أمير نجران يرعى حفل تخريج 3747 طالبًا وطالبة بجامعة نجران    الهندسة الاجتماعية في عصر الذكاء الاصطناعي    غرفة عمليات لاستقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي    «الهلال الأحمر» بالمدينة المنورة يفتح التسجيل للتطوع في موسم حج 1446ه    محافظ أضم يدشن فعاليات أسبوع البيئة تحت شعار "بيئتنا كنز"    جامعة أم القُرى تفوز بالمركز الأول في هاكاثون الذَّكاء الاصطناعي    رئيس مجلس الشورى القطري يصل الرياض    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر العسيري الذي تنازل عن قاتل شقيقه    محافظ الطائف يطلق ملتقى أفهموني لدعم أطفال وأسر التوحد    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان لدى المملكة    بنزيمة يكشف سر التوقف عن تنفيذ ركلات الجزاء    نائب وزير الخارجية يستقبل مساعد وزير الخارجية مدير عام إدارة الشرق الأوسط وأفريقيا بوزارة خارجية اليابان    أمير منطقة جازان يشرّف حفل أهالي فرسان    تعليم الشرقية يحقق مراكز متقدمة في ملتقى "الربيع" التدريبي 2025    السعودية والهند.. شراكة إستراتيجية وتعاون مثمر    رئيس وزراء جمهورية الهند يصل جدة في زيارة دولة للمملكة    أبطال الرياضات القتالية في السعودية متحمسون للموسم الثاني في جدة    الرئيس العام للهيئات يلتقي منسوبي فرع المدينة المنورة    قطاع ومستشفى النماص يُنفّذ فعالية "يوم الصحة العالمي"    قوميز: مواجهة الرياض "نهائي جديد".. ونركز على التفاصيل والخروج بأفضل نتيجة    بنزيما يحظى بإشادة عالمية بعد فوز الاتحاد على الاتفاق    رئيس جمهورية المالديف يستقبل إمام الحرم النبوي    الداخلية: تطبيق غرامة مالية تصل إلى (50.000) ريال بحق الوافد الذي يتأخر عن المغادرة عقب انتهاء صلاحية تأشيرة الدخول الممنوحة له    تمكين الأوقاف تحتفي بتخريج الدفعة الأولى من الزمالة المهنية في الأوقاف    انعقاد الملتقى السعودي الصيني لتعزيز التعاون والتبادل الأكاديمي في التعليم العالي ببكين    انطلاق منافسات ختامية مسابقة القرآن الوزارية بتنافس مائة طالب وطالبة بمكة اليوم    ارتفاع النفط إلى 66.62 دولارًا للبرميل    ضمن مساعي توفير المزيد من فرص العمل للمواطنين.. توطين41 مهنة في القطاع السياحي    مُحافظ وادي الدواسر يفتتح دراسة مساعدي مفوضي تنمية القيادات    رأس الاجتماع الدوري للجنة السلامة المرورية بالمنطقة.. أمير الشرقية: القيادة الرشيدة حريصة على رفع مستوى الأمان على الطرق    "فلكية جدة": لا صحة لظهور الوجه المبتسم بسماء السعودية    الذهب يتجاوز 3400 دولار للأوقية    الأمن العام يحذر: الرسائل المجهولة بداية سرقة    رائد فضاء يعود في يوم عيده ال70 إلى الأرض    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي في أكتوبر المقبل    إطلاق مبادرات مشتركة لخدمة المجتمع وترسيخ القيم.. الثقافة توقع اتفاقية مع "تيك توك" لتطوير مهارات المواهب    بعد وفاته.. حكم قضائي ضد حلمي بكر لصالح طبيب شهير    النصر والأهلي ضيفان على ضمك والوحدة    إعلاميون ل"البلاد": الأهلي مؤهل للتتويج ب" نخبة آسيا" بشروط!!    برشلونة يستضيف مايوركا في بروفة قبل الكلاسيكو    ولي العهد ومودي يبحثان التعاون الثنائي وتطورات الإقليم والعالم.. الرياض ونيودلهي.. علاقات راسخة في عالم متغير    ظاهرة الكرم المصور    تناقش التحديات الاقتصادية العالمية.. وزير المالية يرأس وفد المملكة في اجتماعات الربيع    فوائد    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية الوقاية من الجريمة (أمان ) بالمنطقة    هل ينتهك ChatGPT خصوصية المستخدمين    "تعليم الطائف" تحتفي باليوم العالمي للغة الصينية    تهديدات تحاصر محطة الفضاء الدولية    فرص الابتعاث الثقافي في قطاع السينما    ميغان ماركل متهمة بالسرقة الفكرية    فوائد اليوغا لمفاصل الركبة    قطاع ومستشفى البرك يُنفّذ فعالية "خطورة استخدام المضادات الحيوية"    قطاع ومستشفى بلّسمر يُنظّم فعالية "اليوم العالمي لشلل الرعاش"    ساعة الصفاة    مركز الدرعية لفنون المستقبل يفتتح معرضه الثاني "مَكْنَنَة"    محميات العلا.. ريادة بيئية    الهلال الأحمر: فتح التطوع لموسم الحج    أمير الرياض يضع حجر الأساس لمشروعات تعليمية في جامعة الفيصل بتكلفة تتجاوز 500 مليون ريال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حزب الله» ونهاية «نظام» الحرب الأهلية المُضمَرَة؟
نشر في الحياة يوم 05 - 08 - 2012

ليس في استخدام المفرقعات احتفاءً بفك الشيخ أحمد الأسير اعتصامه التراجي - كوميدي في صيدا في حضور وزير الداخلية، «مقابل» وعد معلن بجدية بحث الاستراتيجية الدفاعية، ولا في التسوية المطبوخة لإنهاء احتلال المياومين شركة الكهرباء، وطي تهديد إدارتها بالعتمة الكاملة عبر حل «وسط» بين الرئيس بري والجنرال عون، ولا في إظهار التماسك الشكلي للحكومة المُهدَّدة في أية لحظة بالتفجر الذاتي، ما يكفي للقول إن لبنان أدار الظهر لمساره المتعرج نحو الهاوية.
فهذه الظواهر وما يمكن أن تضمره من احتمالات افتراضية خطيرة تُنسَب طوراً إلى تهديد «السلم الأهلي» و «الفتنة» كما في حالة الأسير، وتارة إلى «الإخلال بالتوازنات الطائفية» و «انحلال الدولة» كما في مشكلة المياومين، وهي لا تزال قابلة لإعادة الإنتاج كل يوم.
ما لا يجعل الاحتمالات المذكورة واقعاً أو تضخيماً محضاً، عنصران:
الأول هو أن وقائع مشابهة لا تزال تُعامَل حتى الآن، وقبل حسم مصائر الانتفاضة السورية، كما لو أنها أدوات لتحسين المواقع والتحَوط والضبط تستخدمها الأجهزة والقوى السياسية استعداداً وانتظاراً لهذا الحسم.
الثاني هو أن لبنان الذي عاش بين إقرار اتفاق الطائف وخروج قوات الوصاية الأسدية تطبيقاً جزئياً للاتفاق بصفته سلماً طوائفياً نسبياً مشروطاً بتحكيم قيادتها وتحَكُمها بالمحاصصة ومواقع الطوائف استناداً إلى توافق إقليمي - دولي، يعيش منذ اعتصام قوى 8 آذار وحليفها العوني، حالة ابتزاز مُسلَّح بحرب أهلية كشفت في 7 أيار (مايو) 2008 عناصر عنف مادي ورمزي كافية للإيحاء بمداها ونتائجها الممكنة، ما جعل الاقتراب من الهاوية ممارسة عادية نسبياً.
وهو ابتزازٌ نجح في تحقيق أهداف متلازمة: فهو أدى أولاً إلى تحوير استخدام مفهوم الخطر على السلم الأهلي وجعله أداة قوننة لنظامٍ يُحِلُّ نسبة القوى العسكرية العارية محل الصراع ونسبة القوى السياسيين، فيما غدا ثانياً سقفاً مُستبطَناً وكابحاً للمقاربات السياسية، كما كرَّس ثالثاً تعطيل اتفاق الطائف كدستور وكخريطة طريق ممكنين لتأطير المشهد السياسي والدولتي اللبناني، ودفع رابعاً إلى تثبيت الاستقطاب الأهلي الحاد وتأصيله. فالحرب الأهلية كأفق هي فضاء عداء وعنف وليست فضاء تنافس سياسي سلمي.
لا شك أيضاً في أن تسَيُد نظام الحرب الأهلية المُضمَرَة لم يصادف «إجماعاً» لبنانياً فحسب بل عربياً ودولياً أيضاً. ونجم عن ذلك طمسٌ مقصود غالباً وعفوي أحياناً لأهمية وخطورة كل عنصر أو واقعة لا يتسببان احتمالياً في تهديد «السلم الأهلي»، وتوسيعٌ موازٍ لعناصر يجري إدخالها ضمن العناصر التهديدية ولو لم تكن لها أحياناً أية علاقة بالسياسة العامة.
وعلى سبيل المثال، بات عدم الاعتراف العملي بنتائج الانتخابات وبآليات اشتغال النظام البرلماني يُعامل كخطر ثانوي مقبول داخلياً وخارجياً، طالما أنه لا ينتج في صورة فورية ومباشرة توترات سياسية منسوبة إليها القدرة على التفجير. وهي القاعدة ذاتها التي طُبِقَت على خطر تهلهل مؤسسات الدولة وإداراتها العامة بفعل عدم احترام قوانين وقواعد تسييرها. وفي تراتبية الأخطار التي سهل هذا النظام إنتاجها، اعتبار استمرار تسلح الطرف المهيمن «عادياً» وأنه يمكن التعايش معه وهو ما كان وراء فلسفة إنشاء حكومتي السنيورة والحريري بعد انتخابات 2009. كما لا يُعتبر خطيراً بموجب المفهوم ذاته، التحاصص والفساد والهدر ومنع استقلال القضاء وتقلص الخدمات والمرافق العامة ونوعيتها وخصوصاً وجهة ترسيم المشهد السياسي وإعادة إنتاجه المتواصلة وانغلاقه على أي تطوير.
كما أن نظام الحرب الأهلية المُضمَرَة أعطى الحلفاء الإقليميين ميزات تفاضلية. والأهم أنه مُنِح مركزية تعيق قطعاً إنتاج شروط تقليص إمكانية هذه الحرب لأن مؤداه العملي هو تهميش السياسة وتضييق الفضاء العام إلى حدود الاقتصار على نقاش تسويات يومية دائمة لا تمنع مسار إلحاق الدولة التدريجي واستدخالها كعنصرٍ شرعنة لاحقة لسياسة الهيمنة.
الإشكال الآن أن هذا النظام يلامس نهايته بفعل سيرورة الانتفاضة السورية التي تقترب من انعطافة حاسمة. ويُعبر كل من الأطراف اللبنانيين عن ذلك بطريقته ووفق خياراته.
بدا ذلك واضحاً في اضطراب الحكومة التي بدأت قواها تجهر باختلافات مصالحها و «هوياتها» الأصلية وعَرَضِية أو إكراهية تحالفاتها التي ظلت مكتومة وخفيضة طالما دام توهمها بقدرة النظام الأسدي على الحسم وبقوة المحور الذي يضمه مع إيران و «حزب الله». فالخلاف بين رئيس المجلس النيابي والجنرال عون مثلاً لا يتصل جوهرياً بما يدَّعيه لنفسه من نزوعٍ إصلاحي وما ينسبه للثاني من فساد بمقدار ما يعكس حاجته إلى تجديد قاعدته وإمدادها بالشعارات والخدمات عشية انتخابات مقبلة وغداة تبينه فشل رهانه على دورٍ «مسيحي شرق أوسطي» أنهاه استمرار الانتفاضة السورية وحدود علاقته ب «حزب الله» الذي يصعب عليه مبادلة التغطية المسيحية التي يؤمّنها له بشق ما يعتبره معقله المذهبي المتماسك على مضض.
لكن الأكثر دلالة على انفراط نظام الحرب الأهلية المُضمَرَة وشعارها «وحدة الشعب والجيش والمقاومة» يتمثل في مستجدات الخطاب السياسي للرئيس ميشال سليمان وأبرزها تأكيده، في عيد الجيش، أن «لا شراكة مع الجيش والقوى الشرعية الرسمية في الأمن والسيادة واحتكار القوة التي هي حق حصري للدولة»، واستنتاجه أن «التغيير في البيئة المحيطة يجب أن يدفعنا لتحسين ممارستنا الديموقراطية» و «ممارسة دور أكبر وأكثر طليعية في ظل احتمال تبديل التوازنات الاستراتيجية». يضاف إلى ذلك الضيق الجنبلاطي المستجد الإعلان بموقف «حزب الله» في ملفي السلاح وسورية بعد تركيزه طيلة عام على نقد الأسد ونظامه. وهو ما استعجل «حزب الله» مناقضته بلسان أمينه العام بالقول «نحن ندَّعي أنّ السلاح عندما يصبح بإمرة الدولة فلن تستطيع أن تفعل شيئاً به». وتبع ذلك تسليم الأمن العام، ومديره قريب من الحزب، 14 معارضاً سورياً. ما يشي بأن الحزب قد يكون غادر حذره وحسم قراره باتجاه خوض معركة متزامنة لحفظ مكاسبه من النظام المفروض والمشاركة العملية في الدفاع عن الحليف الأسدي. وهذا، إن صحَّ، بابٌ لأخطار وأخطاء جديدة فادحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.