تفاقم الخلافات بين إقليم كردستان وحكومة نوري المالكي في بغداد هو نتيجة سياسة المالكي التي يريدها تابعة لإيران كما أنه يرتكب أخطاء فادحة في تعامله مع الشركات النفطية العالمية. إن تمركز قوة من الجيش العراقي في منطقتي الخابور وزمار قرب الحدود مع سورية واعتراض قوة من البيشمركة على تمركزها تظهران أن رئيس الحكومة العراقية يريد منع انتقال الثوار السوريين إلى المنطقة حماية لنظام بشار الأسد. إن تبعية حكومة المالكي لإيران تجعله يدافع عن نظام هو أسوأ في الوحشية من نظام صدام حسين الذي قاومه المالكي. فصدام حسين كما بشار الأسد صفّى معارضيه من الشعب العراقي إلا أنه عندما سقط لم يكن هناك من يساعده كالمساعدات التي تأتي إلى النظام السوري من المالكي وإيران وروسيا والصين. وإدارة المالكي للعراق بالغة السوء. فالتعطيل السياسي مثلاً أدى إلى تأخر صدور قانون نفطي للبلد وأدى إلى توقيع شركات نفطية عملاقة مثل «اكسون موبيل» و «شيفرون» و «توتال» عقوداً للتنقيب عن النفط في إقليم كردستان وقد اشترت 35 في المئة من حصص «ماراتون» الأميركية للتنقيب في هذه المنطقة. فقد وقعت «اكسون موبيل» عقدي تنقيب في إقليم كردستان مما جعل المالكي يكتب احتجاجاً للرئيس أوباما الذي رد عليه بطريقة غامضة قائلاً إن الولاياتالمتحدة تؤيد وحدة واستقرار العراق. وأعلن المالكي بعد ذلك أنها رسالة تأييد له إزاء قيام «اكسون» بالتعاقد في كردستان ولكن سرعان ما أصدر البيت الأبيض تصحيحاً يؤكد استقلالية الشركات الأميركية وعدم تدخل الحكومة بما تقوم به. والحكومة العراقية أخرجت «اكسون» من إدارة مشروع كبير لضخ مياه في الحقول في الجنوب مما أخر انطلاقة هذا المشروع الضروري لحقولها. ومنذ بضعة أيام وقعت «شيفرون» عقدي تنقيب في كردستان والشركة النروجية «ستات اويل» تبحث أيضاً عن عقود هناك و «توتال» على وشك توقيع عقود تنقيب في منطقة كردستان وقد أبلغت الحكومة العراقية بنواياها. لا شك أن شروط العمل والعقود مع الشركات الأجنبية في جنوب العراق شجعت هذه الشركات النفطية الكبرى التي تبحث عن مكاسب على التعاقد في كردستان حيث هناك مناطق شاسعة للتنقيب وحيث شروط العمل أفضل بكثير من الجنوب. فعلى سبيل المثال انسحبت الشركة النروجية «ستات اويل» من مشروع في الجنوب وباعت مساهمتها فيه إلى الشركة الروسية «لوك اويل» وفضلت البحث عن عقود في الشمال في إقليم كردستان. وتقول الشركات انه طالما ليس هناك قانون نفطي في البلد فهي لا تعمل خارج إطار قانوني. فالخلاف أيضاً بين المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان وبغداد لن يرى حلاً مع سياسة المالكي في نشر قوات في المناطق المتنازع عليها لمنع دخول الثوار السوريين و «الجيش الحر» إليها كما أن شكوى بعض عناصر الأكراد من الجيش المركزي وتعرضهم للتهميش كلها أمور ستعزز النزاع بين الإقليم والحكومة المركزية. إن سياسة المالكي تزيد الانقسام في البلد. وواضح أن هناك عناصر كردية في حكومة المالكي لا تؤيد ما يقوم به بشار الأسد من قتل وقمع لشعبه. وقد ظهر ذلك في تصريحات ومواقف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري. إلا أن كلامه يختلف عن سياسة رئيس حكومته المتحالف مع النظامين السوري والإيراني على رغم التأثير الأميركي على العراق. ويظهر أن الهيمنة الإيرانية على المالكي أقوى من تأثير الإدارة الأميركية عليه أو أنها تخدم على المدى الطويل الولاياتالمتحدة التي لها مواقف مبهمة في عدد من الدول خصوصاً في ظل رئاسة أوباما. فعلى رغم حضور ما زال ملموساً في العراق تبدو الإدارة الأميركية وكأنها غير معنية بحلف المالكي مع إيران أو بمساندته لنظام بشار الأسد. والمالكي بسياساته يبدو كأنه يسعى إلى تشجيع تقسيم العراق وإبعاد إقليم كردستان. فهل هناك من يريد تقسيم العراق وربما المنطقة بأسرها؟