من أبرز الأعمال الدراميّة التي تطالعنا بها الشاشة الصغيرة في رمضان، مسلسل «فرقة ناجي عطا الله» لمخرجه رامي إمام وكاتبه يوسف معاطي. هذا العمل الذي يمكن اعتباره كوكتيلاً من الكوميديا والتراجيديا، مضافاً إليها الأجواء البوليسيّة – الاستخباريّة، يكتسب أهميّته من عوامل عدة، أبرزها: انه المسلسل الثالث للفنان الكوميدي المصري عادل إمام، بعد مضي أكثر من ثلاثين سنة على مسلسلي «دموع في عيون وقحة» المنتج عام 1980، (المأخوذ من قصص الاستخبارات المصريّة ضدّ إسرائيل)، و «أحلام الفتى الطائر»، لكاتبه وحيد حامد، ومخرجه محمد فاضل، الذي انتج عام 1978. ثم أن هذا المسلسل، ضدّ إسرائيل، ومع القضيّة الفلسطينيّة، من دون انحياز، لا ل «فتح» ولا ل «حماس»، مع ميل غير مباشر لكفّة «فتح»، أثناء انتقاد مظاهر الانغلاق والتزمّت الاجتماعي تحت التأثير الديني في قطاع غزّة، وذلك، عبر حوارات بعض أعضاء الفرقة! تدور قصة العمل حول عميد متقاعد في الجيش المصري، يعمل ملحقاً إداريّاً في السفارة المصريّة في تل أبيب. وحين يبدي «ناجي عطا الله» تبرّمه واستياءه مما يتعرّض له الفلسطينيون على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، تحيط به الضغوط الإسرائيليّة، عبر إجراء تحقيق معه، وتجميد أرصدته، ومن ثمّ تسريحه من عمله، بضغط من الخارجيّة الإسرائيليّة على السفارة المصريّة، فتتولّد لدى بطلنا الرغبة في الثأر والانتقام، والتفكير والتخطيط بالعودة لتل أبيب للسطو على البنك ذاته الذي جمّد أرصدته. ويلزمه لتحقيق ذلك، فريق عمل مساعد، يقوم بتجميعهم من الجنود الذين كانوا يخدمون تحت إمرته، أثناء تأديتهم خدمة العلم. وهكذا، يجمع أعضاء الفرقة، ويدربها ويوزع المهام عليهم. ثم يتوجّه لسيناء فرفح، ويسير عبر المعابر السريّة نحو غزّة. وينتهي الثلث الأوّل من العمل (حتّى الحلقة العاشرة) وما زالت الفرقة في غزّة. ولا تخلو قصة العمل من المبالغات الفاقعة، في الحلقات الأولى، وشتم ناجي عطاالله للمسؤولين الإسرائيليين ووصفهم ب «أولاد كلب». زد على ذلك، عدم استقامة تضامن عطالله مع الفلسطينيين، ووضعه كميّة كبيرة من رصيده في البنك الإسرائيلي! ناهيكم عن التحرّكات المكشوفة لأعضاء الفرقة في قطاع غزّة، واتصالاتهم مع أهاليهم (اثنين من أعضاء الفرقة) بالخليوي، على رغم أن العمليّة في غاية السريّة والكتمان، من دون الاكتراث لحجم الاختراقات الإسرائيليّة للقطاع، ومراقبتها لشبكة الهواتف الأرضيّة والنقّالة! زد على ذلك، عمليّة السطو على البنك، والهروب من إسرائيل والوصول إلى لبنان، ومساعدة «حزب الله» في خطف ثمانية إسرائيليين، والمغامرات التي تواجههم في دمشق! صحيح أن العمل، يسلّط الضوء على معاناة أهالي غزّة، نتيجة الحصار، والالتزام بالمقاومة، ولكن صحيح أيضاً أن سيناريو الأحداث، بدا ركيكاً، على شاكلة الأعمال الدراميّة التركيّة التي أنتجت، أثناء اشتداد الخلاف السياسي بين تركيا وإسرائيل، حيث كان يظهر العمل الدرامي التركي «وادي الذئاب – فلسطين» فرقة «مراد علمدار» على أنهم الأبطال الذين لا يُقهرون! أما الإخراج، فهو أيضاً، انطوى على مقدار من التأثّر بالإخراج في الأعمال الدرامية التركيّة المدبلجة للعربيّة بخاصة «وادي الذئاب». كما لم يخلُ العمل من مشاهد الحشو لزوم استنزاف الزمن، مثل مشاهد التدريب والتحضير لأعضاء الفرقة في الحلقتين التاسعة والعاشرة، والمشاهد الخالية من الحوارات، المصاحبة للموسيقى التصويريّة أثناء الانتقال عبر السيارات من مكان إلى مكان! عودة عادل إمام للدراما التلفزيونيّة، في هذا المسلسل، فتحت الباب أمام أسئلة غزيرة، من طينة: لماذا اختار إمام أن يكون عمله هذا أيضاً، ضدّ إسرائيل، كما كان عمله السابق؛ «دموع في عيون وقحة»؟ ولماذا لم يختر قصّة حقيقيّة من ملفّات الاستخبارات المصريّة، واكتفى بقصّة خيّاليّة (فانتازيا بوليسيّة – استخباراتيّة)، تعاني الارتباك والمبالغة في السيناريو والبناء الدرامي؟