روى الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في مقال تحت عنوان «الهدف النبيل من زيارة أربيل» نشره على موقعه الخاص أن زعيم فيلق القدسالإيراني قاسم سليماني حضر لقاء جمعه برئيس الوزراء نوري المالكي في طهران. وأنه أبلغ إليهما عزمه على زيارة كردستان لكن سليماني اعترض على ذلك. وقال الصدر إن زيارته أربيل ولقاءه عدداً من القادة السياسيين العراقيين والاتفاق معهم على إصدار بيان يهدد بسحب الثقة من المالكي: «أحدثت زلزالاً سياسياً قد يكون في نظر البعض انتحاراً وخراباً (لكنه) انتحارٌ بصفته صفقة سياسية فاشلة تؤدّي بفاعلها إلى وادي الفشل والانحسار، ولذا فإنّني حينما جاءني خبر زيارة المالكي لطهران توقعت أنْ يكون هناك طلب من المسؤولين في إيران لِلّقائه بصورة أو بأخرى. وأنا على علم ويقين أنَّ هذا الطلب جاء (بناء) على رغبة من المالكي نفسه، إلا أنهم أعني (المالكي + الإيرانيون) لا يريدون أنْ يُبيّنوا أنَّ مَنْ أراد اللقاء هو المالكي، بل هو طرف وسيط اسمه طهران». وأضاف: «فعلاً قدّمتُ المصلحة العامة على الخاصة ورضيت بأنْ ألتقي به في مكان مُحايد، بحيث لا أكون قد زرته ولا يكون قد زارني. فكان اللقاء في (طهران) بعد أيام من هذا الكلام». عما دار خلال اللقاء قال الصدر أنه تطرق إلى نية المالكي الترشح لولاية ثالثة ونقل عنه قوله: «إنَّ الدستور يعطيني الحق بالترشّح مرة وأربعة وعشرة وما إلى ذلك». وأكد رفض المالكي اقتراحه التخلي عن الولاية الثالثة مقابل العودة لاحقاً. وزاد: «فهمتُ من كل الحديث أنَّه يريد فرض سيطرته على مفاصل الدولة بصغيرها وكبيرها(...) فالتسقيط وتسييس القضاء من جهة، والتهميش والإقصاء من جهة أخرى، لا يكون حَلاً بأي صورة من الصور(...) بل أنَّه يوصل لا محالة إلى الدكتاتورية بما لا يشوبه الشك». وأشار إلى حضور سليماني فقال: «اللقاء كان في بدايته بحضور الوفد المرافق لي (...) وكان بصحبته (المالكي) الشيخ عبدالحليم الزهيري فقط، إلا أنّ الوفد المُرافق لي خرج وبقينا أنا والسيد مصطفى اليعقوبي والشيخ الزهيري إضافة إلى ضيف الشرف وهو المالكي. وكان اللقاء في بعض المراحل يتم بحضور سليماني قائد فيلق القدس في إيران بل وخارجها». ولفت الصدر إلى أن المالكي وسليماني رفضا توجهه إلى أربيل و «في نهاية المطاف أو اللقاء أخبرتُ المالكي أنني سأذهب إلى أربيل أو كردستان، فهل من حاجة أُبلغها إليهم لتقريب وجهات النظر، فما كان جوابه إلا مصحوباً بتأييد قاسم سليماني: لا تذهب، فذهابك فيه مُخاطَرَة أمنية وإضعاف شعبي، وقد وصفوا الأكراد بوصف لا أريد ذكره هنا. فأبيتُ ذلك، وقلتُ إنّها زيارة طبيعة ولا ضرر فيها أبداً». وزاد إن «الزيارة - أعني زيارتي أربيل - هي انتحار في نظر المالكي وطهران وبعض الأطراف الأخرى، وقد تكون خراباً في نظر آخرين، يقولون إنَّ مَنْ في أربيل كلهم ضد الحكومة ورئاسة الوزراء». وتابع: «عموماً فانَّ زيارة كردستان جاءت بعد انتظار طويل مني ومِمّن هُم في أربيل ومن الأطراف كافة، فهي زيارة بين أكبر مكوّنات الشعب العراقي، مما ينتج تقارباً وطنياً مُهمّاً». وأشار إلى أن زيارته أربيل «جاءت كدور وواجب لحل الأزمة وتقريب وجهات النظر بين المُتخاصمين»، ولفت إلى أن لقاءه برئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني كشف له «الكثير من الأمور التي كانت خفيّة عني، وكان اللقاء أخوياً جداً، أهم ما طرح فيه هو سحب الثقة، ولا مجال للحيلولة دونها». واستعرض الصدر الأسباب التي دفعته إلى توقيع بيان أربيل كما يأتي: «التوافق الوطني المُتمثّل بكل الأكراد وسنة العراق وبعض شيعته والأفعال التي صدرت من رئاسة الوزراء والتي لا تُفَسَّر إلا كما ذكرنا سابقاً، بأنَّها إقصاء وتهميش وبناء لدكتاتورية، والواعز الديني والعقائدي من أجل إنهاء مُعاناة الشيعة المُستقبَلي، والذي سينتج بسبب سياسة رئاسة الوزراء والحكومة، بل والتحالف الذي بات يقصي كل أنداده وشركائه أيضاً». وأضاف: «إنَّ ما يصدر من رئاسة الوزراء هو في نظر الآخرين يعكس صورة عن التشيّع، وبالتالي فإنَّ ما صدر من أذى أذى على التشيّع». وأورد الصدر أسباب عدم سحب الثقة من الحكومة بالقول: «هناك مقبولية للحكومة من قبل أميركا(...) وإنَّ الحكومة مقبولة بل أكثر من ذلك من قبل إيران (....) وإنَّ استمرارها (الحكومة) يعني الحفاظ على سورية (...) وإنَّ بقاء حكومة المالكي يعني استقرار العراق وبقاء كل شيء على ما هو عليه من وظائف ومشاريع وأفكار». وشدد على أن «أكثر ما لفت نظري هو قول مَنْ في طهران سواء قاسم سليماني وكذلك المالكي من أنَّ ذهابك إلى كردستان سيكون مُنقصاً لشعبيّتك. ولعل هذا ما حدث بعض الشيء». ولفت إلى أنَّ «المنطقة مُقبِلَة أو على شفا حرب طائفية طاحنة، يسقط فيها ما لا يعلم عدده إذا بقيت الأمور على هذا التشدّد وعلى هذه الحال لا سمح الله، خصوصاً أنَّ العراق مركز هذه الصراعات (...) فيجب أنْ يكون العراق مُنطَلَقاً لتحسين العلاقات الداخلية بين مكونات الشعب، ليكون قدوة للآخرين أنْ يُحسّنوا أوضاعهم، خصوصاً أنَّ التشدّد السني موعود بالحكم والسلطة». وزاد: «لا أريد التشعب بل أريد أنْ أبين أنَّ تحسين العلاقات الشيعية مع الأكراد والسنة في العراق قد يكون تحصيناً من تلك الحروب الطاحنة التي يتوجّس منها العراقيون». وختم الصدر روايته بتجديد تأكيده أنه في حال حصول «الشركاء في أربيل على 124 صوتاً لسحب الثقة من المالكي» فانه سيكون متمماً لهذا العدد «إذا عقد فخامة رئيس الجمهورية جلسة البرلمان من أجل التصويت، وفي حال سمح رئيس الوزراء بذلك».