أكد مختصون في مجال المياه أن قرار الشركة الوطنية للمياه المتعلق بزيادة الضخ اليومي للمياه في محافظة جدة إلى مليون متر مكعب لن يسهم في تقديم حلول جذرية لمشكلة الانقطاعات المتكررة. وقالوا ل «الحياة»: «إن الحل الجذري يتلخص في تطوير الشبكات المخصصة لنقل المياه، خصوصاً وأن الشبكات الحالية لم تعد صالحة للاستخدام بعد انتهاء عمرها الافتراضي، مشيرين إلى أن شبكة مياه جدة تسجل سنوياً تسرب 300 مليون متر مكعب، وبنسبة تصل إلى30 في المئة من نسبة المياه المحلاة التي يتم ضخها. في البداية، أوضح الخبير في شؤون المياه والبيئة المهندس الزراعي محمد بخاري أن الخطوة التي أقرتها الشركة الوطنية للمياه بزيادة الضخ اليومي للمياه إلى مليون متر مكعب لن تجدي نفعاً، بسبب التسربات الكبيرة في الشبكة الناقلة للمياه، مشيراً إلى أن هناك ما يعادل 30 في المئة من نسبة المياه المحلاة، أي ما يساوي 300 مليون متر مكعب تتسرب من شبكة المياه كل عام، وذلك بسبب أن المدة الافتراضية لشبكات المياه قد انتهت ولم تعد صالحة للاستعمال، إذ من المفترض أن تجرى الصيانة اللازمة لها كل 10 سنوات، في الوقت الذي تجاوز فيه عمر الشبكات الحالية أكثر من ثلاثة أضعاف هذه المدة وبالتحديد 35 سنة، ما يعتبر هدراً كبيراً للمياه، موضحاً أنه كان من المفترض الالتفات إلى مشاريع الشبكات المتهالكة وتجديدها قبل البدء في عملية زيادة معدلات الضخ اليومي للمياه. وكشف المهندس بخاري سماح التسربات عند انقطاعات المياه وعودتها مرة أخرى للمياه الملوثة بالعبور داخلها ونقلها إلى خزانات المنازل، ملمحاً إلى أن هذه التسربات أسهمت في زيادة انتشار الأمراض الوبائية في مدينة جدة بشكل كبير خلال الفترة الماضية. وقال إن نسبة استهلاك المياه في السعودية تعتبر قليلة جداً مقارنة بالدول الأخرى، إذ يستهلك الشخص الواحد لدينا 96 لتراً في اليوم، بينما في دول أخرى تتضاعف هذه الإحصائية بشكل كبير. وعلى سبيل المثال الأردن التي تعاني من شح المياه أثبتت الإحصائية الأخيرة أن الشخص الواحد يستهلك أكثر من 220 لتر يومياً. واقترح بخاري إنشاء «بنك للمياه»، وهو ما يعرف بالسدود الجوفية سيسهم في زيادة المخزون المائي للمياه السطحية، وحماية الأودية من الانجراف الشديد خلال جريان السيول، والحفاظ على مستوى شبه ثابت من المياه في الآبار خلال فترات الجفاف، لافتاً إلى أنه يمكن الوصول إلى نسبة 100 في المئة من إعادة خزن هذه المياه في الآبار باستخدام السدود الباطنية، إضافة إلى خفض كلفة ضخ المياه الجوفية باستخدام مضخات أقل طاقة من الأخرى التي تتطلب حجماً أكبر وطاقة أكثر لدفع المياه، مع سهولة إدارة هذه السدود والمياه معاً، كما أنها أقل كلفة من السدود السطحية الكبيرة ذات الكلفة الباهظة. من جهته، أكد الخبير المائي ورئيس مجموعة بشناق للمياه الدكتور عادل بشناق أن زيادة الضخ اليومي لمليون متر مكعب في مدينة جدة لن تسهم في حل مشكلة انقطاعات المياه بشكل جذري. وقال ل «الحياة»: «المشكلة ليست في كمية المياه المتاحة في المدينة وإنما في عدد التوصيلات المتاحة وفي الشبكات وطريقة توصيلها أو قدرتها على توزيع المياه لكل المساكن المتصلة بالشبكة». وأضاف: «إن الشبكات الموجودة حالياً بنيت بطريقة خاطئة، إلى جانب أن التسربات الموجودة في الشبكات ستحد من وصول بعض كميات المياه للمساكن وسيتحول بعضها إلى التربة. وفيما يتصل بحل مثل هذه المعضلات، شدد بوشناق على أن أهم الحلول التي ينبغي العمل بها سريعاً تتمثل في الترشيد الاستهلاكي للمياه داخل المنازل، وإصلاح الشبكة الناقلة لها وتوسعتها وتحسينها حتى لا نفقد الكثير من المياه، والتوسع في محطات التحلية. يذكر أن «الشركة الوطنية للمياه كانت أكدت أنه تمت زيادة الضخ اليومي للمياه في مدينة جدة إلى مليون متر مكعب بعد أن كانت 850 ألف متر مكعب، وهو ما اعتبرته الشركة أنه سيؤدي إلى تحسن مستويات الضخ لعدد من أحياء المدينة الساحلية».