لم يجد سعود المري وسيلة تخرجه من «الحصار» الذي يستحكم فرضه على المدخنين في مدن المنطقة الشرقية، إلا بمحاولة التوقف عنه، على رغم العلاقة «الطويلة» التي جمعته بالتبغ، والتي تناهز ربع قرن. دخن خلالها نحو 274 ألف سيجارة، بمعدل يومي 30 سيجارة، من أنواع مختلفة من السجائر، التي كانت الرفيق الدائم له، ولم تفارق جيبه طوال تلك السنوات. ويشرح المري، الذي اجتاز العقد الخامس من عمره، ما يسميه ب «حصار المُدخنين»، قائلاً: «أعمل في شركة «أرامكو السعودية»، التي تحظر حظراً تاماً التدخين في مرافقها، والويل لمن يفكر في إخراج سيجارة من علبتها داخل مكاتب الشركة، إذ ستفرض عليه عقوبات إدارية شديدة»، مضيفاً «أعود إلى المنزل، لأجد زوجتي وأولادي جميعاً، متفقين على عدم السماح لي بالتدخين داخل المنزل، وأنا لن أسمح لنفسي بأن أجعلهم مدخنين سلبيين، بأن أدخن في أماكن مُغلقة يرتادونها، ما يجبرني على التدخين خارج المنزل». وعلى رغم ذلك، استطاع المري، أن يتغلب على هذا الصراع، طوال السنوات الماضية، غير أنه ازداد أخيراً، فالحظر طال أماكن أخرى قبل نحو شهر، بينها المطاعم والمقاهي، إضافة إلى المجمعات التجارية الكبرى، وحي الإسكان العسكري، ومنطقة جسر الملك فهد، الواقعة في المنفذ الحدودي مع مملكة البحرين. واستغل سعود حلول شهر رمضان ليبدأ رحلة الإقلاع عن التدخين، مستفيداً من ساعات الصيام ال15، والتي يتوقف فيها عن التدخين، فيما استعان بحبوب تباع في الصيدليات، تساعد على الإقلاع عن التدخين، فيما يعتزم مراجعة عيادة للمساعدة على الإقلاع عن التدخين، فور انتهاء شهر رمضان المبارك. وخصصت مطاعم كبرى ومجمعات تجارية غرفاً خاصة للمدخنين، فيما يحق لها التقدم ببلاغ رسمي إلى الشرطة، ضد من لا يتقيد في قرار المنع، الذي أصدرته بلدية محافظة الخبر. فيما يتوقع أن يشهد هذا المنع توسعاً، ليشمل الدمام والظهران، بما يتوافق مع لائحة المطاعم الصادرة من وزارة الشؤون البلدية والقروية. وأكدت أمانة المنطقة الشرقية أنها تعتزم «تطبيق لائحة الجزاءات والغرامات في حدها الأعلى، من أجل حماية الصحة العامة، وتنفيذ الخطة الإستراتيجية، التي تهدف إلى ضمان الالتزام بمعايير نوعية الهواء الداخلي، ومنع التدخين في الأماكن المُغلقة، بهدف حماية صحة المجتمع بفئاته المختلفة من الأمراض والوفيات الناجمة عن الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب، والسرطان، وأمراض الجهاز التنفسي التي يسببها التعرض للتدخين القسري». وقامت جميع المطاعم في الخبر، بوضع لافتة توضح منع التدخين، وأكدت البلدية أنه سيتم «تطبيق غرامة قدرها ألفي ريال على كل مطعم يسمح بالتدخين داخله». ويقوم مجموعة من المراقبين، برصد المخالفات ميدانياً، وتطبيق الجزاءات. وأوضحت بلدية محافظة الخبر، أنها تهدف من هذه الحملة إلى أن تكون الخبر «خالية من التدخين، وبخاصة بعدما قام عدد من المجمعات التجارية أخيراً، بمنع التدخين داخلها، ما جعلها بداية لمنع التدخين في المطاعم، ومن ثم التوسع لتشمل الأماكن العامة كافة». وازداد الحصار المفروض على المدخنين، بعد صدور توجيه وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبد العزيز، قبل أيام، بالعمل بموجب الأمر السامي، القاضي بمنع التدخين في جميع الوزارات والمصالح الحكومية، والمؤسسات العامة، وتضمن التوجيه أنه «لما يترتب على التدخين من آثار سلبية على صحة الفرد والمجتمع، وما ينتج عنه من خسائر مادية ومعنوية، دعت الدول الكبرى المتقدمة التي توجد بها كبريات شركات صناعة السجائر، إلى أن تحارب هذه الظاهرة وبقوة. وتسعى إلى الحد منها، وحصر وتخصيص الأماكن التي يسمح فيها بالتدخين، وعدم السماح به في الأماكن العامة والمطارات وخلافها». وأكد وزير الداخلية، على «منع التدخين في الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة، وكذلك منعه منعاً باتاً في الأماكن المغلقة، والمقاهي والمطاعم والمراكز التجارية غير المكشوفة والأماكن المزدحمة. ويشمل ذلك الشيشة والمعسل، اللتين لا تقلان خطراً ولا ضرراً عن السجائر». وشدد على «منع بيع الدخان لمن هم أقل من 18 سنة لأي مبرر كان».