تغص المواقع العامة وحوائط الجدران في جدة بملصق «ممنوع التدخين». وربما يعمد البعض إلى تعليق هذا الملصق لإرضاء مسؤول أو جهة ما أو بنية دفع الضرر الناتج من التدخين ومكافحته، وآخرون يضعونها للزينة في لوحةٍ بديعة الألوان تملأ فراغاً على الحائط، بيد أنها لا تبعث برسالة مقنعة لقبيلة المدخنين الكبيرة، بل أصبحت محرضة على التدخين بطريقة أو بأخرى على عكس الغرض الذي وضعت من أجله وهو الامتناع والإقلاع، فباتت تحذيراتها لا تجدي نفعاً. هذه الملصقات التحذيرية والتوعوية في آن ملزمة في نهار رمضان، لكنها بعد مدفع الإفطار لا تعني شيئاً بالنسبة للمدخنين الشرهين. وعن التدخين في رمضان وحال المدخنين يقول تركي عسيري ل «الحياة»: «كثير من المدخنين يرون أن تركهم للسيجارة من الأمور الصعبة فهم قد أصبحوا مدمنين عليها وليس بمقدورهم تركها، وهذا الاعتقاد خاطئ تماماً، ولو كان صحيحاً لرأينا الصائمين من المدخنين في نهار رمضان مثل المجانين، لما استطاعوا أن يمارسوا حياتهم اليومية الاعتيادية، ولكن هذا لا يحصل رغم أن فترة الصيام تمتد لأكثر من 12 ساعة، وهذا دليل على أن الإنسان يستطيع بإذن الله فراق هذه الآفة والإقلاع عنها». ويقول يوسف الفرحان وهو مدخن «إن الملصقات المانعة للتدخين عبارة عن لوحة تقليدية وضعت في كل الأماكن، ولا فرق عندي وجودها في شهر رمضان أو في غيره، وكثرتها دليل على التطرف في الممانعة و التوعية بأضرار التدخين إلى حد الهلوسة في المنع، فكثرة وجودها جعلتها بلا معنى، بل على العكس تماماً في غالب الأحيان تذكرني بالتدخين وتحرضني على إشعال سيجارة». وترى عضو هيئة التدريس في كلية طب المجتمع بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة إكرام عبدالرحيم حافظ في حديثها إلى «الحياة» أن أضرار التدخين في شهر رمضان لا تختلف كثيراً عن غيره من الأشهر، علاوة على كونه من المحرمات المضرة بالنفس كما ذكر العلماء الشرعيون. وتضيف: «بعد أن ينتهي المدخن من تناول طعام الإفطار في رمضان ويبدأ في التدخين فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة نبضات القلب وتصلب الشرايين على المدى البعيد»، مشيرة إلى أن المشكلة في رمضان تكمن في الشراهة في التدخين وتعويض ساعات الصيام عنه بعد الإفطار، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة في نسبة «النيكوتين» في الدم. ولا تجد الدكتورة حافظ في مفعول الملصقات التوعوية والمحذرة من التدخين حلاً، بل هو برأيها «ضعيف جداً»، وتبرر ذلك بالقول: «لأنه لا يوجد مدخن إلا وهو على علم كاف بأضرار التدخين وتحريمه، وأنه السبب الأول والرئيس في حدوث أمراض السرطان، ويكاد المدخنون أدرى بأضراره ومساوئه من غيرهم».