أعلنت مجموعة من سيدات الأعمال السعوديات استياءها الشديد من عدم تضمن قائمة أقوى 100 امرأة في العالم لعام 2012، التي أصدرتها إحدى المجلات الشهيرة، اسم أي امرأة سعودية، على رغم أن السعوديات كن موجودات في القائمة خلال السنوات الماضية، وحَمّلت إحدى السيدات المستاءات الإعلام المحلّي في السعودية مسؤولية إقصاء نساء بلدها من القائمة، لأنه لم يتحدث عن إنجازاتهن كما ينبغي، ويأتي هذا الجدل، على رغم أن تلك القائمة والقوائم المشابهة التي تتحدث عن «أقوى 100 رجل، وأقوى 100 رئيس تنفيذي، وأقوى 100 أهبل»، لا قيمة لها مطلقاً كونها لا تستند لأي معايير حقيقية أو عادلة، ولا تقف خلفها إلا شركات الدعاية والإعلان والتسويق التي تفننت طوال سنوات في ابتكار الحيل لاستدراج أموال الأثرياء الباحثين عن النجومية والأضواء أو «تظبيط» أوضاعها مع كبار المسؤولين في الشركات ذات الموازنات العالية المخصصة للإعلان. والحق يُقال إن حيل شركات التسويق والإعلان في اصطناع هذه القوائم وغيرها تلقى رواجاً كبيراً حتى في أكثر الدول تقدماً، وتقتات في الغالب من أحلام الشهرة التي تسيطر على كثير من أصحاب المال والنفوذ، فهم يشترون أحلامهم بأموالهم، وهذا من أبسط حقوقهم، فما فائدة المال لرجل أعمال يملك البلايين ولا يعرفه أحد أثناء وجوده في مناسبة رسمية يُقدم فيها بعض المسؤولين الحكوميين عليه بحكم مناصبهم، فيما هو يوظف في شركاته المئات إن لم يكن الآلاف من الموظفين برواتب تفوق رواتب أولئك المسؤولين بأضعاف مضاعفة، ولهذا فإن فكرة صناعة السمعة والشهرة عبر قنوات الإعلام المختلفة وفق خطط تسويق احترافية تبدو أفضل ما يمكن عمله لتجاوز إشكالية «التجاهل الاجتماعي» التي تقلق مضاجع الأثرياء. قبل سنوات قليلة عمد بعض الزملاء الإعلاميين لإصدار مجلات متخصصة في تلميع الأثرياء وأصحاب الجاه والنفوذ، وأتذكر منها على الأقل مجلتين إحداهما تخصصت في بيع صفحاتها وأغلفتها لرجال الأعمال المغمورين، إذ يشتري أحد هؤلاء من إدارة المجلة «ست صفحات» داخلية على الأقل يُنشر فيها لقاء صحافي مطول معه، يسرد من خلاله قصة حياته وبطولاته التجارية وغير التجارية، وله كامل الحرية في وضع الأسئلة والأجوبة والعناوين من دون تدخل من المجلة، ويحصل مع الصفحات الست على المساحة الرئيسة في غلاف المجلة لوضع صورته وعنوان مناسب من اختياره، كل ذلك بمبلغ لا يتعدى في الغالب 100 ألف ريال فقط، وما أن تصدر المجلة وتوزع في الأسواق حتى يوصي النجم الجديد موظفيه بشراء كمية كبيرة من النسخ، ومن ثم إرسالها مع خطابات إهداء منه إلى منافسيه وكبار الشخصيات في البلد، وقد يصل الأمر به إلى توزيع مئات النسخ من المجلة على صالونات الحلاقة أيضاً. أما المجلة الأخرى فقد تخصصت في بيع صفحاتها وأغلفتها على بعض محدثي النعمة الذين حصدوا الملايين من ظهور الإبل «المزايين»، والغريب أن هذه المجلة كان نجاحها في جمع الأموال من عشاق الحيوان الصحراوي الأليف أكبر بكثير من نجاح شبيهتها التي تخصصت في بيع أحلام الشهرة لرجال الأعمال، وأتذكر أن أحد الإعلاميين المخضرمين قال لي آنذاك ونحن نتحدث عن الإقبال اللافت لبعض أثرياء «الإبل» على الإعلام حتى أسس بعضهم مجلات أخرى وقنوات فضائية، ولا أعلم إن كانت هناك أي جهة أصدرت قائمة لأقوى أو أجمل 100 «ناقة» في العالم حتى الآن أم لا؟! [email protected] @Hani_Dh