«ب15 يورو فقط تحصل على المسلسلات الآتية...»، ثم تنهال مشاهد من مسلسلات اميركية، بعضها يعد من تحف التلفزيون في العقدين الاخيرين. بهذه التوليفة المبسطة قليلاً، يسير الإعلان التلفزيوني الذي يعرض منذ اسابيع على شاشات التلفزيون الهولندي، والذي «يبشر» بوصول قنوات «إتش بي او» الاميركية الى السوق التلفزيونية الهولندية، إذ بدأت اخيراً ثلاث قنوات خاصة لهذه المؤسسة التلفزيونية بالبث عبر واحدة من اكبر شركات تزويد الكايبل الهولندية. ولا يختلف الاعلان التلفزيوني الهولندي كثيراً عن ذلك الذي عرضته شاشات قنوات «سكايب» البريطانية في الاشهر الاخيرة من العام الماضي، والتي خصصت قناة خاصة اطلقت عليها «الاطلسي» للعرض الحصري لمسلسلات قنوات «اتش بي او» الاميركية وبرامجها الاخرى في بريطانيا (بدأت بثها في نهاية العام الماضي). فمن الصعب بيع اسم «اتش بي او» وحده لجمهور اوروبي لا يعرف كثيراً عن القنوات الاميركية (تبث عبر اشتراك خاص في الولاياتالمتحدة، وتصل الى حوالى 30 مليون منزل هناك)، ولكن عندما تذكر مسلسلات مثل: «سبرانو»، «الجنس والمدينة»، «ستة اقدام تحت الارض»، وغيرها، فسيعرف كثر هذه المسلسلات التي عرضت في 150 بلداً، وجمعت جمهوراً وفياً جداً، كما تشير أرقام مبيعات اسطوانات ال «دي في دي» لهذه المسلسلات في اوروبا مثلاً. ولكن بدل الدخول في شراكة مع قنوات محلية، كما حدث في بريطانيا مع شبكة «سكايب» التلفزيونية، فضلت قنوات «إتش بي او» الاميركية الدخول المباشر الى السوق الهولندية، لتكون هولندا، الدولة الاولى في هذا الجزء من اوروبا الغربية، التي توفر هذه الخدمة الى مشاهديها، ولتنضم الى قائمة تضم 70 بلداً حول العالم، تصل اليها خدمة قنوات «اتش بي او» الدولية. وعلاوة على المسلسلات التي ستعرض على القنوات الثلاث الجديدة الخاصة بالسوق الهولندية، ستعرض مجموعة كبيرة من الافلام الطويلة والتسجيلية، من التي اشتركت المؤسسة الاميركية في انتاجها، او اشترت حقوق عرضها على قنواتها. كذلك ستعرض القنوات الثلاث الجديدة، مسلسلات وبرامج تعرض حالياً في قنوات «إتش بي او»، اي لم يعد من الضروري ان ينتظر المشاهد الهولندي، ان تشتري قنواته المحلية حقوق مسلسلات المؤسسة التلفزيونية الاميركية، بل سيشاهدها بعد ايام قليلة فقط من زمن عرضها الاول على الشاشات الاميركية. وعلى رغم السمعة الرفيعة لبرامج قنوات «إتش بي او»، وبخاصة لمسلسلاتها التلفزيونية، لكنها تواجه منافسة شرسة من قنوات اميركية، سعت الى تقليد النموذج الجريء الذي قدمته طوال عقدين من الزمن، بالبحث عن التجريب في الشكل وطبيعة المواضيع، لتقدم بدورها مسلسلات لا تقل جودة عما يقدم على شاشات «إتش بي او». فقناة مثل «اي ام سي» قدمت في السنوات الاخيرة، مسلسلات فاقت جودة وشعبية ما يعرض على شاشات «اتش بي او»، التي قررت ادارتها اخيراً الغاء مجموعة من المسلسلات بعد موسم واحد او موسمين من عرضها الاول، بسبب قلة إقبال الجمهور الاميركي، ورفض السوق العالمية، خصوصاً الاوروبية، على شرائها. ومرة اخرى، يؤكد التركيز على المسلسلات التلفزيونية في «بيع» اسم قناة ما في سوق اعلامية جديدة، الاهمية التي تملكها المسلسلات الدرامية او الكوميدية في دعم سمعة القنوات التلفزيونية التي انتجتها، لذلك ليس غريباً ان يكون التسابق على انتاج مسلسلات ناجحة بهذه الشراسة التي نشهدها منذ سنوات، ولا مستغرباً ابداً، ان تُنفق اموال طائلة لانتاج مسلسلات تلفزيونية، حيث شهد العام الماضي، انتاج المسلسل الأكثر كلفة في تاريخ التلفزيون، وهو الرقم الذي سيكسر على الارجح قريباً.