فشل قائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، في تغيير قناعات رئيس إقليم كردستان، مسعود برزاني، وزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بشأن مطالبتهما التحالف الوطني بتغيير رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ببديل يختاره التحالف، كفالح الفياض أو بيان جبر الزبيدي المرشَّحين من قِبَل الصدر. وكشفت مصادر عراقية مطلعة ل «الشرق» أن سليماني وصل بغداد قادما من أربيل بعد لقائه رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني الذي أكد له عدم إمكانية التعامل مع رئيس وزراء ينقض العهود باستمرار خصوصاً مع الأكراد. وأشارت المصادر إلى فشل سليماني في إقناع برزاني بعدم التحالف مع القائمة العراقية ضد التحالف الوطني لسحب الثقة عن المالكي، وأفادت المصادر بأن برزاني أوضح لسليماني أن علاقات الأكراد تبقى قوية بجميع الأطراف في وطنٍ يُحكَم بالتوافق السياسي، وليس بديكتاتورية الأغلبية، في إشارةٍ إلى مفهوم يردده المالكي مفاده أن حكم الأغلبية ينبغي أن يسود العراق. وخلال وجود سليماني في بغداد لترتيب الاستعدادات الأمنية لاجتماع مجموعة 5+1، اجتمع بأكثر من شخصية سياسية عراقية من بينهم رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي، مشدداً على أهمية أن ينهي المالكي دورته التشريعية الثانية، وأن يترك جميع الأمور للحل إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة. خلاف سليماني والصدر وقام سليماني بزيارة النجف بعد انتهاء أعمال الاجتماعات الخاصة بالملف النووي الإيراني، واستقبله مقتدى الصدر في منزله في الحنانة وسط مدينة النجف الأشرف القديمة، يرافقه زعيم المؤتمر الوطني العراقي الدكتور أحمد الجلبي، ورئيس كتائب حزب الله العراقي أبو مهدي المهندس.وطلب سليماني من مقتدى الصدر بلغةٍ عصبية سحب ورقة الاعتراض على المالكي، فرد عليه زعيم التيار الصدري بالقول إن هذا الموقف لا يمثله وحده بل يعبر عن أغلب القيادات العراقية، كردية وسنية وشيعية، وسأله عن كيفية إدارة المالكي حكومة شراكة وطنية رغم اختلافه مع الجميع، فرد عليه الدكتور أحمد الجلبي بالقول: إن مراجع قم ومنهم أستاذه آية الله كاظم الحائري بإمكانهم إصدار فتوى شرعية تلزمه بعدم سحب الثقة عن المالكي، لكن الصدر، وهو ابن عائلة دينية معروفة في مدارس النجف الدينية، رد بأن الحائري إذا أصدر مثل هذه الفتوى فإنه سيتحول من رجل دين إلى علماني، وشدد على رفضه التدخل الإيراني في شؤون الحكم في بلده. وتؤكد المصادر أن الصدر أصدر فور خروج سليماني من منزله بيانا يحمل ختمه وتوقيعه، انتقد فيه اجتماع 5+1 الذي عُقِدَ في بغداد، وقال إن على الحكومة الالتفات إلى شعبها قبل الالتفات إلى جيرانها، مشددا على أن زج العراق في هذه القضية (الملف الإيراني النووي) أمرٌ خطير وغير مقبول بل ومرفوض. ائتلاف المالكي يتمسك بموقفه وفي ذات الإطار، فشل اجتماعٌ لائتلاف دولة القانون تزعمه المالكي شخصيا في منزله الجمعة، في الرد على رسالة ترشيح بديل له، وحسب المصادر انتهى الاجتماع إلى التمسك بموقف الائتلاف بترشيح المالكي عبر الآليات الديمقراطية من خلال التصويت داخل الهيئة العامة للتحالف الوطني، وبما أن الأغلبية في التحالف للائتلاف (87 عضوا من 162) يُضاف لهم عددٌ من نواب منظمة بدر، والمستقلون في الائتلاف الوطني، فإن أغلبية واضحة داخل التحالف الوطني ما زالت ترغب في بقاء المالكي رئيساً للوزراء، وإن كانت ترغب في الوقت ذاته في حل الخلافات مع بقية الكتل البرلمانية مثل نواب المجلس الإسلامي الأعلى وحركة الإصلاح التي يترأسها رئيس كتلة التحالف الدكتور إبراهيم الجعفري. ورداً على سؤالٍ ل «الشرق» عما يمكن أن تنتهي إليه آليات اختيار بديل للمالكي، قالت ذات المصادر إن الموقف الإيراني ما زال غير واضحٍ فيما يتعلق باختيار البديل على الرغم من سفر بيان جبر الزبيدي، القيادي في المجلس الأعلى وأحد الذين رشحهم مقتدى الصدر لرئاسة الحكومة، إلى طهران لمعرفة وجهة نظر المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله خامنئي، في هذا الموضوع، وهو الرجل الذي تطلق عليه الأحزاب الإسلامية الشيعية وصف «سيدنا الولي» للتعبير عن طاعتها لأوامره تحت عنوان عريض لما يعرف ب «ولاية الفقيه» التي تُطبَّق في نظام الحكم الإيراني وتعمل بها هذه الأحزاب في العراق.