اختير فنان عراقي شاب لتنفيذ نُصُب في ساحة الفردوس وسط بغداد، حيث كان أكبر تماثيل الرئيس العراقي السابق صدام حسين حتى عام 2003، وذلك كجزء من مشروع «بغداد عاصمة الثقافة العربية» في 2013. ويأتي النُّصب الجديد ضمن 19 عملاً فنياً من تماثيل ونصب لشخصيات بارزة في إطار المشروع ذاته. وتأخذ وزارة الثقافة على عاتقها مسؤولية الاحتفاء بهذا المشروع، إذ بادرت إلى مشاريع عدة أبرزها بناء دار للأوبرا ومدينة الطفل وعشرات المسارح. وكانت الوزارة أطلقت مسابقة، بمشاركة فنانين من داخل العراق وخارجه، لتشييد 19 نصباً لشخصيات عراقية تركت أثراً في تاريخ البلاد الحديث لتُنفّذ في أنحاء بغداد، وفاز بها عدد من الفنانين، ومن أبرزها نصب سينفذه الفنان الشاب عباس غريب في ساحة الفردوس التي تُعدّ إحدى أبرز الساحات العامة في بغداد، واشتهرت عالمياً بعدما أزال منها الجيش الأميركي في 9 نيسان (ابريل) 2003 أكبر تماثيل صدام حسين. ويرتفع النُّصب الجديد 21 متراً، وهو دائري تتشابك أطرافه العليا، ويضم أربعة أبواب على الطراز العباسي، كما أنه «مطرّز» برسوم منحوتة بالبرونز تمثّل الحضارات التي تعاقبت على بلاد الرافدين. وعرض غريب نصباً مصغراً لعمله الذي سينفذه بالحديد والبرونز على أسس إسمنتية، ويقول إن «النصب يتخذ شكل أقواس ذات زوايا ترمز إلى نخيل العراق، وبواقع 18 قوساً للدلالة على عدد محافظات البلاد، تأكيداً لفكرة عراق واحد ومتماسك». ويضيف: «استحدثنا تقنية الإنارة الليلية التي ستشع لمسافات واسعة، مع أساسات بقطر 12 متراً دائرياً، إضافة إلى مقتربات تشمل حدائق وممرات، إذ سيطفو النصب على بحيرة كبيرة مع شلالات، وفي الوسط عمود بارتفاع 17 متراً وإنارة بالليزر. كما يتخلله عمود دلالة على بقاء العراق مصدر إشعاع للبشرية... فلطالما كان العراق عرضة للأطماع والمعارك، لكنه تمكّن من الحفاظ على وحدته». وعن شعوره إزاء مشروعه الذي سيحتل مكان أكبر تماثيل صدام حسين، يقول مبتسماً: «الحكام يأتون ويزولون، لكن العراق يبقى للعراقيين». أما المدير العام للفنون التشكيلية جمال العتابي فيلفت إلى أن «اختيار هذا العمل (نصب العراق) لا يعني أن الأعمال الأخرى غير موفقة، لكننا اعتمدنا مواصفات محددة ومعروفة للترشيح»، مضيفاً أن «العمل قدّم حالة تلاحم بين المارة في الشارع وبين عين المتلقي بطريقة جميلة، وهذا هو سرّه». الى ذلك، قال المدير العام للوزارة عبدالقادر سعدي الجميلي ان «اللجنة الفنية العليا المشكلة في الوزارة قد اختارت 19 شخصية لصنع تماثيل لها وأُحيلت على نحاتين». واضاف: «اعتقد انها المحاولة الاولى على مر هذه السنوات لنحتفي بهذه الرموز ونقدم ثقافة العراق بأشخاصها وأسمائها». ومن أبرز الشخصيات التي ستجسَد في نُصُب: النحاتان محمد غني حكمت وفائق حسن جواد سليم، وعالم الاجتماع علي الوردي، والكاتب كامل شياع، والشاعرة نازك الملائكة، والشاعر مصطفى جمال الدين، والعالمة طاه باقر، وأول سيدة تتولى منصب وزيرة في العراق نزيهة الدليمي، والعلامة ورجل الدين أحمد الوائلي، والأب انستاس الكرملي.