تبرز بين الحين والآخر أصوات تعبر عن مخاوف من تنامي عمليات الاحتيال المالي والمصرفي في المملكة، فيما تؤكد المصارف أن هذه العمليات محدودة ولا يمكن أن تنتشر في ظل الأنظمة والضوابط الصارمة التي تطبقها لتوفير الحماية اللازمة ضد الاختراق أو عمليات الاحتيال المالي بأشكاله المختلفة. وفي هذا الإطار يرى مختصون وخبراء أمنيون ومصرفيون، أن الجرائم المالية في القطاع المصرفي السعودي لا تزال محدودة ولم تصل بعد إلى مرحلة الظاهرة، وهو أمر غير وارد إطلاقاً في المصارف السعودية، نظراً إلى ما تمتلكه من تجارب ناجحة وقدرات تقنية وتنظيمية عالية تمكنها من مواجهة أي محاولات للتعدي أو الاحتيال. ويؤكد الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالمصارف السعودية طلعت حافظ في بيان صحافي أصدرته اللجنة أمس (حصلت «الحياة» على نسخة منه) أن القطاع المصرفي في المملكة محصن إلى حد كبير بضوابط صارمة ضد عمليات الاحتيال المالي، وكذلك عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويعد الأقل تعرضاً لمثل هذه العمليات مقارنة بدول أخرى متقدمة على مستوى العالم، مثلاً في أوروبا ودول شرق آسيا، مشدداً على التزام المصارف السعودية بتطبيق أعلى المعايير المتعارف عليها دولياً، لا سيما في مجال امن المعلومات المتعلقة بعملاء المصارف، بجانب التزامها بتطبيق قاعدة «اعرف عمليك» والتي ساعدت في التغلب على عمليات الاحتيال المالي والمصرفي. وشدد طلعت على التزام المصارف السعودية بتطبيق أفضل معايير أمن المعلومات المتعارف عليها دولياً، لتواكب بذلك أفضل الممارسات المتبعة على مستوى العالم من حيث الجودة والكفاءة، لافتاً إلى أنها انتهجت منذ وقت باكر تطبيق أعلى معايير أمن المعلومات، وبالذات في ما يتعلق بأمن المعلومات المرتبط بصناعة بطاقات الدفع (PCI DSS-Payment Card Industry Data Security Standard) والذي يعد أعلى معيار لأمن المعلومات وحمايتها ويصدر عن مجلس عالمي حيادي. وبشأن ما أثير أخيراً حول تزايد القرصنة المعلوماتية، قال الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالمصارف السعودية، ان هذه العمليات محدودة جداً، نظراً إلى أن المصارف السعودية تطبق أعلى معايير أمن المعلومات على مستوى العالم لمنع من وصفهم بالأشرار من محاولة الوصول إلى معلومات لتنفيذ عمليات قرصنة، مضيفاً: «كما بدأت المصارف السعودية في تنفيذ المعيار الثنائي للتحقق من الهوية، والذي يتمثل في أن العميل عندما يستخدم الشبكة العنكبوتية لتنفيذ العمليات المصرفية فإن البنك يقوم بإرسال رقم سري آخر من خلال جهاز سري مشفر، وبجانب ذلك تقوم المصارف بإرسال رسائل إلى عملائها عند القيام بأي عملية بمصرفية للتأكد من أنها سليمة بالكامل. من جهته، رأى الباحث في المجال الأمني الدكتور سلطان العنقري، أن تنامي عمليات الاحتيال المالي في القطاع المصرفي السعودي أمر وارد لطالما هناك تقنية، وتطوير مستمر لهذه التقنية، التي تساعد في تنامي عمليات الاحتيال المالي، سواء في القطاع المصرفي السعودي أم في أي قطاع مصرفي في أي دولة في العالم مما يفرض المواكبة من خلال سن وتشريع أنظمة وقوانين جديدة صارمة تحد من ذلك الاحتيال المالي. ووصف العنقري الجهود المبذولة من الجهات الحكومية للحد من عمليات الاحتيال المالي بأنها مقبولة ولكنها على حد قوله: «لا تتواكب مع تنامي عمليات الاحتيال المالي، وستظل قاصرة في ظل غياب الأنظمة والقوانين الرادعة»، داعياً إلى استمرار الحملات التوعوية، سواء من مؤسسة النقد أم من المصارف السعودية لرفع مستوى الثقافة المصرفية لدى المواطن والمقيم، حتى يمكنه استيعاب وفهم الإرشادات والتحذيرات التي تطلقها المصارف والتفاعل معها بإيجابية والعمل على تطبيقها. واقترح الكاتب والخبير الأمني الدكتور سلطان العنقري أن تقوم مؤسسة النقد العربي السعودي بإلزام المحال التجارية التي تستخدم ماكينات الخصم من الحساب مباشرة بإعطاء مبالغ نقدية لزبائنها عند طلبهم لا تتجاوز مئات عدة من الريالات كما هو معمول به في أميركا، معتبراً أن ذلك سيسهل ويقلل الاعتماد على الصراف لمن هم بحاجة للنقد وبخاصة كبار السن والنساء وحماية لهم أيضاً، كما أنه سيقلل من النقد في المحال التجارية. وفي السياق نفسه يؤكد المحاضر بكلية الملك فهد الأمنية الدكتور عبد الكريم عبد الله الحربي، أن مشكلة الاحتيال المصرفي في المملكة محدودة ولا يمكن أن تصل إلى مرحلة الظاهرة في ظل الضمانات الكافية التي توفرها المصارف السعودية عن طريق التقنيات الإلكترونية للمحافظة على معلومات العميل أو من خلال الحملات التي تنظمها وزارة الداخلية ومؤسسة النقد «ساما» والمصارف بأنواعها، وذلك لاتخاذ الاحتياطات اللازمة والتحذير من بعض المحتالين الذين يتقمصون شخصيات موظفي المصارف والاتصال على العملاء لأخذ معلوماتهم الشخصية والمصرفية بزعم تحديث البيانات ومن ثم استخدامها في عملية الاحتيال المالي.