على هامش «مهرجان أدنبرة» التلفزيوني، الذي انقضت أيامه ليل السبت الماضي، أُعلنت نتائج بحث مؤسسة «ديلويت» المعنية بأحوال التلفزيون والإعلام، والذي اهتم هذا العام بحصة وسائط إعلامية بريطانية من الإعلانات التجارية، وما يعنيه هذا التقسيم في سياق تطور كل وسيلة إعلامية على حدة. وأَوْلى البحث أهمية لظاهرة الشاشة الثانية او الثالثة، أي متابعة شاشة التلفزيون مع الانشغال بالهواتف الذكية او أجهزة الكومبيوتر اللوحية. وأكد البحث استمرار هيمنة التلفزيون على كل الوسائل الإعلامية الأخرى، بالاستناد الى اهتمام المُشاهد بالإعلانات التجارية التي تعرض على شاشته. واعتبر 57 في المئة من الذين شملهم الاستفتاء (اختيرت عينة من 4 آلاف مشاهد في بريطانيا)، أن الإعلانات التجارية التي تعرض عبر شاشات التلفزيون تبقى في البال، مقارنة ب 15 في المئة اختاروا الصحف الورقية، و13 في المئة المجلات الورقية، وجاءت المواقع الإلكترونية في المركز الأخير بنسبة 3 في المئة. وعلى رغم الفروق الكبيرة بين التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى، لجهة استحواذ إعلاناته على الاهتمام الأكبر عند جمهور متنوع الأهواء والفئات العمرية، غير ان هذا التصدر التلفزيوني يشهد تراجعاً طفيفاً عن السنوات الماضية، فالنسبة كانت 58 في المئة عام 2011، و64 في المئة عام 2009 ، مع استثناء عام 2010 الذي وصلت فيه إلى 56 في المئة. كما يدعم البحث البريطاني الجديد، بحوثاً اخرى حول العالم، تفيد بأن تقاليد المشاهدة في المستقبل سيحددها جيل الشباب الذي يميل قليلاً الى وسائل الإعلام الحديثة. وأكد 56 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع (19-24 عاماً) أن إعلانات التلفزيون هي التي أثارت اهتمامهم، مقارنة ب 69 في المئة من الفئة ذاتها في عام 2011. ووجه البحث الانتباه إلى تأثير تقاليد جديدة في المشاهدة على الإعلانات التلفزيونية، إذ أثر نظام المشاهدة تحت الطلب، وتسجيل البرامج التلفزيونية عبر أجهزة توفرها شركات تجهيز الكايبل التلفزيوني، على مشاهدة الإعلانات، خصوصاً ان كثيرين يتجنبون مشاهدة الإعلانات ويقفزون الى المادة المسجلة. ويقدَّر عدد الإعلانات المعروضة على كل الشاشات التلفزيونية التي تصل الى المشاهد البريطاني بنحو بليون إعلان في العام. وبخصوص ظاهرة الانشغال بشاشة ثانية او ثالثة اثناء المشاهدة التلفزيونية، بيّن البحث ان 50 في المئة من فئة الشباب بين أعمار 16 و24 يستخدمون شاشة ثانية أو ثالثة أثناء مشاهدتهم اليومية برامجَ التلفزيون، فيما كشف 79 في المئة من الذين شملهم البحث من الذين تجاوزوا 55 عاماً، أنهم لم ينشغلوا أبداً بأي شاشة أخرى اثناء المشاهدة التلفزيونية. واعتبر مدير مؤسسة «ديلويت» باول لي عند تقديمه نتائج بحث مؤسسته في المهرجان التلفزيوني، أن ظاهرة الشاشة الثانية تثير ارتباك وحماسة القنوات التلفزيونية والمؤسسات الإعلامية في آن، فبعض تلك المؤسسات ترغب بالاستثمار في محتوى الشاشات الثانية (في مواقع الكترونية تسهل التواصل بين مشاهدي برامج تلفزيونية معينة مثلاً)، لكنها مترددة بسبب محدودية الإمكانات المادية، فكل مبلغ يستثمر في محتوى الشاشات الثانية سيكون على حساب الموازنات المخصصة للمحتوى التلفزيوني، وهو الأمر الذي تزداد صعوبته مع الأزمة المالية العالمية وضبابية النموذج الاقتصادي الذي يمكن ان تقدمه المشاهدة عبر أكثر من شاشة، والتي وصفها باول لي في كلمته بأنها تشبه تناول وجبة طعام أمام الشاشة، اي إنها لا تختلف كثيراً (على الأقل في الوقت الحاضر) عن أي انشغال آخر امام الشاشة الصغيرة. وطمأن لي أهل التلفزيون، في المهرجان الذي يُعَدّ أحد أهم مهرجانات التلفزيون في العالم، بأن الشاشة الصغيرة ستبقى المهيمن الاكبر على وسائط الإعلام الاخرى، لأسباب، بعضها نفسي، فهي ستبقى تتصدر غرف جلوس الغالبية حول العالم. هذه الهيمنة ستعززها شعبية الشاشات التلفزيونية الكبيرة الحجم، إذ سيتجه الانتباه إلى الشاشة الأكبر في الغرفة، ويتوقع أن يكون متوسط حجمها عند غالبية البريطانيين بعد 10 سنوات 72 إنشاً.