في الأيام الأخيرة، ارتقت إيران محور المناورة بين الصهاينة والمرشحين الأميركيين (للرئاسة في الولاياتالمتحدة). وزعم هؤلاء أن الخيار العسكري مع إيران وشيك. ومن غرائب الأمور إعلان رئيس حزب كاديما الإسرائيلي، شاوول موفاز، انسحابه من الائتلاف مع رئيس الحكومة نتانياهو، ورده الخطوة هذه (الانسحاب) الى مخالفته رغبة نتانياهو في توسل الخيار العسكري ضد إيران. في مثل هذه الأجواء، توسل الثلاثي الإسرائيلي الحاكم، نتانياهو، ووزير الخارجية ليبرمان، وباراك وزير «الحرب»، خطاب الحرب للدلالة علي رغبتهم فيها. فنتانياهو رأي أن خيار العقوبات الاقتصادية علي إيران غير ناجع، وطالب ليبرمان في بروكسيل بتعليق المفاوضات مع طهران، في وقت رأى باراك أن ضريبة المواجهة مع إيران النووية تفوق ضريبة الهجوم علي المنشآت النووية الإيرانية. وفي هذا الإطار، صادق باراك أوباما علي قانون رفع مستوى التعاون العسكري والأمني مع إسرائيل، وأشار إلي أن تفجير بلغاريا هو من الحوادث المؤلمة للمجتمع الإنساني، كأنه يؤيد اتهام المسؤولين الإسرائيليين إيران بالضلوع في تلك الحادثة. ودعا المرشح الجمهوري الأميركي، ميت رومني، منافس أوباما في الانتخابات الرئاسية الأميركية، إلي عدم استبعاد بلاده الخيار العسكري ضد إيران. وفي ضوء هذه الأجواء التصعيدية، يلاحظ أن الخلاف بين موفاز ونتانياهو هو مسرحية تبادل أدوار، علي رغم التنافس السياسي بينهما، في وقت لا يستهان بالأخطار التي تواجه هذا الكيان. فالتقارير الاستخباراتية الأميركية تتكلم عن نهاية الكيان الإسرائيلي في 2025، وتتنبأ بهجرة معاكسة من إسرائيل في الأعوام المقبلة. والحق أن إسرائيل ليست في وضع يخولها شن حرب على إيران. وهذا ما أقرت به الصحف الإسرائيلية. ويرى كثر في إسرائيل أن مواقف أوباما ورومني «الإيرانية» لا يعتد بها، فهي ترمي إلى استمالة أصوات اليهود الأميركيين فحسب. ولا تخفى المفارقة الأميركية على احد: أرقام الاقتصاد المتداعي في الولاياتالمتحدة لا تتماشى مع حجم المساعدة الأميركية لإسرائيل والبالغة 70 مليون دولار، ولا مع الوعود بمنحها مساعدة أخري مقدارها 3 بلايين دولار. ولا ريب في أن التلويح بالخيار العسكري الأميركي والإسرائيلي يعلن فشل الخيارات الأخري المستخدمة ضد إيران وإخفاق «الاستراتيجية الذكية» الغربية. والأهم في ذلك هو صمود إيران إزاء طبول الحرب والتصعيد. ووصف قائد الثورة الإسلامية حال إيران بأنها تعيش في أجواء حربي بدر وخيبر وليست في أجواء شُعب أبي طالب. لذا، لا يتستر الإسرائيليون على الخوف والهلع. والتجربة السابقة دلت إلي أن الأميركيين والإسرائيليين يجمعون على مشروع واحد إزاء إيران، هو التهديد والتصعيد إلى أقصى حد، ثم العودة إلى النقطة صفر لممارسة التصعيد مجدداً، وهكذا دواليك. * صحافي، عن «كيهان» الإيرانية، 30/7/2012، إعداد محمد صالح صدقيان