أثار إطلاق 16 إسلامياً بعفو رئاسي مدانين في قضايا إرهاب بينهم محكومون بالإعدام والسجن المؤبد، حالاً من الجدل في مصر وتساؤلات عن أولويات الرئيس محمد مرسي، خصوصاً مع استمرار اعتقال مجموعة كبيرة من شباب الثورة الذين حوكموا عسكرياً لمشاركتهم في تظاهرات تلت إطاحة الرئيس المخلوع حسني مبارك فيما لا يزال آخرون قيد التحقيق. وفي حين شكَّل مرسي لجنة للبحث في حالات المدنيين المحاكمين عسكرياً وإطلاق من تسمح قضاياهم، أصدر قراراً رئاسياً بالعفو عن قيادات في «الجماعات الإسلامية» انتظر بعضها سنوات تنفيذ حكم الإعدام، ما أثار حفيظة بعض القوى الشبابية التي طالبت مرسي بمعاملة شباب الثورة كما عامل قيادات الجماعات الإسلامية. لكن مصدراً في الرئاسة قال ل «الحياة» إن «تشكيل هذه اللجنة كان ضرورة في ظل زيادة أعداد المدنيين المحالين على القضاء العسكري وصعوبة فرز الحالات التي يحق إطلاقها من دون تشكيل هذه اللجنة التي حرص مرسي على أن تضم حقوقيين وشباب الثورة». وترد قوى ثورية على هذا بأن قوائم أسماء المعتقلين في التظاهرات موجودة وموثقة لدى مجموعات حقوقية عدة. وكان مرسي عهد إلى لجنة برئاسة القاضي أمين المهدي تضم مساعدين لوزير الداخلية ومسؤولاً في القضاء العسكري وقضاة وأساتذة قانون وحقوقيين، دراسة هذا الملف وموافاة الرئاسة بأسماء من يستحقون الإفراج عنهم لإطلاقهم. وقدَّمت اللجنة قائمة أولى بأسماء تضم أكثر من 570 اسماً لإطلاقهم قالت إنهم دفعة أولى من بين أكثر من 2000 مدني دينوا أمام محاكم عسكرية سيتم البحث في حالاتهم تباعاً. وشكا عضو اللجنة القيادي في حزب «التيار المصري» إسلام لطفي في مؤتمر صحافي من «تضييقات» مارستها وزارة الداخلية على اللجنة أثناء عملها، معتبراً أن «نظام مبارك ما زال يحكم في جهات عدة». وقال إن «اللجنة اضطرت إلى استقاء معلوماتها من المصادر الرسمية لأن المعلومات التي كانت متوافرة في منظمات المجتمع المدني عن المدنيين المحكومين عسكرياً لم تكن كافية والقضاء العسكري وافانا بمعلومات أكثر». وأضاف أن «بيانات القضاء العسكري أشارت إلى أن أكثر من 11 ألف مدني حوكموا أمام القضاء العسكري منذ اندلاع الثورة وأن 9 آلاف منهم برئوا ودين 2165»، موضحاً أن «اللجنة أعدت في أول فرز قائمة ب870 حالة ارتأت أنها تستحق الإفراج كدفعة أولى، لأنهم دينوا في جرائم لا تمس حقوق أفراد ولكنها معنوية بالأساس». وأشار إلى أن «اللجنة انتظرت أكثر من 10 أيام لتلقي تقارير الخطورة الأمنية من وزارة الداخلية عن هؤلاء ولكن من دون رد، وبعد فترة أجابت وزارة الداخلية بأن هناك مشكلات في قواعد البيانات عطلتها ما دفع اللجنة إلى توصيل الأمر لرئاسة الجمهورية التي لم تحرك ساكناً وبعد فترة أرسلت وزارة الداخلية أسماء غير مدرجة في الكشوف التي أرسلناها، وقالوا ان هؤلاء ظلموا قبل الثورة لماذا لا تضمونهم إلى عملكم، ما رفضناه لأن عمل اللجنة كان محدداً بفترة ما بعد الثورة وحتى تسلم الرئيس السلطة». وأضاف أن «وزارة الداخلية أرسلت تقارير متضاربة عن بعض الأسماء فضلاً عن عدم ممانعتها في إطلاق موقوفين قالت إنهم شديدو الخطورة ما رفضته اللجنة التي انتهت إلى إطلاق نحو 570 شخصاً». غير أن هذه الدفعات لم يتسن لأحد التأكد من إطلاقها كلها في ظل عدم نشر أسماء من شملهم العفو في الجريدة الرسمية، فضلاً عن أن شباب الثورة المحالين على القضاء العسكري لم يفرج عن أي منهم، إذ أنهم قيد التحقيق حتى الآن. وقال مسؤول في مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية» التي تتقصى مصير المدنيين المحاكمين عسكرياً، تحدثت إليه «الحياة» عبر هاتف المجموعة ورفض ذكر اسمه، إن «آلاف المدنيين ما زالوا في السجون على ذمة محاكمات عسكرية»، مشيراً إلى أن «المجموعة لم تستطع حصر الأعداد لأنها تكتشف يومياً حالات جديدة موقوفة، إما عبر تبليغ المجموعة بالحالة عبر الهاتف أو من خلال بعض المفرج عنهم الذين يبلغون عن أسماء زملاء لهم التقوهم في السجون». وأضاف أن المجموعة رفضت التعامل مع اللجنة التي شكلها الرئيس «لأن إطلاق المدنيين المحكومين عسكرياً وتمكينهم من الوقوف أمام قاضيهم الطبيعي لا يحتاج إلى لجنة... كان يحق للرئيس إصدار قرار بإطلاق المدنيين المحكومين عسكرياً». واعتبر أن تشكيل هذه اللجنة «محاولة للتسويف في تنفيذ تعهدات الرئيس». واستغرب عدم نشر قرار العفو الرئاسي متضمناً الأسماء والسجون التي يقبع فيها المعفو عنهم في الجريدة الرسمية حتى يتسنى لمؤسسات المجتمع المدني تقفي أثرهم، مشيراً إلى أن المعلومات التي ترد إليهم أنه تم بالفعل إطلاق سراح عدد من المدنيين المحكومين عسكرياً لكن لم يتم التأكد من إطلاق ال570 اسماً كلهم، فضلاً عن أنه لم يتأكد إطلاق أي من شباب الثورة الموقوفين على ذمة الأحداث التي تلت تنحي الرئيس المخلوع. ومعرف أن غالبية هؤلاء ما زالوا قيد التحقيق ولم تصدر ضدهم أحكام ومن ثم لم يشملهم قرار العفو.