاربعاء مهاجمة القاعدة الا ان العملية باءت بالفشل، بحسب ما يقول ابو عمر، قائد «لواء الحق» الذي رفض المشاركة في عملية «لم يتم التجهيز لها بشكل جيد». ودمرت مروحية واحدة في الهجوم، فيما اصيبت الاخريات بشكل طفيف وبقيت القاعدة في ايدي القوات النظامية، علماً ان هذه القوات نقلت اخيراً مروحيتين الى قرية الفوعة الشيعية القريبة. وعقب الهجوم على مطار تفتناز، استهدف مقاتلو المعارضة مطار ابو الظهور الواقع في ادلب ايضاً، وتمكنوا من السيطرة على 70 في المئة من منشآته، وفقاً لأبو عمر. ويشتكي ابو عمر من ان المقاتلين لم يستلموا «قطعة سلاح واحدة من الخارج»، منتقداً مجتمعاً دولياً يرى انه «شريك» للرئيس السوري بشار الاسد. وشأنه شأن عدد كبير من رجاله، يُقر رجل الاعمال ابو عمر المنتمي الى عائلة غزال النافذة في البلدة، بالعجز عن القدرة على مواجهة المروحيات. ويستدرك ابو عمر الذي يحمل في يده مسدساً وجهاز اتصال «جنود النظام لا يستطيعون ان يخطوا خطوة واحدة خارج قاعدتهم، نحن في سهل ويمكننا ان نحدد موقعهم فوراً عندما يتحركون». ويتابع «الله معنا. هم يملكون السلاح، ونحن نملك الايمان».