ودّعت الأوساط الفنية والسينمائية العراقية، أول من أمس، المخرج السينمائي وعميدها عبدالهادي مبارك الذي توفي في بغداد عن عمر ناهز 80 سنة، إثر تدهور حالته الصحية، لتُطوى صفحة عطاء امتدت أكثر من نصف قرن. وشيّع جثمان مبارك صباح أمس، من مقر دائرة السينما والمسرح في العاصمة التي اكتظت بمئات الفنانين من زملاء الراحل وتلاميذه، فلفّ الحزن الجميع بفقدان السينما العراقية أحد رموزها وصنّاعها الحقيقيين، قبل أن تواجه مسلسل اندثارها. وقال الممثل العراقي المعروف، سامي قفطان، الذي كان يجهش بالبكاء: «برحيل المخرج الكبير عبدالهادي مبارك تكون أركان السينما العراقية قد فقدت واحداً من أبرز أعمدتها، وهو الذي ترك أثراً كبيراً وبصمات واضحة عبر مشروعه السينمائي». ولطالما اهتم مبارك بقضايا المجتمع العراقي وتوغل في تقاليده، المدينية والريفية، وقدم معالجات سينمائية إنسانية مشهودة في أشرطة عدة من إخراجه، شكّلت أولى خطوات صناعة السينما في العراق. ومن أبرز أفلامه «عروس الفرات» (1956) ويتناول فيه المشاكل الاجتماعية التي تواجهها المرأة في الريف العراقي، وحكاية فتاة تضطر إلى مغادرة قريتها في ريف مدينة عراقية في الجنوب، على رغم العادات الصارمة التي كانت تحكم الفتاة آنذاك، لتواصل رحلتها الدراسية في العاصمة بعيداً من قسوة التقاليد وظلم الحياة. لكن النسخة الأصلية لهذا الفيلم فُقدت من أرشيف دائرة السينما والمسرح الذي كان يضم أكثر من 90 فيلماً سينمائياً. وغاب المخرج الراحل عن الساحة السينمائية سنوات عدة، بعدما أخذت عجلة السينما العراقية تتراجع. ومن الأفلام الروائية الأخرى لمبارك فيلم «الحب هو السبب» (1989) و «بديعة» (1987) الى جانب أعمال تلفزيونية تولى إخراجها ونالت شهرة واسعة، منها مسلسل «جذور وأغصان» للكاتب العراقي عبدالوهاب الدايني. وشارك مبارك في كتابة قصة وحوار الفيلم العراقي «فتنة وحسن» (1955). وفي عام 2008، كان الراحل انتهى من كتابة سيناريو فيلم بعنوان «العراقي» ويتناول فيه قصة عصابة تهرب الأموال والآثار وتصطدم بعصابة أخرى لا تلبث أن تنضم إليها. لكن هذا الفيلم لم ير النور بسبب عدم تأمين كلفة إنتاجه التي بلغت 150 ألف دولار، على رغم محاولات عدة مع مؤسسات ثقافية عراقية.