دفع الجيش المصري أمس بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى سيناء، في مؤشر على تصعيد الحملة التي يشنها على معاقل مسلحين في شمال سيناء ووسطها، فيما اجتمع الرئيس محمد مرسي أمس برئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي، غداة إقالة قيادات عسكرية وأمنية أبرزها رئيس الاستخبارات العامة، وهو الإجراء الذي مكن مرسي من استعادة بعض حلفائه بعدما انتقدوه بسبب تشكيل الحكومة. وتزامنت التعزيزات العسكرية مع وصول مزيد من الآليات المخصصة لردم أنفاق التهريب مع غزة التي أفيد بأن سلاح المهندسين استخدم مضخات المياه لغمرها، كما استخدم صخوراً ضخمة لإغلاق مداخلها. وعلم أن أجهزة مسح أرضي تعمل على الشريط الحدودي مع قطاع غزة لاستطلاع أماكن وجود الأنفاق. ودفع الجيش أمس بمجنزرات وحاملات جند إلى مدينة العريش، في طريقها إلى المناطق الجبلية والصحراوية كما نشر مدرعات في المكامن الواقعة على طول الطريق بين العريش ورفح. وقال مسؤول عسكري ل «الحياة» إن «هذه التعزيزات تأتي في إطار التصميم على القضاء نهائياً على البؤر الإجرامية في سيناء». وأقر المصدر بأن «العملية تحتاج فترة من الوقت لإنهاء المهمة، وسيتم الدفع بمزيد من التعزيزات مع مرور الوقت ضمن خطة النسر»، في إشارة إلى الاسم الكودي للحملة. وشملت التعزيزات أمس أكثر من 60 دبابة و20 سيارة دفع رباعي مصفحة و15 مدرعة كبيرة مصفحة و12 سيارة نقل جنود كبيرة و10 سيارات من الشرطة العسكرية. وأكد المسؤول العسكري «استمرار العمليات العسكرية في سيناء حتى يتم القضاء تماماً على البؤر الإجرامية كافة». وقال ل «الحياة» إن «نحو 22 إرهابياً سقطوا خلال المواجهات أثناء مطاردة الطائرات الحربية لهم وهم على متن ثلاث سيارات محملة بالأسلحة والذخائر». وشدد على «عزم الجيش على تدمير أنفاق التهريب كافة على رغم صعوبة الأمر، في ظل وجود فتحات هذه الأنفاق داخل منازل على الجانبين من دون أن يتم كشفها». من جهته، قال مسؤول أمني ل «الحياة» إن «الحملة واصلت الليلة الماضية استكمال مهامها في مناطق جنوبالعريش والشيخ زويد ورفح لليوم الثاني على التوالي، وستستمر لأيام مقبلة حتى يتم تطهير سيناء من الإرهاب والخارجين على القانون والخطرين على أمن مصر القومي بمشاركة القوات المسلحة مع الشرطة وباستخدام مروحيات من طراز أباتشي». ويسود شبه جزيرة سيناء استنفار شامل، إذ يستخدم الجيش الطائرات الحربية والدبابات والمدرعات في مطاردة المسلحين. وقال المسؤول العسكري إن «التركيز ينصب على منطقة وسط سيناء والمناطق الجبلية لقصف البؤر... الطائرات قصفت مناطق عدة جنوب مطار الجورة في منطقة الشيخ زويد ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المسلحين». لكن لم يتسن التأكد من سقوط قتلى من مصدر مستقل، خصوصاً أن مستشفيات سيناء التي وضعت في حال طوارئ قصوى لاستقبال الجرحى والمصابين جراء القتال الدائر في أماكن عدة في سيناء لم تسجل وصول أي جثث. وشرعت القوات المسلحة فجر أمس في إغلاق وتدمير فتحات أنفاق التهريب إلى قطاع غزة من الجانب المصري لوقف عمليات التسلل والتهريب إلى البلاد. وقال مسؤول عسكري آخر ل «الحياة» إنه «تم البدء بالأنفاق البعيدة من الكتلة السكنية في مدينة رفح، فتم إغلاق عدد كبير منها»، مشيراً إلى أن «الحملة متواصلة من أجل تطهير المنطقة الحدودية ومنع التهريب والتسلل لحماية البلاد، وتمت الاستعانة بالمعدات التي وصلت أخيراً إلى المنطقة». في سياق متصل، أصيب ضابط شرطة برتبة نقيب وشرطي تابع لفرق قوات الأمن في جنوبسيناء أول من أمس إثر تبادل لإطلاق النار بين مجموعة من المسلحين وقوة تأمين نقل أوراق امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة على الطريق الدولي لجنوبسيناء، اثر محاولة مسلحين سرقة أوراق الامتحانات خلال عودتها من مدينة رأس سدر إلى مدينة طور سيناء. وتواصلت أمس ردود الفعل على قرار الرئيس مرسي إقالة عدد من القيادات العسكرية والأمنية أول من أمس أبرزها مدير الاستخبارات مراد موافي وقائد الحرس الجمهوري. وبدا أن تلك القرارات أعادت الدفء إلى العلاقة بين مرسي وبعض حلفائه، إذ أشادت بالقرار «الجبهة الوطنية» التي تضم شخصيات وقوى ليبرالية ويسارية وثورية تحالفت مع مرسي قبل تنصيبه رئيساً، بعدما كانت الجبهة هاجمت في شدة تشكيل حكومة هشام قنديل. وأعربت «الجبهة الوطنية» عن «ارتياحها إلى قرارات رئيس الجمهورية الأخيرة»، مضيفة أنها «استقبلتها بالأمل في أن تتلوها قرارات وإجراءات يتبين من خلالها أن الإدارة السياسية للبلاد في يد السلطة المنتخبة من الشعب». وقالت في بيان إن «الرئيس بقراراته هذه مارس الصلاحيات التي انتخبه الشعب المصري من أجل الاضطلاع بها». وأضافت أنه «لما كان داعي إقامة الجبهة هو حماية إرادة الشعب المستقلة من قوى الثورة المضادة والدفاع عن حق الشعب المصري في حكم نفسه بنفسه وأن تكون كل السلطة للمنتخبين، فإن الجبهة تشارك وتدعو الشعب المصري إلى أن يشارك في دعم القرارات التي اتخذها رئيسه وتصب في مصلحة مسيرة الثورة». ودعت الجبهة إلى «إلغاء الإعلان الدستوري المكمل» الذي يمنح صلاحيات واسعة لقادة الجيش على حساب الرئيس، كما طالبت بإجراءات أخرى «لتعود القوات المسلحة إلى ممارسة دورها التاريخي والوحيد في الدفاع عن أمن البلاد». وشاركت «حركة 6 أبريل» المنضوية في الجبهة وعدد من الناشطين وأعضاء في جماعة «الإخوان» في تظاهرات لتأييد القرارات أمام قصر الرئاسة ومنزل مرسي في ضاحية التجمع الخامس شرق القاهرة.