ارتقى الحديث الاسرائيلي عن ضربة عسكرية ضد ايران الى مستوى غير مسبوق، تساءل البعض فيه اذا كانت الضربة تقترب من نقطة الصفر، في ما كشفت تفاصيل عن الخطة الأميركية التي ناقشها وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا، مطلع الاسبوع في اسرائيل، وفيها ان الضربة ستنفذ بعد سنة ونصف السنة حيث سيتم ضرب المنشآت الإستراتيجية الإيرانية بصواريخ "توماهوك" يجري إطلاقها من حاملات طائرات في الخليج ثم بعد ذلك تقصف مقاتلات أميركية تنطلق من هذه الحاملات أهدافاً مختلفة لشل القدرات النووية والتقليدية الإيرانية. وتأتي هذه التفاصيل في ذروة النقاش الاسرائيلي اذا ستحسم اسرائيل بشان الضربة العسكرية، من دون انتظار قرار الولاياتالمتحدة بهذا الشأن. وبموجب التقديرات الاسرائيلية فان تأثير ضربة اسرائيلية سيكون محدودا ولن تقضي على المشروع النووي الايراني انما ستؤخره من عام الى عامين بحيث ستؤدي إلى عرقلة المشروع الإيراني بصورة تقنية لمدة عام حتى تصل فيه إيران إلى مرحلة تطوير القنبلة الذرية، وعام آخر للتغلب على التداعيات المختلفة للضربة الإسرائيلية والمتعلقة بعقبات لا يمكن تقديرها حاليا. وتناولت الصحف الاسرائيلية، اليوم، الملف النووي الايراني من مختلف جوانبه بالتركيز على الخلافات بين واشنطن وتل ابيب . ورأت صحيفة "هآرتس" ان اكثر من عامل من شانه عرقلة تنفيذ القرار الاسرائيلي بشان الضربة، اولها معارضة الإدارة الأميركية لشن هجوم في الوقت الحالي، لما قد تلحقه الضربة من اضرار بجهود الرئيس الاميركي، باراك اوباما، للفوز مجددا بالرئاسة . اما الخلافات الداخلية الاسرائيلية ومعارضة رئيس الحكومة، بنيامين نتانياهو، ووزير دفاعه، ايهود باراك، من تنفيذ الضربة، فتشكل العامل الثاني اذ ان كبار المسؤولين الامنيين والعسكريين يعارضون هذه الضربة ويدعون الى عدم التسرع وتنفيذها قبل الانتخابات الأميركية لتفادي وقوع خطأ استراتيجي في العلاقات بين إسرائيل والولاياتالمتحدة. ومع التصعيد المتواصل والمكثف لتهديد نتانياهو- باراك بتنفيذ الضربة، رغم المعارضة الأميركية لم يستبعد خبراء اسرائيليون ان الاثنين يديران حربا نفسية تهدف الى زيادة القلق الدولي والأميركي من عملية إسرائيلية، تدفع بالولاياتالمتحدة إلى تشديد العقوبات الاقتصادية الى حد يضطر قادة إيران إلى القبول بتسوية بشأن طبيعة مشروع إيران الذري، كما أن هناك من يرى أن التعامل المتواصل مع الموضوع الإيراني يحرر إسرائيل كليا من الضغوط الدولية على صعيد المسألة الفلسطينية، وفي الوقت نفسه يساعد في تخفيف حدة الاحتجاجات الاسرائيلية على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بحيث تتحول انظار الاسرائيليين الى الخطر الخارجي على الدولة العبرية وامنها .